السعودية تتصدر الدبلوماسية العالمية
كانت الرسالة السعودية واضحة أنها ليست مع أي طرف ضد آخر، ولن تكون جزءاً من سياسة المحاور التي هيمنت على العالم الغربي، فالسعودية اليوم هي محور قائم بحد ذاته، وتعمل على رسم خط سياسي مستقل وكذلك اقتصادي، إذ إن العالم لا يزال يتسع للكبار وللقوى الناهضة مثل المملكة العربية السعودية التي أصبحت اليوم حديث الأوساط الدولية.
على أية حال، يوما السبت والأحد القادمان تستضيف السعودية محادثات سلام بين الدول الغربية وأوكرانيا والدول النامية الرئيسية، بما في ذلك الهند والبرازيل، وهو المؤتمر الأول من نوعه على المستوى الدولي منذ اندلاع الحرب الروسية في أوكرانيا؛ الذي يأتي في الوقت الذي يتراجع نفوذ الدول الكبرى عن دائرة الدبلوماسية، فلا أحد اليوم قادر أن يتقدم محادثات سلام لإنهاء الحرب الدائرة على الأرض الأوكرانية. 30 دولة تجتمع على مدار يومين في جدة من أجل طرح الحرب الأكثر خطورة على السلم الدولي، حيث انتهت كل الخيارات الغربية على ما يبدو من أجل التوصل إلى حل سياسي أو مقاربة مرضية للطرفين الروسي والأوكراني، على أمل خلق حالة من الاختراق السياسي للوضع في القارة الأوروبية التي تعاني من صراعات وتشابكات عميقة تفجرت على الأرض الأوكرانية.
وتأتي هذه الاجتماعات بعد اجتماع لكبار المسؤولين في كوبنهاغن في نهاية يونيو الماضي، حضرته البرازيل والهند وتركيا وجنوب أفريقيا، وشارك فيه أيضاً مستشار الأمن القومي الأمريكي جيك سوليفان، وأوكرانيا وعدد من الدول الأوروبية الكبرى.
ودعت المملكة العربية السعودية وأوكرانيا 30 دولة للاجتماع في جدة، بما في ذلك إندونيسيا ومصر والمكسيك وتشيلي وزامبيا. ولم يتضح بعد عدد الدول التي ستحضر، ولكن من المتوقع أن تشارك الدول التي شاركت في محادثات كوبنهاغن مرة أخرى.
المملكة تسعى للعب دور أكبر في الدبلوماسية بشأن أوكرانيا، لاسيما أن السعودية ترتبط بعلاقات غربية وشرقية تؤهلها أن تلعب هذا الدور الوسيط، فالصين، على سبيل المثال، باتت الدولة الأكثر انخراطاً في اقتصاد الشرق الأوسط والاقتصاد السعودي على وجه التحديد، ناهيك عن الثقل السعودي على المستوى الاقتصادي، فضلاً عن العلاقة التاريخية الإستراتيجية بين المملكة والولايات المتحدة الأمريكية، كما أن العلاقة السعودية مع روسيا الاتحادية لها دور كبير أيضاً في إمكانية تحجيم الصراع في القارة الأوروبية، كل هذه العلاقات الدولية دفعت السعودية إلى عقد مثل هذا المؤتمر، عله يكون البداية لطريق صحيح على سكة الحل.
ولعل هذا المؤتمر الموسع، إن لم يكن بداية للحل السياسي للأزمة الأوكرانية، فإنه سيكون الخطوة الأولى في مسار الدبلوماسية العالمية، وبكل تأكيد فإن حضور 30 دولة سيكون له وزن عالمي ومؤثر في خطوات حل الصراع أو في أسوأ الأحوال التخفيف من حدة الصراع وعدم السماح لتوسعه ليكون أزمة متحركة تلتهم أوروبا.
إن ترابط السياسة بالاقتصاد في العالم اليوم، من شأنه أن يمنح المملكة العربية السعودية أولوية كبيرة لتكون بين قائمة دول الصف الأول، فالاقتصاد السعودي اليوم في حالة صحية قلَّ نظيرها وينافس كبرى الاقتصادات الدولية، وفي الوقت ذلك ترافقت النهضة الاقتصادية بتقدم سياسي على المستوى الدولي، ما يؤكد أن المملكة اليوم في مرحلة متماسكة سياسياً واقتصادياً، وهذا التكامل من أهم عوامل القوة في لعب دور سياسي على المستوى الدولي.