إعلانات مخادعة!
وضربوا مثالاً لأحد المشاهير الذي ظهر وهو يعرض تجربة حية لمنتج تجميلي، يدعي بأنه يغير لون المناطق الحساسة، وأشاروا إلى أحد المشاهير الذي يروّج لعطور مقلدة تهيج الجيوب الأنفية، وصولاً إلى تلك المشهورة التي تروج لزيت إطالة الشعر، وتزعم استخدامه وهي تعرض كل عبوة جديدة لم تفتح بعد؛ الأمر الذي يثير استهجان المشاهدين.
وأفادوا أن تلك الممارسات تعد غشاً فاضحاً يستدعي وجود وعيٍّ لدى المستهلكين بكون مثل تلك الإعلانات مجرد وسيلة للكسب يبحث من ورائها المشهور عن الحصول على مبلغ مالي لا يساوي مصداقيته المفقودة.
وطالبوا بوقفه حازمة من الجهات المختصة بسن قوانين وأنظمة تنظم مثل تلك الموجة التي ركبها المشاهير للبحث عن الإعلانات بغض النظر عن أي اعتبارات أخلاقية أخرى.
البحث عن زيادة الدخل المادي
قال نواف آل سالم: «إعلانات مدعي الشهرة بدأت تأخذ منحىً آخر؛ بسبب كونهم يبحثون عن زيادة مدخولهم المادي من ورائها بغض النظر عن المحتوى الذي يقدمونه للعامة، ودون مراعاة للفئات التي تتابع وسائل التواصل الاجتماعي، إذ إن بعض تلك الإعلانات خادشة للحياء، وتروِّج لسلع مقلدة أو عديمة الفائدة؛ لذا يجب تدخل الجهات المسؤولة عن رقابة محتوى المشاهير لتضع ضوابط مقننة، مع تدخل الجهات الرقابية المسؤولة عن تلك المنتجات لتوضح للعامة مدى مصداقيتها ووضع ضوابط لكيفية الإعلان عنها».
وذكر عادل العتيبي الذي كان ضحية للهث المشاهير خلف الربح المادي، أنه اشترى ذات مرة عطراً من أحد إعلانات المشاهير وكان ذلك المشهور يروج لثبات العطر وبقاء رائحته مدة طويلة، بيد أنه اكتشف أن رائحة العطر النفاذة لا تدوم إلا دقائق، فضلاً عما سببته له من تحسس في الجيوب الأنفية.
ولفت إلى أن شراء بعض من الجماهير تلك السلع يأتي بسبب عرض مشاهير لمقاطع مصورة للترويج لتلك السلع لهثاً وراء المال.
ادعاءات مشاهير وأسلوب التسويق
قال الباحث الاجتماعي ياسر العقل: «البحث عن الشهرة والمال أصبح هوساً لدى البعض؛ وهو الأمر الذي يدفعهم إلى اتخاذ أي وسيلة تدر عليه دخلاً ماديّاً، حتى إن كان ذلك على حساب ثقة الناس أو فقدان المصداقية».
وأضاف: «الشهرة أمر مرغوب ومطلوب، لكنه لا يعني أن يكون بهذه السلبية أو الصورة السيئة التي يخرج بها بعض المشاهير؛ للترويج لأي سلعة والإلحاح بكثرة على متابعيهم من أجل شرائها، بل وإيهامهم بأنها الحل السحري لحاجاتهم؛ ما يعزز سلوك التسوق السلبي لدى المتابعين ويدخلهم في دوامة الشراء دون حاجة، والرابح الأكبر من هذه العملية هو التاجر صاحب السلعة والمشهور الذي روج لها».
وأشار إلى أن مثل تلك التصرفات لا بد أن تجابه بوعي حقيقي لدى المستهلك من حيث بحثه عن الجودة والضمان والتجربة، إذ ينبغي عليه ألا ينساق خلف ادعاءات المشهور وأسلوبه التسويقي، بل يبحث عن السلعة التي يحتاجها بحق أن تكون من مكان موثوق ولها سمعتها الحسنة في الأسواق.
تجاوزات في المصطلحات الجاذبة
أوضح عضو هيئة التدريس بكلية الفنون والعلوم الإنسانية بجامعة جازان والمتخصص في الإعلام الرقمي الدكتور حسن أبو شريفة، أن منصات التواصل الاجتماعي تعتمد على نموذج العمل التشاركي، الذي يسمح للمستخدمين ببناء قواعدهم الجماهيرية وتحقيق الدخل من خلال الإعلانات عن المنتجات وتسويقها بأحدث الأساليب والطرق.
