انعقاد الاجتماع العاشر لمجلس إدارة فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجامعة بكين

يشهد التعاون الثقافي والمعرفي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية تطورات متسارعة، وتتجلى هذه الشراكة المتميزة في مختلف المجالات. وفي إطار تعزيز هذا التبادل، انعقد الاجتماع العاشر لمجلس إدارة فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجامعة بكين مؤخرًا، في لقاء أكد على أهمية الدور الذي تلعبه المكتبة في دعم التعاون الثقافي السعودي الصيني. هذا الاجتماع لم يكن مجرد مراجعة للإنجازات، بل كان منصة لتعزيز الخطط المستقبلية وتعميق الروابط بين البلدين.
أهمية فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة في بكين
تعتبر مكتبة الملك عبدالعزيز العامة، بفرعها في جامعة بكين، صرحًا معرفيًا هامًا يهدف إلى جمع وحفظ وإتاحة المصادر الثقافية والتاريخية المتعلقة بالمملكة العربية السعودية، وتقديمها للباحثين والمهتمين في الصين وخارجها. إن وجود هذا الفرع في جامعة بكين، إحدى أعرق الجامعات الصينية، يمنح المشروع بعدًا استراتيجيًا هامًا، حيث يسهل الوصول إلى جمهور واسع من الطلاب والأساتذة والباحثين المتخصصين في الدراسات العربية والإسلامية.
دور المكتبة في تعزيز التفاهم الثقافي
تلعب المكتبة دورًا محوريًا في تعزيز التفاهم الثقافي بين الشعبين السعودي والصيني. فهي لا تقتصر على توفير الكتب والمخطوطات، بل تنظم أيضًا فعاليات ثقافية متنوعة، مثل المحاضرات والندوات والمعارض، التي تسلط الضوء على جوانب مختلفة من الثقافة السعودية، بما في ذلك الأدب والتاريخ والفنون. هذه الفعاليات تساهم في تصحيح المفاهيم الخاطئة وتعزيز الصورة الإيجابية للمملكة في أذهان الجمهور الصيني.
مخرجات الاجتماع العاشر لمجلس الإدارة
ركز الاجتماع العاشر لمجلس إدارة المكتبة على عدة محاور رئيسية، تهدف إلى تطوير العمل وتعزيز مكانة المكتبة كمركز للبحث والدراسة. تمت مناقشة خطط رقمنة المزيد من المخطوطات والوثائق التاريخية، وإتاحتها عبر الإنترنت للباحثين في جميع أنحاء العالم. كما تم التأكيد على أهمية تطوير البرامج التدريبية للكوادر العاملة في المكتبة، لتمكينهم من تقديم أفضل الخدمات للجمهور.
التركيز على المحتوى الرقمي وخدمة الباحثين
أحد أهم القرارات التي اتخذها المجلس هو تخصيص ميزانية إضافية لعملية الرقمنة. فالمحتوى الرقمي يمثل مستقبل المكتبات، ويسمح بوصول أوسع وأسرع إلى المعلومات. بالإضافة إلى ذلك، تم الاتفاق على تطوير خدمات المكتبة لتلبية احتياجات الباحثين بشكل أفضل، من خلال توفير الدعم الفني والإداري اللازم لإجراء البحوث والدراسات. هذا يشمل تسهيل الوصول إلى المصادر، وتقديم المساعدة في البحث عن المعلومات، وتنظيم ورش عمل حول مهارات البحث العلمي.
آفاق مستقبلية للتعاون الثقافي السعودي الصيني
إن انعقاد هذا الاجتماع يعكس التزام المملكة العربية السعودية بتقديم الدعم الكامل للمبادرات الثقافية التي تهدف إلى تعزيز العلاقات مع الصين. التعاون الثقافي السعودي الصيني يشهد زخمًا كبيرًا في ظل رؤية المملكة 2030، التي تولي اهتمامًا خاصًا بتنويع مصادر الاقتصاد وتعزيز التبادل الثقافي مع مختلف دول العالم.
بالإضافة إلى ذلك، فإن مبادرة “الحزام والطريق” الصينية تفتح آفاقًا جديدة للتعاون في مجالات الثقافة والإعلام والسياحة. يمكن للمملكة العربية السعودية أن تلعب دورًا هامًا في هذه المبادرة، من خلال تقديم محتواها الثقافي الغني والتراثي العريق للعالم. كما يمكنها الاستفادة من الخبرات الصينية في مجال التكنولوجيا والابتكار لتطوير قطاعاتها الثقافية والإعلامية. العلاقات السعودية الصينية ليست مقتصرة على الجانب الاقتصادي، بل تمتد لتشمل جوانب ثقافية وتعليمية وعلمية هامة.
تطوير المبادرات المشتركة في مجال النشر والترجمة
من الجوانب الهامة التي تم التطرق إليها خلال الاجتماع، هو تطوير المبادرات المشتركة في مجال النشر والترجمة. يهدف ذلك إلى إتاحة الفرصة للجمهور الصيني للاطلاع على الأدب السعودي المعاصر، وكذلك تعريف الجمهور السعودي بالثقافة والأدب الصيني. النشر والترجمة يلعبان دورًا حاسمًا في بناء الجسور الثقافية وتعزيز التفاهم المتبادل بين الشعوب.
ومن المتوقع أن تشهد الفترة القادمة زيادة في عدد الكتب والمقالات التي يتم ترجمتها من وإلى اللغة العربية والصينية، مما سيساهم في إثراء المشهد الثقافي في كلا البلدين. كما سيتم العمل على تنظيم معارض للكتب الصينية في المملكة العربية السعودية، والعكس، لتعزيز التبادل الثقافي وتشجيع القراءة والكتابة.
في الختام، يمثل فرع مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بجامعة بكين نموذجًا ناجحًا للتعاون الثقافي بين المملكة العربية السعودية وجمهورية الصين الشعبية. إن هذا التعاون يرتكز على الاحترام المتبادل والتفاهم العميق، ويهدف إلى بناء مستقبل مشرق للعلاقات بين البلدين. ندعو جميع المهتمين بالثقافة السعودية والصينية إلى زيارة المكتبة والاستفادة من خدماتها ومواردها الغنية، والمشاركة في فعالياتها الثقافية المتنوعة. كما نشجع الباحثين والطلاب على إجراء المزيد من الدراسات والأبحاث حول العلاقات الثقافية بين المملكة والصين، لتعزيز هذا التعاون وتعميقه.

