بالنسبة إلى أغنى رجل في العالم.. الأمريكي الجنوب أفريقي إيلون ماسك، ليس ثَمَّةَ مستحيلٌ؛ فقد غزا العالم بفكرة السيارات الكهربائية، وما لبث أن أقام شركة للقيام برحلات فضائية.. ستجعل التحليق في الفضاء نزهة جميلة لمن يستطيعون إلى ذلك سبيلاً. وأوغل في التفكير غير التقليدي إلى درجة إنشاء شركة مهمتها أن تنجح في زراعة شريحة إلكترونية في دماغ الشخص المصاب بالشلل (الفالج) فينهض، والأعمى فيبصر. وهي فكرة نبيلة، لكن سبيل ماسك إلى تحقيقها لا تزال متعثرة؛ فقد أعلنت هيئة الغذاء والدواء الأمريكية، أخيراً، رفضها السماح لشركة نيورالينك، التي أسسها ماسك لهذا الغرض، بإجراء تجربة سريرية لتحقيق هدف متواضع: تمكين الشخص المعاق من الطباعة! وكان ماسك قال نحو أربع مرات منذ سنة 2019 إن (نيورالينك) ستبدأ قريباً تجربة لغرس شريحة إلكترونية في الدماغ لمعالجة حالات ميئوس منها، كالشلل والعمَى. غير أن الشركة التي أسست في 2016 لم تتقدم بطلب إجراء التجربة السريرية إلا في مطلع 2022. ونقلت (رويترز) عن موظفين سابقين في الشركة أن هيئة الغذاء والدواء ردت على الشركة بأن هناك عشرات القضايا التي يتعين على الشركة أن تعنى بمعالجتها قبل بدء أي تجربة سريرية على إنسان. واتضح أن أكبر الشؤون التي تثير قلق الهيئة بطارية الليثيوم المستخدمة في الشريحة التي سيتم غرسها في الدماغ. كما أن الهيئة قلقة من أن الأسلاك الدقيقة التي سيتم غرسها في الدماغ لتوصيل الشريحة قد تتحرك صوب أرجاء أخرى من الدماغ. وأبدت الهيئة تساؤلات حول ما إذا كان ميسوراً إزالة الشريحة الإلكترونية من الدماغ، وكيفية تحقيق ذلك، من دون إلحاق أي قدر من الضرر بأنسجة الدماغ. وعلى رغم أن ماسك قال في 30 نوفمبر 2022 إنه يتوقع الحصول على موافقة هيئة الغذاء والدواء على طلب (نيورالينك) خلال ربيع 2023؛ إلا أن موظفين بالشركة استبعدوا احتمال تحقق ذلك، لأن الشركة تعكف على الرد على القضايا التي تثير قلق هيئة الغذاء والدواء. ورجحوا أن ذلك سيستغرق وقتاً أطول. ولم تعلن (نيورالينك) ولا هيئة الغذاء والدواء رفض الموافقة على طلب الشركة. وعلى رغم أن رفض الهيئة السماح لنيورالينك ببدء تجربتها السريرية؛ فإن ذلك لا يعني أنها حكمت بالإعدام على طموح ماسك وشركته، لكن من المؤكد أنها لن توافق ما لم تتلق ردوداً مقنعة في شأن قضايا السلامة التي عللت بها رفضها. ويرى خبراء مختصون في عمليات الموافقة على الآلات الدقيقة المطلوب غرسها في الجسم البشري أن غالبية الشركات المهتمة بهذا المجال تتخلى عن فكرتها بعد محاولتين أو ثلاث محاولات للحصول على موافقة الهيئة، لأن الاستجابة لمطالب الهيئة في شأن ما يثير قلقها تتطلب عادة وقتاً أطول. كما تتطلب إنفاق مزيد من الاستثمارات في الأبحاث، وهو أمر يشكل حاجزاً لتلك الشركات. وذكرت رويترز أن من تحدثت إليهم من خبراء وموظفين سابقين في نيورالينك عزوا الأمر إلى طريقة الإدارة التي ينتهجها ماسك وشركاته. فهو دأب على وضع أهداف محددة لتحقيق «اختراقات»؛ وفقاً لجدول زمني محدد. وهو أمر يمكن تجاوزه في ما يتعلق بصناعة السيارات وغيرها. لكن حين يتعلق الأمر بأجهزة تزرع في الدماغ أو أي عضو في الجسد، لن تكون الموافقة التنظيمية أمراً سهلاً. ويقول رجال أعمال استثمروا أموالاً في مشاريع ماسك الطموحة: إنهم واثقون من أنه سيتفرغ للاستجابة لكل ما يعترض مسار خططه، إلى أن تكلل مشاريعه بالنجاح، مثلما حدث بالنسبة إلى إنتاج سيارة تيسلا، وإطلاق صواريخ شركة إكس سبيس. وقال ماسك إنه يتصور أن يقبل مرضى وأصحّاء على مرافق شركة نيورالينك للخضوع لعمليات زرع شرائح إلكترونية، لا يستغرق غرسها وقتاً يذكر، لأغراض تراوح من علاج السمنة، إلى علاج التوحّد، والاكتئاب، وانفصام الشخصية. وتكهن ماسك في يوليو 2019 بأن نيورالينك ستحصل على موافقة هيئة الغذاء والدواء على تجربتها السريرية بحلول نهاية 2020. وفي فبراير 2021 أطلق ماسك «تغريدة» أكد فيها أن نيورالينك تعمل جاهدة لضمان مأمونية شريحتها بعد غرسها في الدماغ، وبتواصل وثيق مع هيئة الغذاء والدواء. وتوقع بأنه إذا مضت الأمور على ما يرام، فمن الممكن أن تبدأ الشركة تجربتها السريرية في وقت لاحق من 2021. وفي أبريل 2022 قال ماسك، في مقابلة، إن شركته تتطلع لموافقة الهيئة على إجراء تجربة على البشر خلال السنة نفسها. وكتب «مغرِّداً» في نوفمبر 2022 إنه واثق من أن شريحة نيورالينك أضحت جاهزة للغرس في دماغ بشري، ولم يعد أمامها سوى انتظار موافقة هيئة الغذاء والدواء. وأضاف أنه يتطلع للحصول على تلك الموافقة في غضون 6 أشهر. وزاد أن الشريحة الإلكترونية أضحت مأمونة إلى درجة أنه لا يمانع في أن تستخدم على أنجاله. وأضاف: قد تكون شريحة نيورالينك مغروسة في دماغي الآن لكنكم لن تعرفوا شيئاً عن ذلك. وزاد: قد تصبح قادراً على حفظ وإعادة تشغيل ذكريات… ويعتقد أن الاستثمار في نيورالينك تجاوز مليار دولار. وفي فبراير 2022، قال نائب رئيس نيورالينك للشؤون الهندسية دونغجن سيو إن هدف الشركة على المدى القصير متواضع جداً، وهو غرس تلك الشريحة لمساعدة الشخص المصاب بالشلل على التواصل من خلال نصوص بالكمبيوتر من دون حاجة إلى طباعة تلك النصوص. وأوضح أن تمكين المشلول من التحرك، وإعادة البصر للأعمى يعدان هدفين بعيدي المدى للشركة.
