فقراء الدم!

يشكو البعض من مرض فقر الدم أو الأنيميا، والمشكلة لا تنحصر في الرجال والنساء، بل يصاب به حتى الأطفال. وأوضحت منظمة الصحة العالمية، «أن فقر الدم حالة صحية يقل فيها عدد خلايا الدم الحمراء أو تركيز الهيموغلوبين عن المعدل الطبيعي، ويؤدي ذلك إلى أعراض عدة منها التعب والضعف والدوار وضيق النفس، ويشكل مشكلة صحية خطرة، خصوصاً لدى الأطفال والمراهقات والنساء الطوامث، وفي فترة الحمل والولادة.
وأوضحت منظمة الصحة العالمية في تقديراتها، أن «40% من البالغين من ستة أشهر إلى 59 شهرا من العمر، و37% من النساء الحوامل، و30% من النساء البالغات من 15 إلى 49 عاما من العمر، في العالم يعانون من فقر الدم، وأن عدد المصابين في أفريقيا يبلغ 106 ملايين امرأة و103 ملايين طفل، وفي جنوب شرق آسيا 244 مليون امرأة و83 مليون طفل».
وأشارت دراسة أجراها معهد القياسات الصحية والتقييم IHME المتخصص في البحوث العلمية في سياتل بأمريكا، إلى «ارتفاع معدلات الإصابة بالأنيميا أو فقر الدم، ووصولها لأرقام قياسية بمعدل 24 مليون إصابة خلال ثلاثة عقود».
الزواج من مصاب أو مصابة
أخصائية طب الأسرة بمركز صحي الفضيلة الدكتورة الجهني، أضافت أنه في حال تزوج رجل وامرأة مصابان بفقر الدم، تعتمد المخاطر على نوع فقر الدم، وقالت: هناك احتمال بنسبة 25% أن يولد الطفل مصاباً بالمرض، و50% أن يكون حاملاً للجين، و25% أن يكون سليماً، لذلك دائما يُنصح بإجراء فحص وراثي قبل الحمل لتقييم المخاطر على الجنين، ومدة حياة مريض فقر الدم تعتمد على نوع فقر الدم ومدى تحكمه في الحالة وتشخيصه وعلاجه بشكل مناسب، وإذا تم تشخيص الحالة وعلاجها بشكل مناسب يمكن للمريض أن يعيش حياة طبيعية وطويلة. وأشارت إلى أن فقر الدم يمكن أن يؤثر على القلب، خصوصاً إذا كان غير معالج أو في حالة شديدة، فعندما يكون عدد خلايا الدم الحمراء منخفضاً أو الهيموغلوبين غير كافٍ، لا يستطيع الدم نقل الأوكسجين بشكل كافٍ إلى الأنسجة. لذلك، يعمل القلب بجهد أكبر لضخ الدم وتعويض نقص الأوكسجين، ما يؤدي إلى زيادة سرعة ضربات القلب، وفي حال استمر فقر الدم لفترة طويلة، قد يؤدي إلى فشل القلب بسبب الإجهاد المستمر على القلب، فيما يشعر مرضى فقر الدم أحياناً بخفقان القلب أو تسارع دقات القلب، خصوصاً عند القيام بنشاط بدني.
وأوضحت الاخصائية الدكتورة الجهني، أن الدورة الشهرية قد تساهم في الإصابة بفقر الدم إذا كانت غزيرة أو طويلة، ويؤدي النزيف الزائد إلى فقدان الحديد. ولتجنب ذلك، يجب تناول أطعمة غنية بالحديد.
هؤلاء ممنوعون من التبرع
أخصائي المختبر بمركز صحي الفضيلة التابع لمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة، محمد سليم الجيزاني، قال: إنه لا يمكن للفرد التبرع بالدم إذا كان مصاباً بالزكام أو الإنفلونزا أو التهاب الحلق أو هربس الحمى أو وجع البطن أو أي عدوى أخرى فايروسية مثل الإيدز أو الالتهاب الكبدي الوبائي وغيرها من الأمراض المعدية، أو إذا تم إخضاع الفرد لوشم أو الثقب، فلا يمكنه أن يتبرع بالدم خلال ستة أشهر اعتباراً من تاريخ خضوعه لهذه الممارسة، وكذلك الأشخاص المصابون بفقر الدم والمرضى أو الذين خضعوا لعملية جراحية من فترة قريبة وبعض مرضى السرطان مثل سرطان الدم. وأضاف أخصائي المختبر الجيزاني، أنه ليس مسموحاً للمرأة التبرع بالدم طوال فترة الحمل وبعدها بستة أشهر، وكذلك طوال فترة الرضاعة، والمصاب بالأنيميا الفولية يستطيع التبرع بالدم بشرط أن تكون نسبة الهيموغلوبين في المستوى المطلوب للتبرع وألا يكون قد تم نقل دم له سابقاً.
