بين «عاصفة الحزم» و«إعادة الأمل».. اعتزاز وذكرى
بالتزامن مع الذكرى التاسعة لعاصفة الحزم التي نفذها التحالف العربي لدعم الشرعية اليمنية يقف اليمنيون باعتزاز كبير للاحتفاء بالذكرى التي أعادت إليهم الأمل إزاء موقف البلد الجار المملكة العربية السعودية الذي استجاب لطلب الشرعية اليمنية والوقوف إلى جانب الشعب اليمني في إسقاط الانقلاب واستعادة دولة اليمنيين.
الصعوبات قبل العاصفة
مرت على اليمنيين أوقات هي الأكثر صعوبة، وقسوة حين فقدوا دولتهم، وبغيابها فقدوا حياتهم الطبيعية وأصبح مصير البلد بيد مليشيات، جاءت من خارج الدولة، انقلبت على الشرعية ودستور البلد، وأسقطت مؤسسات الدولة، ونشرت مسلحيها في كل مكان، في الطرقات العامة والشوارع والمدن والبلدات، يترصدون الكل ويهدون الموت للجميع، عقب الانقلاب في الـ 21 سبتمبر 2014 والذي باتت خلاله المليشيات الحوثية تسيطر على كل شيء، تنشر الرعب والخوف والدمار، في كل مكان ويتجول القتلة فوق بحور من الدماء، في حربهم اللعينة ضد الشعب اليمني المصدوم، إزاء كل ما حدث، في واقع حضرت فيه المليشيات، وغابت الدولة وانعدمت الخدمات وساد الإحباط واليأس وسط حيرة الجميع، والكل غير قادر على استيعاب ما حصل وأصبح اليمنيون وحدهم من بين جميع شعوب العالم في القرن الـ21 بلا دولة يسافرون إلى الماضي إلى قرون غابرة، عاش الناس فيها حياة بدائية سادت العالم وسط حالة من الصدمة، جراء واقع لم يكن يخطر على بال أحد أنه سيعيشه يوما، قصة كتبت تفاصيلها بدموع النساء فقدن أبناءهن وأزواجهن، ورجال تضيق بهم الحياة، وأطفال تنعدم أمامهم آفاق المستقبل، في حياة تتحول إلى جحيم لا يطاق، في وضع غير قابل للاستيعاب، حسب وصف الدكتور صابر حزام إنها الكارثة التي حلت بالجميع.
وبعد كل ذلك وفي مساء مختلف عن جميع المساءات التي عاشها المواطنون، في أسابيع العيش مع الكارثة، الناجمة عن الانقلاب كان مساء الـ 26 من مارس 2015، وسط الخوف الذي عممته المليشيات بمجرد السيطرة على العاصمة اليمنية ومدن أخرى، انطلقت عملية عسكرية لدول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية، وفي البدء كانت العاصفة التي غيرت لاحقا في المشهد. وعاصفة الحزم هو الاسم الذي أطلق على المرحلة الأولى من العمليات العسكرية الهادفة إلى إسقاط الانقلاب ودعم الشرعية.
استيقظ الناس من كابوس رافق حياتهم جراء العيش مع الانقلاب على أصوات مقاتلات التحالف المنتشرة في سماء المدن الحزينة بفعل النكبة الحوثية تقصف المواقع التابعة لمليشيا الحوثي التي كانت قد تجاهلت التحذيرات السعودية بعدم الاقتراب من المحافظات الجنوبية، وكانت المليشيات بدأت فعلا في الهجوم على مدينة عدن، التي انتقل إليها الرئيس عبدربه منصور، عقب تمكنه من مغادرة الإقامة الجبرية في العاصمة صنعاء، التي كانت قد سقطت بيد المليشيات.
ويستذكر منصور أحمد، أحد ساكني العاصمة صنعاء، في هذه الليلة التي يقول إنه لن ينساها اليمنيون، وستبقى محفورة بذاكرة الجميع. وخلالها شعر الشعب اليمني بدعم ومساندة الأشقاء، وأن المملكة العربية السعودية لن تتخلى عن دعمها لليمن، وعازمة على إسقاط الانقلاب، وهزيمة الشر وأن ما بعد هذا التاريخ لن يكون كما قبله، وأن فترة المليشيات لن تطول وبدأ بالأفول والتراجع سريعا، وأن الشعب سوف يستعيد حياته الطبيعية وأن مصير الانقلاب إلى زوال.
