زراعة الإنسان
قال الرجل للكبير: لقد حاولت منعه. أسكته ببرود وقال: نحن نرحب بأي شخص يدخل لمجتمعنا وقررت أن استغل استقبالي المتكرر للرحالة بأن ينشروا هذه الطقوس المقدسة لدينا. تقدم آدم بحماس ليفهم عقله ويحلل تصرفه قائلاً: أخبرني ماذا تفعل وإن كانت هناك فائدة فيه فجميع المجتمعات سوف تهتم له مثلكم. رد بثقة: الإنسان كالنباتات؛ عقله البذرة، والأفكار والمشاهد والأصوات من حوله هم من يسقونه، وأنا الآن أعيد زراعة هذا الإنسان، لتثمر فيه الأفكار التي اخترت أن أسقيه بها، ليستجيب مثلما تستجيب النباتات للسقي. أنت لا تستطيع زرع فكرة داخل إنسان غير متقبل لها ولو كانت مفيدة، فالزرع والسقي منه لنفسه ليس من الآخرين.
مخطئ، أنبتت أناس عدة من تلك الحفر.
ربما هذا الرجل يقاومك ليكسر قواعدك، ومن خرجوا من تلك الحفر استجابوا لينجو من طريقتك لا لأن عقولهم أنبتت ما تعتقد أنك زرعته.
أنا متأكد من زراعتي وحصادي.
إذاً دعنا نتفق. نظر إليه بشك قائلاً:
ما الاتفاق؟
نستجوب من زرعتهم، وإن كانت هناك ثمار من سقيك لعقولهم، فأنا أعدك بأن قريتك سيكون فيها أول مزرعة إنسان وسيأتون إليها من مختلف المجتمعات؛ وإن لم يكن، سوف تتوقف عن هذا الفعل. هذه المرة رد بثقة مهزوزة قائلاً: لا داعي لذلك، فكنت أرى محاولاتهم في الاستجابة للأفكار التي أزرعها لكن دون جدوى، وما يطمئنني أنهم يتظاهرون بالاستجابة، أردت أن أجعلهم أفضل، ويعرفون مدى خطورة ترك العقل بلا سقي ومعرض لأي فكرة سواءً جيدة أو غير جيدة.
هذا غير منطقي، وإن كانت محاولة إصلاح منك، فالطريقة مؤذية، ونزع أو زراعة فكرة ما، يحتاج لوقت وإصرار من صاحب العقل ليس بالإرغام، فالزرع يأخذ وقتاً في الأثمار، لا تستطيع إجباره أن يثمر مجرد أنك أردت.
أتجه الكبير لإحدى الحفر وأمر الرجل بدفنه وأن يكرر عليه قول آدم إلى أن يغير فكرته بنفس الطقوس التي أوجدها.