ريادة مكة المسروقة
الإيواء السياحي في السوق السعودي يعتمد على فكرة الاقتصاد التشاركي، وهو يوفق ما بين طالبي الأصول غير المستغـلة، ومن يوفرونها لهم بمقابل، وقد بدأت في الظهور بعد الركود الاقتصادي الكبير في أمريكا والعالم، كمحاولة لخفض معدلات البطالة، ولمساعدة الناس على مواجهة أزماتهم المالية، وتحديداً في 2009، ومن أمثلتها شركتا أوبر للسيارات، و(Airbnb) التي توفر مساحات سكنية مؤقتة بنظام الإيجار اليومي، لمن يحتاجونها لأغراض السياحة أو الزيارة، أو من يرغب في المعايشة المباشرة لمعرفة ثقافة البلد وتفاصيله اليومية الصغيرة. وقد كان أهل مكة يستضيفون الحجاج في بيوتهم، ويمكن القول بأنهم أول من مارس تجربة السكن التشاركي على مستوى العالم، والفارق أن النماذج الجديدة توظف تقنية المعلومات في إنجاز أعمالها.
هذه الفلسفة الاقتصادية غيرت في شكل العلاقات الاقتصادية والاجتماعية حول العالم، وأصبحت تمثل تهديداً للفكر الرأسمالي، الذي يقوم على قاعدة المنفعة الفردية الخالصة، ومن النماذح التشاركية المبتكرة وغير المعربة (تاسك رابت) التي تعمل على الاستثمار في مهارات وخبرات الأشخاص، وتقدمها لمن يطلبها في كل المجالات، وتشير دراسة أُجريت على دول الخليج في 2016 إلى أن حجم إنفاقها على منصات الاقتصاد التشاركي وصل لأكثر من عشرة مليارات دولار، والتقديرات الدولية تؤكد أن الإنفاق سيتجاوز 330 مليار دولار في 2025.
الثابت أن الاقتصاد التشاركي يخدم القطاع السياحي أكثر من غيره، والسياحة تستأثر بما نسبته 70% من حجم التجارة العالمية، وتقدم 319 مليون وظيفة حول العالم، وبما يعادل وظيفة واحدة في كل عشر وظائف، وستعمل رؤية المملكة على رفع مساهمة القطاع السياحي في الناتج المحلي الإجمالي، وبحيث ترتفع نسبته من 3% في الوقت الحالي إلى 10% في 2030، وكذلك الوصول لمئة مليون زيارة محلية ودولية خلال الأعوام السبعة القادمة، ومعها توفير مليون فرصة عمل إضافية، وبما يجعل المملكة من الخمسة الكبار في استقطاب السياح.
السياح وبالأخص الأمريكيين والأوروبيين يفضلون تجارب الاندماج المباشر مع المجتمع المحلي، ويميلون إلى البحث في هويات المدن المخبأة وألغازها، والحوارات العفوية العابرة في شوارعها، وروائح أحيائها القديمة وأبنيتها التراثية، وبما يضعهم على مسافة واحدة من الماضي والمستقبل، أو من الدرعية ونيوم، ومرافق السكن التشاركي أو الهوليدي هومز تحقق لهم ما سبق.