صناعة الإعلام في ظل تسارع التكنولوجيا
تأتي قوة الإعلام باعتباره قوة ناعمة مؤثرة على الرأي العام ولا يمكن الفكاك عنها باعتبارها من حتميات الزمن الرقمي، وقد تم ضخ أموالٍ طائلة تطورها من خلال تقنيات الذكاء الاصطناعي وأجهزة الاستقبال والإرسال حتى لم تترك بقعة في الكون لم يصلها البث الإعلامي ورسائله.
وتمتاز صناعة الإعلام بعدد من الخصائص تساهم جميعها في عملية تسريع عجلته؛ والتي تسير بمتوالية هندسية حتى إن بعض المؤسسات الإعلامية أغلقت أبوابها نتيجة تقاعسها عن مسايرة التقنيات المتجددة في الإعلام، وما قصة إغلاق شركة كوداك وبلاك بيري وبيع شركة نوكيا من الأذهان ببعيد.. فحينما تموت شركة تولد أخرى كما هو الماثل الآن ببروز تطبيق تيك توك الذي أحدث ضجة حتى على المستوى الدولي؛ ليصبح أصعب أيقونة إعلامية يمكن تجاوزها.
ما يشهده العالم اليوم من تعدد وسائل الإعلام؛ ودخول وسائل جديدة تقدم نفسها بقوة؛ كمنصات التواصل الاجتماعي «الإعلام الرقمي».. جعل لزاماً على هذه الوسائل أن ترتقي لمستوى المنافسة وتقديم المنتج المتميز للمجتمع؛ وذلك من منظور تطبيق مفهوم اقتصاديات الإعلام عبر توفر الكادر البشري والتقنية المتطورة؛ لتقدم نفسها للجمهور من خلال مادة مؤثرة تعرضها وفق منهجية اقتصادية علمية مبتكرة.
لقد أصبح الإعلام نشاطاً واسعاً ومؤثراً على المتلقي؛ بحيث شمل قطاعات المجتمع وأنشطته المتعددة، وعلى رأسها النشاط الاقتصادي؛ وقد خرج مفهوم اقتصاديات الإعلام إلى الوجود مع ثورة الاتصال، ويتأتى ذلك بسبب قدرته التأثيرية على الأنساق الاجتماعية من خلال تغيير بعض العادات والتقاليد الاجتماعية، حتى صار أشبه ما يمكن تعريفه بغربة الأجيال الحالية مع آبائهم وأجدادهم من اختلافٍ في بعض المورثات الثقافية والاجتماعية.
وإذا أرادت وسائل الإعلام أن تواكب التنمية وتعيش عصر التطور والطفرة المعلوماتية، وأن تتميز في أداء مهماتها لابد لها أن ترتكز على قاعدة اقتصادية قوية؛ لأنها لم تعد مثل سابق عهدها؛ فهي الآن بحاجة إلى نفقات كبيرة تتمثل في الكادر البشري والمعدات التقنية وأنظمة الاتصال؛ لخدمة الجمهور وصولاً إلى مرحلة الإشباع الإعلامي، وإن كانت هذه المرحلة من أصعب المراحل نتيجة للتنافس القوي بين مؤسسات الاتصال والإعلام.
وتتمثل عوامل بناء اقتصاديات الإعلام في مسايرته للنظام الاقتصادي العالمي باعتباره من أكثر الاستثمارات ربحية؛ للخروج بإعلام «معولم» يعي وظائفه واتجاهاته الحديثة في هذه الصناعة؛ فواقع الإعلام في الوطن العربي بحاجة إلى رسم خارطة طريق جديدة تصل به إلى بر الأمان؛ في ظل المنافسة الشرسة في سوق إعلامية قائمة على استراتيجيات تستصحب مفهوم القوة الناعمة وتمثل أكبر عوامل تحسين الصورة الذهنية؛ وتغيير الصورة النمطية؛ باعتبار صناعة الإعلام في العصر الحديث واحدة من أقوى البنيات الصناعية التي عرفها العالم؛ للدور الذي تلعبه على مستوى الأفراد والجماعات والحكومات والأنظمة، ناهيك عن التطورات المتلاحقة والتقنيات المعقدة التي تشهدها اليوم والتي تزيد من فاعليتها وشدة تأثيرها.
وقدم ظهور تقنيات الاتصال وتطورها حتى وصولها إلى مرحلة الذكاء الاصطناعي Artificial intelligence والذي يعرف اختصاراً بـ«AI»؛ خدمات كبيرة على مستوى اقتصاديات الإعلام، والتي تعني في مفهومها إدارة المؤسسة الإعلامية من خلال تحقيق أهداف الوسيلة الإعلامية في حيز النشاط الاقتصادي؛ الذي يهدف إلى تلبية حاجات الجمهور وتحقيق العائد المادي دعماً لاستمرار النشاط وتدفقه، وهذا يؤكد أن الإعلام أصبح صناعة لها اقتصادياتها المتميزة.
وهنا يأتي دور خريجي أقسام وكليات الإعلام من حيث مواكبتهم لأحدث تقنيات الإعلام حتى يساهموا في مستقبل صناعة الإعلام؛ والتي سترسم خارطة طريق لمستقبل كل أمة، وتتقاسم كليات وأقسام الإعلام والاتصال الهم مع الجيل الرقمي الحالي من خلال تصميم مناهج تواكب سوق العمل المتسارعة حتى لا تتجاوزهم سوق العمل.