أسامة شبكشي.. رجل الدولة الذي هزمت عصاميته خشونة الحياة وقسوة الظروف
سيرة علمية ودبلوماسية حافلة بالإنجازات ومحفوفة بالتحديات، كُتب سطرها الأخير اليوم (الجمعة) التاسع من رمضان عام 1444 بوفاة أحد أشهر رجال الدولة المخلصين الدكتور أسامة شبكشي. الوزير والسفير السابق الذي وافته المنية في مدينة جدة عن عمرٍ يناهز الثمانين، قضى أغلبها في خدمة الوطن والإنسانية..
عصاميٌ طوى الموت فصول حياته المزدهرة، لكنه أبقى على سيرة عطرة ستخلد في ذاكرة السعوديين بصفته من أكثر الشخصيات التي تركت أثراً كبيراً في حقبته الوزارية والطبية..
ولد الفقيد الراحل عام 1943، وحصل على شهادة الثانوية في نوفمبر 1963، ونال درجة البكالوريوس في الطب من جامعة إيرلنجن في فبراير 1970، ثم الدكتوراة من الجامعة نفسها في فبراير من عام 1974.
نهمه العلمي لم يكن ليتوقف في وقتٍ كان شغفه بالمعرفة يزداد مع ازدياد رغبته في التخصص، حصل على الاستشارية في تخصص الأمراض الباطنية من مستشفى ليونبرج التعليمي أعقبها بدرجة الدكتوراة في الفلسفة من الجامعة نفسها في مارس 1976.
عاد إلى وطنه حاملاً معارفه وآماله لبدء قصص نجاح عظيمة، لينضم إلى عضوية هيئة التدريس في جامعة الملك عبدالعزيز بصفته عميدًا لكلية الطب حتى أصبح مديراً للجامعة.
في 1995 نال شبكشي الثقة الملكية بتعيينه وزيراً للصحة وبقي بها حتى عام 2003، ثم عين مستشارًا لخادم الحرمين الشريفين، قبل أن يختم محطاته بتعيينه في أغسطس 2004 سفيرا لخادم الحرمين لدى ألمانيا واستمر في المنصب حتى 2015.
تولى خلال حياته عدداً من المناصب والعضويات، أشهرها عضوياته في مجلس إدارة مركز الملك فهد للعلوم الطبية، ومجلس إدارة المستشفى الجامعي، ومجلس كلية الطب والعلوم الطبية.
كان أحد أكثر المواقف المؤثرة في حياته فقدان ابنه الوحيد «عبد المجيد»، الذي توفي في حادثة سير في محافظة جدة، في يوم كان الراحل يصفه بالأسوأ في حياته، هو أب لابنة وحيدة هي مايا.
روى الراحل معاناته في طفولته في كتابه الشهير
«أمجاد وأشهاد» حيث صارع الموت والمرض، مشيرًا إلى مولده بحارة المظلوم في منزل جده لأبيه، ثم انتقاله إلى المدينة المنورة وإصابته بالالتهاب الرئوي، الذي عرضه للكي طلبًا للعلاج، وصور الكاتب ما كان يجده من شظف العيش وخشونة الحياة، وعدم حصوله على النسبة المطلوبة للابتعاث، ما كبد والده يرحمه الله مشقة توفير مبلغ الابتعاث، فباع ساعته الذهبية بمبلغ زهيد، لينتقل إلى ألمانيا مُشرعاً باب التحديات على مصراعيه، حيث اضطرته الحاجة للجمع بين المثابرة في مهمته العلمية والعمل في بلد غريب، حيث اضطر للعمل بائع آيسكريم كما ذكر في كتابه، ثم عاملاً في إحدى المزارع فعاملاً في مصنع بسكويت.. إلى أن التحق بالعمل في مصنع للغواصات الألمانية..
أحدث تغييراً في كل محطة عمل فيها، حيث كانت إدارته للجامعة نقلة نوعية على مستوى هيكلتها وبنيتها التحتية، فيما ساهم في حلحلة وإزاحة الكثير من مشاكل وزارة الصحة.