اتفضلي يا عسل !
فكل ما أريده وأبحث عنه هو أن أتأكد أنكم تقضون يوماً هادئاً وتبحثون عن مقالي دون تذكيركم، وإن أهملتم ذلك بقصد أو من غير قصد فأسأل الله أن يتسلل إليكم عبر منازلكم، وهواتفكم، وشاشاتكم، وحتى أحلامكم.
لأننا (معشر الكُتّاب) نؤمن بأن راحتكم مجرد تفصيل جانبي، فنسوق لكم الكلمات ونبيعها عليكم، علكم تُصدقون وتشترون منها الحرف التاسع والعشرين.
فلماذا نترككم وشأنكم تستمتعون بيومكم دون أن (نُنغص) عليكم قليلاً؟ ونغرقكم بأخبار ومقالات معظمها «يسد النفس» وبعضها يبعث البهجة ويرسم البسمة على وجوهكم السِمحة و(الكِشرة) كذلك.
فالدنيا كلها قائمة على فن التسويق، والكُل يلاحق الكُل إما بمكالمات هاتفية عشوائية، وغالباً ما تكون هذه المكالمات في أوقات غير مناسبة ودون رغبة من العميل، مثل اتصالات شركات الاتصالات لتقديم عروضهم، أو اتصالات البنوك للتسويق لمنتجاتهم، أو استلام رسائل ترويجية مزعجة من الشركات دون إذن مسبق، غير مبالين أن التسويق الفعّال يتطلب احترام خصوصية العميل وإيجاد طرق ذكية لجذب اهتمامه بدلاً من إزعاجه!
وتظل كل أساليب التسويق المُملة والمُزعجة في (كوم)، ومسوقو العطور في المولات في (كوم) آخر!
لأن وضعهم في الحقيقة أصبح لا يُطاق، ولا بد من منعهم من مغادرة الأكشاك ومناداة الناس وملاحقتهم.
لأنك يا عزيزي المُتسوق سوف تشعر وكأنك (مُطارد) أكثر من كونها مجرد دعاية أو تسويق لمنتج.
ففي البداية ستلاحظ أن شاباً أو فتاة يحملان زجاجة عطر ويقتربان منك، ثم تجد نفسك محاطاً ومحاصراً بعبارات مثل: «مرحباً، ممكن دقيقة»، أو «جرب هذا العطر ترى عندنا عروض»، وغيرها من العبارات المملة، هذا غير إن صادفت مُسوقاً (ملقوفاً) لا يراعي أن البعض يعاني من ربو أو حساسية أو (ماله خلق) أساساً يشم عطوركم وأنتم (تبخبخون) على الناس!
وأيضاً كله (كوم) وما حدث معي (كوم) آخر؛ فقد كنت في أحد المولات الأسبوع الماضي للتسوق، وصادفت مثل هذه العينات ولكن كان أغلبهن نساء، وواحدة منهن نادت عليّ قائلة: «اتفضلي يا عسل.. خذي فكرة عن عطورنا»، ولكني مشيت ولم أرد عليها لسببين:
أولهما أنني لا أريد، والسبب الثاني والأهم إني أكره كلمة (يا عسل) هذه ولا أحب أن أسمعها، أحس اللي اخترعها هو نفس الشخص اللي يقول (يا قلبو).