إدارة توقعات الجمهور.. !
إدارة توقعات الجمهور اليوم عملية معقدة جداً، وأكثرها تعقيداً هو تباين وجهات النظر داخل المؤسسة الحكومية في تقدير الحالة، ونوع الجمهور، وتوقيت الإعلان، ونتائج المواءمة مع الجهات الأخرى، إلى جانب طبيعة السمات الشخصية للقائد في المنظومة، ومدى قدرته على تحمّل الضغوطات، والقدرة على اتخاذ القرار، وعدم الاستسلام للمرجفين بجانبه؛ الذين لا يزالون يعتمدون على ذاكرتهم المؤسسية لتخويف المسؤول من حالات سابقة، أو تضخيم التوقعات لتفويت الفرص وتحقيق المكاسب.
هذا المطبخ الصغير داخل المنظومة لإدارة التوقعات من أي قرار أو مشروع؛ هو الأخطر والأصعب في إعداد سيناريو الظهور الإعلامي للجمهور، وخصوصاً إذا لم يكن التحليل على قدر كبير من العمق والنضج المهني والعلمي؛ المبني على تقارير رصد وتحليل «الإحصاء الاستدلالي» لاختبار العلاقات، وليس «الإحصاء الوصفي» الذي يكتفي بأرقام النسب والتكرارات، والأهم هو تقدير التوجهات الحالية مع الرؤية المستقبلية للدولة، والانطلاق منها، والاعتماد عليها، والاستمرار باتجاه صناعة رأي عام يحتفي بالتغيير الذي هو أساس التطوير والتقدّم.
القاعدة الرئيسة؛ التي ننطلق منها في إدارة توقعات الجمهور، هي توفر عناصر التهيئة الاستباقية لمجتمع الأزمة قبل اتخاذ القرار، ومن ذلك توحيد السياسات، وتحديد الأدوار، وتحضير المعلومات، وتنويع الخيارات، والتحليل المعمق وفق مدخلات تحليل الوضع الراهن، إلى جانب إعداد خطة الظهور؛ وتتضمن إعداد الرسائل الرئيسة، والجمهور المستهدف، والإجابة على التساؤلات المتوقعة، والتعامل مع التحديات المحتملة، والأزمات المفتعلة، والحلول المقترحة، ومؤشرات التدخل الإعلامي ومستوياته، كذلك وهذا أمر مهم أن كل هذا الجهد هو للتقليل من ردود الفعل السلبية وليس لمنعها.
ولتحقيق ذلك؛ نقترح في كل هيكل لإدارة الإعلام والعلاقات العامة أو التواصل المؤسسي في القطاعات الحكومية، تأسيس وحدة جديدة بمسمى «إدارة التوقعات الإعلامية»، وتكون مهمتها الرئيسة هي دراسة وتحليل جمهور المنظمة، واتجاهاتهم، واحتياجاتهم، وردودهم، كذلك الحال بالنسبة لوسائل الإعلام، وتستنتج من كل ذلك رؤية عميقة في إدارة توقعات الجمهور ووسائل الإعلام، وتقدِّم رأيها للمسؤول بحيادية ومنهجية علمية بعيداً عن الاجتهادات والقراءات الشخصية.