الحد المقبول من الراحة
وبما أننا في زمن كثرت فيه مشاغله وضاق وقته، وفتح على بعضه، وبذات الوقت تحثه نفسه على أخذ الحيطة، وبات على نمط يحب تلك المساحة من الراحة وعدم الضغط واستنزاف الذات من الطرف الآخر بشكل كبير ومؤذٍ؛ فتجد أن الغالبية تمنحهم الحياة التي لا تقيد ولا تعقد ولا تصبح شبيهة بسباق القفز فوق السياج، وأي خطأ فيه يكب فرسه على وجهه، ولا أساليب المحاسبة والتجريح والتحدي والملاحقة واللوم وكثرة العتاب والتشكي.
إنما هي تلك الحياة المريحة لطرفين بما يبقيهما على صلة وثيقة تحمل كل مسؤوليات الحياة وودها وسكينتها، وحفظها وكرامتها، ومصالحها، وفي ذات الوقت تكون أشبه بالأرجوحة التي تسليك في الهواء أينما ذهبت بك إلى أي اتجاهيها.
برأيي أن طبيعة الحياة اليوم تصنع منا نوعاً مختلفاً، قد لا يكون متبايناً كثيراً مع الماضي، بقدر ما أصبح أكثر تعقيداً حتى ولو لم يكن كذلك في أصل تركيبته، ولكن هي أحد أشكاله الراهنة ولو كانت مؤقتة متقلبة.
لذلك ما يحفظ طول العشرة وبقاءها والعاطفة بها، هو معرفة هذا والتأقلم معه لمن لم يعهده، أما من أدرك حكمته فهو يجد لذته دون أن يبدي تأففاً واستغراباً، أو يبحث عن النمط التقليدي الذي ليس بالضرورة أن يكون هو الصواب، أو بالأصح هو السعادة التي نبتغي.