الاستعباد الحديث آفة متجددة في البرازيل
تمكنت الشرطة في البرازيل من تحرير 207 أشخاص يعملون في جمع العنب في بينتو غونسالفيس، حيث كانوا يتعرضون لصدمات كهربائية وضرب وتهديدات بالقتل، في أحدث فضيحة عمل أشبه بالسخرة تهز البلد الأميركي اللاتيني.
يقول نائب مدير التنسيقية الوطنية للقضاء على السخرة المحامي إيتالفار مدينا لوكالة فرانس برس «يزداد عدد الأشخاص العاملين في ظروف شبيهة بالعبودية».
تضاعف عدد الأشخاص المحررين من نير أرباب عمل مجرمين خلال عامين، وارتفع من 936 شخصا في العام 2020 إلى 2075 في العام 2022، وفق بيانات تفتيش العمل الرسمية.
وبدأ العام 2023 بتحرير 207 أشخاص في بينتو غونسالفيس خلال عملية أمنية نفذت بعدما نددت مجموعة فارين بظروف العمل المهينة هناك.
وتشير وزارة العمل إلى أن جامعي العنب وظفوا على بعد ثلاثة آلاف كيلومترات من بينتو غونسالفيس، في ولاية باهيا، من قبل شركة توفر يدا عاملة لثلاث شركات كبيرة لإنتاج النبيذ في منطقة بينتو غونسالفيس التي تشتهر بنبيذها الفوار المبيع في جميع أنحاء البرازيل كما في الخارج.
«نتيجة لنموذج اقتصادي قاتل»
أفادت شهادات مروعة نشرتها الوزارة ووسائل إعلام محلية بأن عمال جمع العنب تعرضوا لصدمات كهربائية لإيقاظ العمال عند الفجر ولضربات بهراوات أو بأعواد مكانس ولتهديدات بالقتل من خلال القول لهم «المواطن من ولاية باهيا الجيد هو المواطن الميت».
وكانوا يتكدسون في مستودع وكان الطعام الذي كانوا يقدمونه لهم في الكروم غير صالح للأكل لأنه يتعرض لأشعة الشمس لساعات.
لذلك، إذا أرادوا مزيدا من الطعام، كان عليهم شراؤه في الموقع بأسعار باهظة جدا، بحيث وقعوا في ديون لدرجة أنهم لم يتلقوا أجورهم ومنعوا من العودة إلى ديارهم.
لكن الشركات الثلاث قالت إنها ترفض بشكل قاطع العمل في ظروف شبيهة بالاستعباد، ألقت باللوم على الشركات الموظفة لليد العاملة.
ويؤكد أندري توماس أوسإمير من مفوضية الرعية للأرض، وهي جمعية كاثوليكية تدافع عن العمال الريفيين، «هذه ليست حالة منفردة، وهي نتيجة لنموذج اقتصادي قاتل».
ويضيف الناشط المقيم في جنوب البرازيل «تلجأ العديد من الشركات الكبيرة في قطاع الأغذية الزراعية إلى موردي يد عاملة لاستغلال أراض تزداد توسعا، ونجد أنفسنا أمام حالات استعباد» حديثة.
«عنصرية بنيوية»
يعتبر منسق مجموعة مكافحة العمل الشبيه بالسخرة في وزارة العمل البرازيلية ماوريسيو كريبسكي أن قضية جامعي العنب في بينتو غونسالفيس «تدق ناقوس الخطر».
ويقول «هذا يظهر أن هذه الانتهاكات يمكن أن تحدث في جميع القطاعات، حتى في القطاعات تلك التي لم تكن فيها مثل هذه الحالات الخطيرة في الماضي».
وشهد العام 2023 أيضا قضية أقل شهرة عبر وسائل الإعلام تتعلق بـ139 شخصا يعملون في مصنع معالجة قصب السكر في ولاية غوياس (الوسط الغربي).
ويستهدف الاستعباد الحديث في البرازيل الأنشطة الزراعية، خصوصا تلك المتعلقة بقصب السكر والبن، لكن رصدت أيضا حالات استعباد في أماكن حضرية في مجالي صنع الملابس والبناء.
ويرى ماوريسيو كريبسكي أن هذه المشكلة مرتبطة بشكل وثيق بـ«عنصرية بنيوية»، إذ إن أغلبية العاملين المعنيين هم من السود في آخر دولة في القارة الأميركية ألغت العبودية في العام 1888.
ويضيف «لا يفعل أصحاب العمل ذلك فقط من أجل زيادة أرباحهم، بل أيضا لأنهم يعتقدون فعلا أن هؤلاء الأشخاص يمكن معاملتهم كعمال من الدرجة الثانية بسبب لون بشرتهم».
ويعتبر أن في البرازيل «ثقافة التقليل من قيمة» اليد العاملة غير المؤهلة.
ويقول المحامي «بمجرد إبعادهم عن نير أصحاب العمل، يجب متابعتهم، بما في ذلك نفسيا، لمساعدتهم على إعادة الاندماج في سوق العمل القانوني ومنع استغلالهم مرة أخرى».
لكن السلطات المختصة تفتقر بشدة إلى الموارد الضرورية، خصوصا أن الامتحان الأخير الذي أجري لتعيين مفتشي العمل يعود إلى العام 2013.
ويتابع كريبسكي «هناك أقل من ألفي مفتش في بلد يبلغ عدد سكانه 215 مليون نسمة، وهو عدد قليل جدا، ومن المحتمل تماما أن ينغمس بعض أصحاب العمل في هذه الممارسات إذ يعتبرون أنهم سيفلتون من العقاب».