نصائح للمقبلين على الزواج
بينت وزارة الصحة، في تقديراتها، «أن نحو 4.2% من سكان المملكة، يعانون من سمة المنجلي، و0.26% منهم يعانون من المرض، وأن 17% من سكان المنطقة الشرقية يعانون من سمة المنجلي (الأكثر في المملكة)». ونصحت الأزواج الذين يخططون لإنجاب الأطفال ومعرضين لخطر إنجاب طفل مصاب بمرض فقر الدم المنجلي بمقابلة مستشار وراثي، وأن على المصابين بالأنيميا المنجلية مراجعة الطبيب دوريا، وأخذ اللقاحات بانتظام منها لقاح الإنفلونزا، ولقاح المكورات الرئوية وتناول كثير من السوائل والتوقف عن التدخين وأخذ قسط كافٍ من النوم.
من جانبها، اعتمدت الهيئة العامة للغذاء والدواء علاج كاسجفي كأول علاج يعمل باستخدام تقنية التحرير الجيني «كريسبركاس9» لعلاج مرض فقر الدم المنجلي ومرض الثلاسيميا للمرضى البالغة أعمارهم 12 سنة فأكثر.
لا تصعد إلى المرتفعات
استشارية طب الأسرة بمركز صحي الفضيلة التابع لمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة الدكتورة إيمان القرشي، أشارت إلى أن فقر الدم يُعد من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على نوعية حياة المصاب، سواء كان طفلاً، أو شاباً، أو مُسناً، وقالت: تعتبر زراعة نخاع العظم علاجاً لبعض حالات فقر الدم المنجلي، ومع ذلك ليست خياراً لجميع المرضى بسبب التحديات المتعلقة بالتطابق المناعي ومخاطر المضاعفات، ويتم اللجوء إليها بعد فشل العلاجات الدوائية.
وأوضحت استشارية طب الأسرة الدكتورة القرشي، أن التعرض للارتفاعات العالية لا يسبب فقر الدم، لكنه قد يفاقم الأعراض لدى المصابين بفقر الدم المنجلي أو بعض أنواع الأنيميا الأخرى. وما يحدث هو انخفاض في مستوى الأكسجين ما يزيد من خطر الإصابة بنوبات الألم أو تدهور الحالة الصحية، لذلك ينصح باستخدام أسطوانات الأكسجين عند الضرورة. ومن النصائح أيضاً، عدم ممارسة الرياضة الشاقة التي قد تؤدي إلى تفاقم الأعراض إذا كان مصاباً، خصوصاً الأنيميا الناتجة عن نقص الحديد، فالرياضيون قد يكونون أكثر عرضة لنقص الحديد نتيجة التعرق الشديد وفقدان الدم الصغير خلال التمارين، لذلك ينصح بتناول نظام غذائي غني بالحديد والبروتينات ومتابعة مستويات الهيموغلوبين والحديد بانتظام.
احرصوا على اللحوم الحمراء
استشارية طب الأسرة بمركز صحي الفضيلة بجدة الدكتورة القرشي، أشارت إلى بعض أنواع فقر الدم، مثل فقر الدم المنجلي، تسبب مضاعفات في شبكية العين بسبب انسداد الأوعية الدموية الدقيقة، ما يؤدي إلى ضعف الإبصار أو حتى فقدانه، ونفس الحال ينطبق على مرض الكلى المزمن نتيجة انخفاض إنتاج هرمون الإريثروبويتين وتراكم السموم الناتج عن ضعف الكلى، ونقص الحديد. وتنصح الاستشارية القرشي، للوقاية من فقر الدم، بنظام غذائي غني بالحديد، مثل اللحوم الحمراء، الخضروات الورقية الداكنة، والبقوليات، والحصول على فيتامينات مساعدة لامتصاص الحديد، مثل فيتامين (C)، والفحص الدوري لمستوى الحديد والهيموغلوبين، خصوصاً لمن لديهم عوامل خطورة، وتناول كميات كافية من المياه لتجنب الجفاف في حالات الأنيميا المنجلية.
البداية.. قرحة معدة
أخصائية طب الأسرة بمركز صحي الفضيلة التابع لمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة الدكتورة مروة علي الجهني، قالت: «إن مرض فقر الدم يؤدي إلى تقليل قدرة الدم على نقل الأكسجين إلى أنسجة الجسم والإصابة به بعضها وراثي وبعضها نتيجة الأمراض المزمنة كالإصابة بقرحة المعدة، والحيض الغزير. ومن أعراضه التعب والإرهاق المستمر وشحوب الجلد أو اصفراره والإغماء والصداع المتكرر وبرودة الأطراف وتسارع ضربات القلب أو عدم انتظامها».
