«سعوديون عاشوا في مصر».. ممثل اشترط دور طبيب أو محامٍ.. وطلال مداح استجاب القدر لأمنيته
احتفى الكاتب السعودي الدكتور أحمد العرفج بتدشين الطبعة الأولى من كتابه «سعوديون عاشوا في مصر» الصادر عن مكتب الأدب العربي للنشر والتوزيع، وذلك ضمن فعاليات معرض القاهرة الدولي للكتاب 2024، أمس (السبت)، بحضور سفير خادم الحرمين الشريفين لدى القاهرة السفير أسامة أحمد نقلي، الذي امتدح الكتاب وأثنى على الكاتب الذي جال في أروقة تاريخ المنطقة العربية واستطاع إبراز الجانب الإنساني للعلاقات السعودية المصرية وتجسيده في رموز وشخصيات سكنت مصر، وسكنتها مصر، في شريحة زمنية امتدت لقرن من الزمان، وذلك بحضور عدد كبير من المثقفين والأدباء والإعلاميين السعوديين والمصريين، ومنهم الروائي عبده خال.
وأوضح العرفج أن الكتاب عبارة عن سيرة ذاتية ذات طابع خاص، ويتناول تجارب أبرز الرواد من السعوديين والسعوديات الذين عاشوا في مصر من خلال 8 مسارات هي (المسار السياسي، والمسار الديني والعلمي، والمسار الدبلوماسي، والمسار الاقتصادي والاستثماري، والمسار الثقافي والفكري، والمسار الصحفي والنشر، والمسار الفني، والمسار الاجتماعي)؛ إضافة إلى بعض الشهادات التي طلبها الكاتب من أصحابها ممن عاشوا في مصر واستوعبوا خطوط طولها ودوائر عرضها، خصوصا رجال الأعمال.
وأضاف العرفج: «نقبت وعملت مع مجموعة من الباحثين السعوديين والمصريين وجمعت المادة وسكبتها في سياق علمي عبر المسارات الثمانية، ليكشف الكتاب عن 300 معلومة لا يعلمها غالبية السعوديين الذين عاشوا في مصر».
وتطرق الكاتب إلى قصة مواطن سعودي جاء من المملكة إلى مصر عام 1933 والتقى كبار الفنانين المصريين ومنهم الفنان فريد شوقي وكشف لهم عن رغبته في التمثيل، فرحبوا به، ولكنه اشترط شرطاً غريباً، وهو أن لا يظهر إلا في شخصية طبيب أو محامٍ، متعللاً بأنه من أسرة محافظة، فكان له ذلك، وشارك في عدد من الأعمال، واسمه محمد درويش.
وتناول الكاتب أيضاً قصة مقبرة السعودية التي يعتقد الكثيرون أن من أسسها هي السفارة السعودية في مصر، بينما في الحقيقة أن من أنشأها هو رجل أعمال، وكان ذلك في الخمسينات. وأشار إلى أن سباق الخيل في المطرية (أحد الأحياء في القاهرة) كان أول من أسسه هم السعوديون قبل 150 سنة.
وأشار الكتاب أيضاً إلى واقعة وفاة طلال مداح على المسرح، وكشف أن طلال مداح مثّل عام 1971 أنه يموت على المسرح، وتمنى أن يتحقق ذلك، واستجاب له القدر وتوفي فعلاً على المسرح.
وفي ردٍ على سؤال «» بشأن المسارات الثمانية التي تناولها الكاتب الدكتور أحمد العرفج لإبراز تأثير السعوديين في مصر، أجاب سفير خادم الحرمين الشريفين لدى القاهرة السفير أسامة نقلي بأن مسار الترابط والرحم يُعد من أكثر المسارات تأثيراً ومتانة بين الشعبين السعودي والمصري، إضافة إلى المسار العلمي والمعرفي، موضحاً أن مصر كانت في فترة الثلاثينات الوجهة الأساسية والمفضلة لدى السعوديين للدراسة في جامعاتها العريقة مثل القاهرة، وجامعة عين شمس، وجامعة الإسكندرية، لافتاً إلى أن الكثير من المفكرين والأدباء السعوديين تعلموا في هذه الجامعات، وأن أبرز من دوّن هذه التجربة هو الدكتور غازي القصيبي ـ رحمه الله ـ في كتابه «شقة الحرية».
وجاءت مقدمة الكتاب بقلم السفير أسامة نقلي، التي استهلها بعبارة «نحن لا نصنع التاريخ.. بل التاريخ هو الذي يصنعنا»، وأشار خلال المقدمة إلى الحاجة الماسة لطرق باب التاريخ لفهم الواقع والتخطيط للمستقبل.
«» سألت سفير خادم الحرمين عن رؤيته وتفسيره لهذه العبارة، فأجاب السفير نقلي بأن الناس تكرر دائماً عبارة «التاريخ يعيد نفسه» لكن لا تتعمق فيها، ولكن فعلاً التاريخ يعيد نفسه لأن الشخصية الإنسانية واحدة بكل النوازع الإنسانية التي خُلقت بها، موضحاً أن المشكلات التي مرت عبر التاريخ تتشابه في الموضوع وتختلف في الشكل، مؤكداً أن التاريخ هو الحقيقة الوحيدة التي تستطيع أن تقرأها بعيداً عن الاجتهادات.
وفي حديثه لـ«» بشأن قوة ومتانة العلاقات السعودية المصرية، ذكر السفير نقلي أن العلاقات السعودية المصرية بدأت شعبية ثم تحولت إلى علاقات رسمية، ولذلك نجد أن العلاقات بين البلدين تتميز بقيامها على أساس قوي ما يجعلها قادرة على مواجهة أي تحديات، مشيراً إلى أن العديد من السعوديين لديهم إقامات نظامية في مصر ويترددون عليها باستمرار كل عدة أشهر، موضحاً أن عدد السعوديين الذين زاروا مصر خلال الفترة من 1/ 1/ 2023 وحتى 1/ 11/2023 يبلغ 800 ألف.
وأضاف: «الإحصائيات في المملكة تشير إلى وجود أكثر من 2 مليون مصري مقيم في السعودية مع أسرهم، وهي أكبر جالية مصرية بالخارج، وهذا دلالة كبيرة تؤكد ارتياح المواطن المصري للعيش في بلاد الحرمين».
وبالحديث عن تاريخ العلاقات السعودية المصرية، ذكر السفير نقلي أنه عندما انتهى الملك عبدالعزيز من توحيد المملكة العربية السعودية كانت مصر أول دولة توجه لها، واتخذ منها ساحة التقى فيها زعماء العالم والأطراف الدولية الفاعلة مثل الرئيس الأمريكي فرانكلين روزفلت يوم 15 فبراير 1945، ورئيس الوزراء البريطاني نستون تشرشل بتاريخ 17 فبراير 1945، ثم تطورت هذه الزيارة إلى زيارات متبادلة بين ملوك السعودية والرؤساء الذين تعاقبوا على مصر وحتى يومنا الحالي، مشيراً إلى أهمية الزيارة التاريخية لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز عام 2016 إلى مصر، التي تم خلالها رفع مستوى العلاقات من علاقات وطيدة إلى علاقات ذات مستوى استراتيجي، معتبراً أن نمو العلاقات السعودية المصرية غير مستغرب لأنه تحكمه إرادتان في آن واحد، إرادة شعبية وإرادة سياسية.