وأفاد بقوله: «في السنوات الأخيرة اتسع نطاق مشاهير التواصل الاجتماعي الذين يلهثون وراء تقديم الإعلانات، التي بلغت أرقاماً فلكية للمعلنين، مقابل تحقيق الانتشار لتلك المنتجات في منصات التواصل الاجتماعي، ونتيجة لذلك اللهث المستمر وراء الأموال ظهرت أخيراً بعض التجاوزات في استخدام المصطلحات الجاذبة في الإعلان عن بعض المنتجات التجميلية أو المنتجات الخاصة بشكل لا يتوافق مع التشريعات والقيم الاجتماعية، بل إن بعض تلك المصطلحات يحمل في طياته ايحاءات خادشة للحياء في تسويق المنتجات المعلن عنها من قبل بعض مشاهير التواصل الاجتماعي.
ضبط الممارسات الإعلانية والتسويقية
وبين المتخصص في الإعلام الرقمي الدكتور حسن أبو شريفة، أن الاكاديمي والمثقف الأسترالي جون هارتلي يقول: «يعمل المشهور المصغر كعلامة تجارية متحركة للمنتجات»، وهذا ما هو عليه أغلب المشاهير في العالم الغربي الذي لا يعترف إلا بالمادة وتحقيق الأموال، فهذه الممارسات هناك قد تجاوزت كل الحدود في تجربة المعلنين للمنتجات الخاصة واستعراض تجاربهم للمنتجات على منصات التواصل الاجتماعي، معترفين فقط بما يحقق بالأرقام والمشاهدات».
وأضاف: «التشريعات التنظيمية وضعت لضبط مثل هذه الممارسات الإعلانية والتسويقية التي تتضمن مخالفات تخدش الحياء، وتهدم القيم، وتعمم هذه الممارسة تجاه الإعلان عن المنتجات الخاصة وتسويقها بطرقٍ هدامة للمبادئ والقيم الأخلاقية، وتحاول أن تشرع لمثل هذا النوع من الاستخدام للمصطلحات أو استحداث الممارسات واستعراض وترويج المنتجات بشكل مخالف، ضاربةً بقيمنا الاجتماعية عرض الحائط، وهنا يأتي دور الهيئة العامة لتنظيم الإعلام في الوقوف حصناً منيعاً ضد هذا الاستخدام المخالف للإعلانات الرقمية وتسويق المنتجات بالطرق والممارسات المخالفة وتطبيق العقوبات المباشرة التي تتضمن إيقاف الرخصة الإعلانية وتطبيق الغرامات الرادعة».
عقوبات الإعلام المرئي والمسموع
أكد الدكتور المحامي عبدالله شرقاوي، أن المحتوى الذي نُشر عن تفتيح المواقع الحساسة من جسم الإنسان هو مخالفة صريحة للنظام ويعاقب عليه نظام الإعلام المرئي والمسموع، الذي ورد في مادته الخامسة الفقرة الثالثة عشرة ما نص عليه بعدم عرض المحتوى الإعلامي المخل بالآداب العامة، أو الذي يظهر العري واللباس غير المحتشم، أو يثير الغرائز أو الذي يستخدم لغة مبتذلة.
وقال: «لو وقع أي من المشاهير في ما يخالف النظام سواء عند الإعلان عن منتج أو عند طرحه لأي محتوى مخالف فسيكون معرضاً للعقوبة التي نص عليها نظام الإعلام المرئي والمسموع في المادة السابعة عشرة، التي جاءت على النحو التالي: غرامة لا تزيد على 10 ملايين ريال، الإيقاف عن مزاولة المهنة لمدة لا تزيد على ستة أشهر، إلغاء الترخيص، ويكون تحصيل الغرامة مشمولاً بالنفاذ المعجل، وللهيئة استعادة أي عائد مالي حصل عليه المخالف نتيجة المخالفة، وتضاعف الغرامة المحكوم بها أو المقررة في حال تكرار المخالفة، أو استمرارها، أو عدم تصحيحها خلال المهلة التي تحددها الهيئة، ويكون بهذا الفعل خالف صريح النظام لهذا الفعل».