تتنافس شركات عدة في مجال استخدام شرائح إلكترونية لمعالجة مشكلات صحية مستعصية؛ فهناك شركة سينكرون، التي حصلت في يوليو 2021، بعد خمس سنوات من الانتظار، على موافقة هيئة الغذاء والدواء الأمريكية على تجربة شريحة في دماغ المصابين بالشلل الكامل لمساعدتهم في التحكم ببعض الأجهزة الرقمية. وتمكنت سينكرون من غرس شريحتها في أدمغة 4 مرضى في أستراليا، نجحوا في إرسال رسائل نصية من أدمغتهم، من دون طباعة. وهناك شركة ميدترونك المتخصصة في صنع أجهزة لاستثارة الدماغ. ونجحت ميدتروزنك منذ سنة 1997 في غرس شريحتها الإلكترونية في أكثر من 175 ألف شخص يعانون من مرض الشلل الرعاش (باركنسون)، تقوم الشريحة بخفض الارتعاشات، وتقليص الأعراض العصبية الأخرى لدى مرضى ياركنسون، كبطء حركة العضلات. وهناك شركة نيوروبايس، التي أسست في 1997، ولم تحصل على موافقة الهيئة على زرع شريحة لمعالجة مرضى الصرع إلا في سنة 2013. كما أن هناك شركة بلاكروك نيوروتك، التي أسست في 2008 وظلت تختبر منذ عقدين شرائح إلكترونية في الدماغ لتمكين مرضى الشلل من التحكم بأجهزة رقمية، وأطرافهم الصناعية، والتحكم في أعضائهم، لكنها لم تحصل حتى الآن على موافقة الهيئة على السماح لها بتسويق شريحتها الإلكترونية.
جولة «» في سوق الأدوية الجديدة
• أعلنت شركة ميرك الدوائية الأمريكية، أمس الأول، أن بيانات مرحلة متقدمة من تجربة سريرية على دواء تجريبي ابتكره علماؤها لتمكين المصابين بارتفاع ضغط شرايين القلب والرئتين من ممارسة المشي مسافة أطول أثبتت قدرته على تحقيق تلك الغاية. وأوضحت أن دواءها المسمى سوتاتيرسيبت نجح، مع استخدام علاج إضافي، في تمكين المريض من المشي مسافة 40.8 متر في ست دقائق. وزادت ميرك أن دواءها المذكور حقق تحسناً ملموساً في 8 من الأهداف الثانوية الـ9 التي وضعتها؛ ومنها خفض احتمالات الوفاة، ومنع تدهور صحة المضاب بنسبة 84% قياساً بالأشخاص الذين تم إعطاؤهم دواء وهمياً أثناء التجربة السريرية. وتوقع خبراء أن تصل مبيعات ميرك من هذا العقار إلى ما يراوح بين 3 و4 مليارات دولار.
• ذكرت بلومبيرغ أمس (الثلاثاء) دراسة حديثة أكدت أن الجرعات التعزيزية المحدّثة من لقاحات كوفيد19 يبدأ مفعول حمايتها في التآكل بعد شهرين فحسب من الحصول عليها. وكانت دراسات سابقة أكدت قدرة الجرعة التنشيطية المحدّثة التي أنتجتها شركتا موديرنا وفايزر على حماية البالغين الأكبر سناً من مخاطر استفحال إصاباتهم بكوفيد19، لكنها لم تحدد إلى أي مدى يمكن أن تدوم تلك الحماية.
• أعلنت شركتا أسترازينيكا البريطانية وداييشي سانكيو اليابانية أن بيانات المرحلة الثانية من تجربتهما السريرية على عقار «إنهيرتو» أكدت قدرته على تحقيق هدفه الرامي لمعالجة سرطان الثدي المتقدم. وأضافتا أن الدواء أثبت قدرة أيضاً على معالجة سرطانات المثانة، والمبيض، والحوض، والبنكرياس، وأنواع نادرة من السرطان.