وتابعت أخصائية طب الأسرة بصحي الفضيلة الدكتورة الجهني، أن الأكثر شيوعاً في أنواع فقر الدم هو الناتج عن نقص الحديد، يليه الناتج عن نقص الفيتامينات مثل B12 أو حمض الفوليك وغيرهما من الأنواع، وأخطرها فقر الدم اللاتنسجي لأنه يسبب فشل نخاع العظم، فيما يؤدي فقر الدم المنجلي إلى مضاعفات شديدة مثل جلطات الدم، وفقر الدم الانحلالي الحاد الذي يسبب تدميراً سريعاً لخلايا الدم الحمراء.
الشفاء التام
أو إدارة الأعراض
ترى أخصائية طب الأسرة الدكتورة الجهني، أن للنظام الغذائي دوراً كبيراً في الإصابة بفقر الدم أو الوقاية منه، وذلك يعتمد على نوع الغذاء المتناول ومدى توازن العناصر الغذائية، ويمكن الشفاء منه في كثير من الحالات إذا تم تحديد السبب ومعالجته بشكل صحيح، خصوصاً إذا كان ناتجاً عن نقص الحديد أو الفيتامينات، أما في الحالات الوراثية مثل الثلاسيميا أو الأنيميا المنجلية، فلا يمكن الشفاء التام، ولكن يمكن إدارة الأعراض وتحسين جودة الحياة بالعلاج المناسب. وأضافت أخصائية طب الأسرة الجهني، أن العامل الوراثي له دور كبير ومهم في الإصابة ببعض أنواع فقر الدم، خصوصاً إذا ولد المولود مصاباً به أو ظهرت الأعراض في سن مبكرة، وأن الأنواع الوراثية ناتجة عن طفرات جينية تُورَّث من أحد الوالدين أو كليهما.
ولحماية المرأة الحامل والجنين من الإصابة، نصحت الدكتورة الجهني، بتناول الأطعمة الغنية بالحديد وزيادة فيتامين (C)، والحصول على حمض الفوليك الموجودة في الخضروات الورقية الداكنة، المكسرات، والحبوب الكاملة مع تناول فيتامين (B12) عبر المنتجات الحيوانية أو المكملات الغذائية، وإجراء فحوصات دورية لمستوى الهيموغلوبين والحديد في الدم، وتتمثل الرعاية للوليد بالرضاعة الطبيعية مع التأكد من تغذية الأم بشكل صحيح وإعطاء مكملات الحديد للرضيع إذا أوصى الطبيب بذلك.
فروقات بين الحاد والمزمن
حول كيفية التعامل مع مريض فقر الدم عند اضطراره الخضوع لبعض الفحوصات المخبرية، قال أخصائي المختبر بمركز صحية الفضيلة الجيزاني: إن تحاليل الدم لا تسبب فقر الدم، لأن الكمية قليلة ويستطيع الجسم الطبيعي تعويضها ولا يتطلب ذلك الامتناع عن الأكل والشرب قبل إجرائها، وأيضاً لا تتأثر نتيجتها عند النساء عند تزامنه مع الدورة الشهرية، موضحاً أن للأمراض المزمنة، وتحديداً السكري وضغط الدم، دوراً في الإصابة بالمرض؛ لأنها من محتملات مسببات الإصابة بفقر الدم الناتج عن مرض مزمن. فهذه الحالات يمكن أن تؤدي إلى نقص حاد في خلايا الدم الحمراء. وأجاب أخصائي المختبر الجيزاني، عن سؤال «»، متى يكون فقر الدم حاداً، والفرق بينه وبين فقر الدم المزمن. قائلاً: إنه عادة ما يتم تصنيف فقر الدم بأنواعه المختلفة إلى فئتين، فقر الدم المزمن، وهو انخفاض تدريجي في عدد خلايا الدم الحمراء قد تتسبب به أمور، مثل بعض الأمراض المزمنة، ونقص الحديد، وتناول أنواع معينة من الأدوية، وفي بعض الحالات قد يتسبب فقر الدم المزمن مع الوقت بانخفاض عدد خلايا الدم الحمراء إلى حد خطر يدخل معه فقر الدم في خانة فقر الدم الحاد، والنوع الثاني فقر الدم الحاد، وهو انخفاض حاد ومفاجئ في عدد خلايا الدم الحمراء.
أخبار ذات صلة