التفوق الصحي ثمرة من غراس «الرؤية»
حافظت المستشفيات السعودية على أفضليتها على مستوى الشرق الأوسط وأفريقيا للعام الثاني على التوالي، في الترتيب العالمي لأفضل 250 مستشفى لعام 2024، الصادر عن «براند فاينانس»، إذ ضم التصنيف 7 مستشفيات سعودية، خمسة منها أتت ضمن الـ 100 الأفضل عالمياً، وفي مقدمتها مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث، الذي حافظ على صدارة القطاع الصحي محلياً وإقليمياً.
فبناء علامة تجارية قوية يعتبر تحدياً فريداً للمراكز الطبية المتخصصة فهي ضرورية للتطوير المؤسسي المستدام وتطمين المرضى وعائلاتهم. واستقطاب الأطباء المتميزين، والمتقدمين من الطلاب المتفوقين، وفريق البحث البارز وتمكين الموظفين، والنشر البحثي المفضل لكسب الدعم من الجهات المانحة والاحترام من الهيئات التنظيمية والحكومات وشركات التأمين؛ وتطوير شبكة قوية من الشركاء حول العالم.
هنا لا بد أن يستيقن كل خاطر مشكّك، ويستقرّ كلّ جنان مُلجلج الهواجس، وتتوطّن في قلب كلِّ متابع حصيف الحقيقة الجلية، البالجة بنورها في كل محفل، والساطعة حضوراً في كل مقام ترتقي المملكة أعلى سنامه، وتمسّ يافوخه الأقصى بإنجاز جديد، أن المملكة مع «الرؤية» تعرف مراميها، وتدرك مسار طريقها، وتمضي؛ بل تحلّق بأجنحة طوّافة لا تعرف الونى، ولا تستجيب لمثبطات المستحيل.
فلا يظن ظانٌ أن أي منجز جديد حصيلة «صدفة» عابرة، أو محصلة جهد طارئ، أو نتاج مجهود فردي لميزة شخصيّة، بل عليه أن يدرك تمام الإدراك أن المنجز، أي منجز، هو محصلة «طبيعية»، وثمار منتظرة من غراس «الرؤية» الجني.
إنها رؤية صدق أبدعتها عبقرية أمير ملهم، فأخرج بها وطنه من محابس الانغلاق والنمطية، وفكّ عن شعبه وحرّره من قيود الوهم والاستلاب، وفجّر طاقاته الكامنة، ورسم فجره الأبلج، وحلّق به في آفاق متراحبة، فكان الإنجاز أول أمره دهشة، وأوسط وعيه فخاراً، ومنطلق مسيرته زهواً باقتدار، وصعوداً في المراقي بنهم وشغف وإدراك أن لا مستحيل مع «العزم»، ولا محال أمام «الهمة» حين يكون تعلّقها السامي بالقمة؛ فإن بلغتها وشيكاً، فهناك المستقر، الذي يؤكد أن لا شيء مرتبطاً بصدفة، ولا منجز منعقداً بضربة حظ عابر، وإنما المنجز محصلة جهد مبذول، ونظر بصير، و«رؤية» مدركة..
هذا ما وعيه كل مسؤول وضعت على كاهله مثاقيل الثقة الغالية، فنهض بها نهوض عازم ومقتدر، فأنجز فرضه، وقدم عطاءه، وأثبت حضوره، فاستحق بذلك شرف التكليف بإكليل الثقة العزيزة.
هذا التفوق المستحق ثمرة ما أنجزه مستشفى الملك فيصل التخصصي ومركز الأبحاث على مدى سنوات عمره فلئن كان افتخاري باحتفاظ المستشفيات السعودية على أفضليتها، في الترتيب العالمي لأفضل 250 مستشفى لعام 2024، الصادر عن «براند فاينانس»، فتصدر «التخصصي»، ومحافظته على صدارة القطاع الصحي محلياً وإقليمياً، يبلغ بي مبلغاً مضاعفاً من الفخر والزهو، لمعرفتي بما تقوم به إدارة «التخصصي» بقيادة ربانها القدير الدكتور ماجد بن إبراهيم الفيّاض، والعاملين معه فاستحق بذلك الثقة الكريمة، وأثبت بهذا الصنيع معرفة وثيقة بأهداف «الرؤية» ومستهدفاتها، وشاهد ذلك ما حققه «التخصصي» أخيراً أذكرها لمحاً في مقام الاستشهاد ابتكار تقنية متقدمة لفحص اضطراب طيف التوحد لتعزيز جودة الحياة وتوظيف التقنيات الحديثة لتقديم الرعاية التخصيصية اللازمة فاختزل عمليات طويلة ومعقدة لعلاج أورام الفم وإعادة الترميم في عملية واحدة ويزرع أقطاباً كهربائية داخل الدماغ لمريض الباركنسون ويستخدم تقنية الطباعة الثلاثية الأبعاد في علاج الأمراض وينجح في استبدال الصمام الرئوي عن طريق القسطرة ويحتفى بالذكرى الأربعين لمركز السيكلوترون والمواد الصيدلانيّة المشعة والمعترف به من وكالة الطاقة الذرية.
هذا غيض من فيض، وكفاك به في معرض الشهادة والمثل، وحسبك من القلادة ما أحاط بالعنق، كما تقول العرب. إنها إنجازات أضاءت لها «الرؤية» المسار، ورسمت لها المنهاج، وعبّدت لها الطريق، فانطلقت محفوفة بالثقة، واعية لهدفها، مدركة لمرامها، فحقّ لها أن تنجز ما أنجزت، وأن تجعل من كل نجاح وقوداً للانطلاق، وليس محطة للوصول والاسترخاء، فالأيام حبلى بكل جديد، ولا سقف للطموح طالما كان صوت «محمّد الخير»، حادي ركبنا، ينادي في وعينا دوماً، ظاهراً وباطناً: «نحلم ونحقق». ألف مبروك لمن عرف الرؤية ومراميها وعمل بصدق بما جاء فيها.