ويقول أحمد، أحد ساكني أمانة العاصمة صنعاء، لم أكن قادرا على استيعاب ما يحدث تلك الليلة، كنت أسأل نفسي هل فعلا قررت المملكة خوض عملية عسكرية لإسقاط الانقلاب ودعم الشرعية؟. ويقول أيضا حقيقة الأمر عشت مشاعر سعيدة لا أستطيع أن أوصفها ولا يمكن أن أنساها ستبقى في ذاكرتي إلى الآبد، قصة سوف تروى للأجيال اللاحقة عن سقوط الدولة بيد المليشيات، التي سرقت مقدرات الشعب وأسقطت المؤسسات، وسرقت ونهبت جميع ممتلكاتها، كما سرقت سلاح الجيش تماما وصادرت حياة الناس وأحلامهم وحاضرهم وحولت حياة الجميع إلى جحيم وبؤس ومعاناة ومارست الوحشية والظلم والقتل والترويع بحق الجميع، قصة سترويها النساء كل ليلة للأطفال قبل النوم عن جحيم وعذابات ناتجة عن سيطرة المليشيات المسلحة على المدن اليمنية وعلى كل شيء خلال كل ذلك عممت الموت في كل مكان وقصفت الجوامع والأحياء السكنية وهدمت المنازل فوق رؤوس ساكنيها وأرعبت وقتلت النساء والأطفال وارتكبت كل الجرائم وألحقت الضرر بالجميع وأصابت الكل بمقتل وساد اليأس والإحباط في قصة سرقة دولة شعب من قبل المليشيات، قصة ستقف عليها الأجيال باستغراب، وستأخذ منها الدروس والعبر، وسيحكى عنها الكثير، عن المخفيين قسرا، والآباء الذين خرجوا صبيحة يوم بحثا عن مصدر الرزق ولم يعودوا، والمختطفون من الطرقات وسوف يتحدث الرجال عن ماذا يعني فقدان الأمل، والنساء سيتذكرن حالة الخوف في ليالٍ شديدة الظلام، يطويها الرعب.. سيتحدثون جميعا، عن النساء اللاتي فقدن أزواجهن، والأمهات اللاتي متن قهرا وحزنا على رحيل أبنائهن في حرب المليشيات، وعن الأطفال الذين تم اختطافهم من المدارس، وألزج بهم في ساحات المعارك، ليكونوا وقودا في معركة لا تعنيهم، معركة سعت من خلالها المليشيات إلى إثارة المزيد من الصراعات المذهبية والطائفية.. وسيتحدثون أيضا عن أحياء ومدن دمرت بالكامل.. وقذائف لاحقت الفارين من مدن لم تعد آمنة، إلى مخيمات النازحين، التي كانوا يعتقدون أنها ستكون ملاذا آمنا على حياتهم، لتقتلهم في مخيمات النزوح.. وستروى الكثير من القصص عن حالة الفقر والمجاعة، التي وصلت لكل بيت. وسيتحدثون عن الدولة الجارة الشقيقة الكبرى المملكة العربية السعودية، التي هبت لنجدة اليمنيين، ونجحت في أن تعيد لليمنيين دولتهم، في قصة مليئة بالحماس والإثارة لحالة الإخاء والمحبة والمصير المشترك.
السلام المنشود
في الوقت الذي لم يكن الحديث ممكنا عن السلام في ظل الانقلاب الذي ابتلع كل موارد ومقدرات الدولة التي سقطت وهو الأمر الذي تغير عقب عاصفة الحزم التي أعادت الشرعية إلى الواجهة لممارسة دورها وواجباتها من العاصمة المؤقتة عدن التي تحررت بفضل العاصفة وبدأت مرحلة تطبيع الحياة وتحسين الخدمات، وفي وقت مازالت مشاهد الحرب التي تشنها المليشيات الحوثية، أخذت المملكة العربية السعودية على عاتقها مرحلة إعادة الإعمار من خلال البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن وتقديم كافة أشكال الدعم للحكومة الشرعية للنهوض بمسؤولياتها في جملة مواقف ودعم مازال مستمرا حتى اللحظة من قبل الأشقاء في المملكة الذي لم يحدث يوما أن تخلت عن الوقوف إلى جانب اليمن واليمنيين في قصة ما زالت فصولها تكتب حتى يعود اليمن سعيدا.