Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الخليج

رمضان دون موناليزا الحجاز.. فراغ في ذاكرة الألوان

يحل رمضان هذا العام، والذكريات تتناوب الوقت، وتتساءل عن سبب الفراغ في ذاكرة الألوان الذي تركه رحيل الرائدة التشكيلية صفية بن زقر، وكأن التشكيل انطفأ بانطفاء شمعة الرائدة السعودية، وغيابها عن بهو التشكيل السعودي.

لأول مرة، يغيب عن المشهد صوت ألوانها التي كانت تحاكي تفاصيل الحجاز، ويدها التي حفظت ذاكرة المكان في ضربات فرشاة تتجاوز المألوف، لتمسّ الروح وتعيد تشكيل الزمن.

رحلت صفية بن زقر، دون أن ترحل معها الشرفات الخشبية ولا العبايات المطرزة ولا دروب جدة العتيقة، لكنها تركت فراغاً يشبه أثر الغائب في مجلس عائلة؛ إذ تفتقد العين حضور من كان دائماً هناك، ليس بصوته فقط، بل بتفاصيله المتغلغلة في الوجدان.

لم تكن مجرد رسامة، بل مؤرخة بحدس فنان، تكتب التاريخ دون حبر، وتصنع الأثر دون ضجيج. حين أقامت معرضها الأول عام 1968، لم تكن تدشن مرحلة شخصية فحسب، بل كانت تفتح درباً لجيل كامل، ليعرف أن الفن ليس مجرد زينة، بل ذاكرة، وهوية، ومقاومة للنسيان.

أخبار ذات صلة

 

صفية، التي تدرّبت على أصول الفن في «سانت مارتن» بلندن، عادت إلى وطنها لا لتُذوّب ذاتها في الحداثة العابرة، بل لتوثّق ما كاد يتلاشى. كانت عينها ترى أكثر مما يراه الآخرون، وكان قلبها مفتوحاً على تفاصيل البيوت، والزخارف، والمواويل التي كادت تُمحى من ذاكرة المكان.

وحين أنشأت دارتها عام 2000، لم تكن تؤسس مجرد متحف، بل كانت تبني ذاكرة بصرية للمملكة، خزاناً للفن الذي يروي قصص الناس قبل أن تبتلعها العولمة. كانت تدرك أن التراث لا يعيش بالكلمات وحدها، بل بالألوان، بالضوء، بالظلال التي تسقط على الجدران الطينية، وبالأيدي التي لا تزال تعجن الماضي في دفاتر المستقبل.

الآن، يغيب وجهها عن رمضان. لن تزيّن سفرة الفطور برائحة الحنين، ولن يكون في حديث الجلسات ذكر لمعرض جديد تعدّه. لكنها باقية، كالأزقة التي رسمتها، كالأبواب التي حفظت أسرار البيوت، وكالضوء الذي كانت تعرف كيف تلتقطه في لوحاتها، فلا ينطفئ أبداً.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *