«عين الإسيلة الكبريتية».. كنز علاجي مهمل ينشد الاهتمام والاستثمار
لم تكن الرحلة إلى عين الإسيلة الكبريتية التي تبعد عن محافظة الوجه بـما يُقارب الـ 60 كم، والتي تتبع لبلدية المنجور، بتلك الصعوبة ومع ذلك فقد احتاج ذهابنا لموقع النبع إلى دليل من سكان المنطقة، بعد أن أضعنا الطريق وسط الأودية والجبال، علماً أن هذه الرحلة لم تكن الأولى لمرافقيَّ.
وتُعد عين الإسيلة إحدى العيون الكبريتية التي يفد إليها الكثير من طالبي الاستشفاء من المشاكل الجلدية كالصدفية والأكزيما والروماتيزم، وإذ ما علمنا أن السياحة العلاجية هي أحد أنماط السياحة الواردة في إستراتيجية التنمية السياحية لرؤية المملكة 2030، فإن الكثير من سكان المنطقة يرون أن العين هي إحدى الفرص المهملة، والتي قد يؤدي الاهتمام بها بالشكل الصحيح عبر تنميتها والترويج لها إلى تحقيق عوائد اقتصادية باهظة.
«» التقت بعض أهالي المنطقة، وعن موقع الإسيلة يحدثنا مساعد وضحان البلوي بقوله: إن العين تقع بالقرب من جبل «المحثل» بمنطقة أبو العجاج جنوب شرق محافظة الوجه والتي تبعد عن المحافظة بما يُقارب الـ 60 كم. ويضيف أنه يرد إلى العين الكثير من الناس من داخل المملكة والبعض من خارجها بطلب العلاج من الحساسية ومن الأمراض الجلدية ووجدوا فيها فائدة كبيرة، لذا يتمنى أن يتم النظر في وضع العين بإعطائها شيئاً من الاهتمام بدايةً من وضع لوحات إرشادية للدلالة على المكان، ولتسهيل الوصول لها، خصوصا وهي تقع في منطقة داخلية وسط الأودية والجبال.
فيما يُطلعنا صلاح محمد الربدي عن عوائق الطريق التي قد يواجهها طالبو العلاج في العين من داخل وخارج المملكة بأن جُلهم لم يأت للمنطقة من قبل وقد يتوهون في المكان أو قد تعلق سياراتهم خصوصا الصغيرة منها في الرمال، لذا يُستوجب العمل على سفلتة الطريق المؤدي إليها أو تمهيده على أقل تقدير، كما أن الحاجة تدعو إلى وضع علامات إرشادية للدلالة على العين، والأكمل لو تم إنارة المكان، ويساعد على ذلك وجود أعمدة الكهرباء في المنطقة بفضل جهود الدولة، بإيصال الكهرباء إلى كل جزء من المملكة براً وبحراً.
وأضاف الربدي بأن روعة المنطقة قد يجعلها تجمع بين السياحة العلاجية والسياحة البيئية نظراً لما تمتاز به من طبيعة خلّابة بتشكيلات جبالها وجمال شعابها وانبساط أرضها. وعن تجربته الشخصية بالاستشفاء من العين قال إنه كان يُعاني من حساسية في الجيوب الأنفية وتعافى منها بعد الاستنشاق من النبع، كما أن الاستحمام بها بفعل حرارة الماء يُزيل التوتر ويُشعِر بالاسترخاء.
وعن العلاج من ماء العين ذكر عبدالله صلاح البلوي أن اثنين من أبنائه الصغار كانا يعانيان من حساسية مفرطة بكامل الجسم كانت تمنعهم النوم لشدة الحكة بها حتى الإدماء، وبعد الاستحمام بمائها بدأ الجلد شيئاً فشيئاً ينشف، ثم بدأت أعراض الحساسية بالاختفاء حتى رجع الجلد إلى لونه الطبيعي ولله الحمد.
وبخصوص استثمار منطقة عين الإسيلة يقول البلوي: إن العين بوضعها الحالي ولعدم الاهتمام بها باتت شبه مستنقع، ويمكن تهيئتها للاستثمار بعد سفلتة الطريق وإنارة المكان ونظافته بعمل كافيهات ومطاعم وأكواخ للجلوس، وحمامات للاستحمام ووضع مضخات للماء وتمديدات لإيصاله لتلك الحمامات، خصوصا أن العين تقع في منطقة تجمع بين روعة الجبال واتساع السهول.
وفي نفس الإطار يقول عبدالله رفادة: بالنظر إلى إشراقة وبهاء المكان وانتشار أشجار السمر يمكننا ببعض الاعتناء والتهذيب أن نجعل من الموقع مقصداً سياحياً يقصده الداني والقاصي للاستجمام به بعد رحلة الاستشفاء.
وكانت المديرة الإقليمية لمنطقة الشرق الأوسط بمنظمة السياحة العالمية بسمة بنت عبدالعزيز الميمان أكدت خلال مشاركتها في جلسات النسخة السادسة من مبادرة مستقبل الاستثمار بالرياض، كمتحدثة في حلقة النقاش التي كانت بعنوان «السياحة الاستشفائية: الارتقاء بالسياحة» والذي جاء في «» الخميس 27 أكتوبر 2022 أن المملكة تقدم مجموعة كبيرة من تجارب السياحة الاستشفائية من خلال عدد من المشاريع الكبرى كمنتجعات أمالا والينابيع الساخنة الطبيعية المعروفة بخصائصها العلاجية بما يتوافق مع أهداف رؤية 2030، كما أشارت الميمان إلى الحد من الآثار البيئية من خلال معالجة النفايات الناتجة عن الرحلات الاستشفائية وما يرتبط بها من أنشطة سياحية.
«» بدورها تواصلت مع مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام المتحدث باسم أمانة منطقة تبوك يحيى الجراح والذي أفاد بأن بلدية المنجور تقوم بأعمالها المناطة بها والمتمثلة في أعمال النظافة الدورية وكذلك إطلاق مبادرات توعوية وتطوعية لتفعيل دور المشاركة المجتمعية في نظافة الموقع والحد من انتشار النفايات، حيث رفعت البلدية خلال العام الحالي ٢٠٢٣ من خلال أعمال النظافة الدورية والمبادرات التطوعية مايزيد على (٣) أطنان من النفايات، على الرغم من بعد مسافة الموقع عن مركز المنجور والذي يبعد (٣٠)كم ووعورة الطريق وصعوبة وصول معدات البلدية وآلياتها، أما فيما يتعلق بسفلتة الطريق أو تمهيده، فالطريق يتبع لجهة حكومية أخرى وخارج اختصاص البلدية.