في دراسة جديدة.. 90 سؤالاً تكشف واقع الذكاء الاصطناعي في الإعلام
استفهام لا يغيب عن بال أي عامل في الحقل الإعلامي، عند مطالعة الدراسة المسحية العميقة التي أعدها الباحث السعودي نايف مرزوق المطيري، حول مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى الإعلامي بالمؤسسات الإعلامية السعودية.
أجابت الدراسة عن الاستفهام بالتأكيد على أن استخدام الروبوت في الصحافة العالمية، بمختلف أشكالها، أظهر جديته في التعامل مع الخبر والتحقيق والاستقصاء، ويستند المطيري في خلاصته على دراسة أعدت في 2018م، على أن الروبوت سيكون له الحسم والفصل في غرف الأخبار والفرز بين الخبر الحقيقي والمزيف.. فالقارئ الاعتيادي لا يفرق في غالب الأحوال بين النبأ الصحيح والمضلل المكذوب!
عشرات من الخبراء والمهتمين بالشأن الإعلامي شاركوا في الاستبيان الضخم الذي أعده المطيري، لاستكمال متطلبات الحصول على درجة الماجستير في كلية الإعلام والعلوم الإنسانية بجامعة الملك سعود، وأسهم خبراء الإعلام والتقنية والرقمنة بالتحليل العميق والمطلوبات المهنية في استعراض مستقبل الذكاء الاصطناعي في المحتوى الإعلامي السعودي، وارتكز الباحث في الدراسة المسحية على ثمرات الهيئة السعودية للبيانات والذكاء الاصطناعي (سدايا) التي فتحت الآفاق واسعة أمام رقمنة الحياة، في منهج يتواءم مع رؤية 2030، ورسالتها نحو المستقبل.
خلص مجمل الدراسة البحثية إلى «محدودية استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى الإعلامي»، وللباحث والخبراء أسبابهم الموضوعية في ذلك، غير أن الأسباب الموضوعية للمحدودية لم تغفل الحلول والمعالجات التي تدفع المحتوى إلى عالم صناعة الذكاء.
يطرح المطيري، في دراسته جملة من التساؤلات حول: ما مدى استعداد المؤسسات الإعلامية السعودية لتقنيات الذكاء الاصطناعي والعوامل التي تؤدي إلى نجاحها ومجالات توظيفها والصعوبات التي قد تواجه الصنعة..
إن الإجابة عن الاستفهامات المطروحة تؤدي مباشرة إلى معرفة مدى قدرة المؤسسات الإعلامية في التعاطي مع التقنيات في صناعة المحتوى الذي يتولاه إعلاميون مهنيون وممارسون متخصصون. وفي رأي الباحث أن الذكاء الاصطناعي يسهم بقدر وافر في كشف الأخبار المضللة، جمع البيانات، تطوير الموارد البشرية، وإنتاج المحتوى الآلي، ملمحا في هذا الشأن إلى اتجاه مؤسسات إعلامية لاستخدام الذكاء منذ 2022م، واستتبع ذلك تطور مذهل في التعاطي مع البيانات والخوارزميات وتقييم اهتمامات الجمهور وتفاعلهم «لا يزال المحررون الصحفيون يقررون في شأن القصة التي يجب تطويرها والخوارزميات تكمل المهمة بالصورة التي تشد انتباه القراء».
توصلت الدراسة المسحية إلى أن الذكاء الاصطناعي يعين المحررين في غرف الأخبار بسرد مزيد من القصص لكنه لن يحل بديلاً عن الصحفي.. فالإنسان هو صانع الذكاء غير أن ذلك لا يتعارض في حقيقة أن غرف الأخبار ستعتمد بصورة شبه كاملة على الذكاء الاصطناعي في العقد القادم.
13 مؤسسة إعلامية في عمق المسح
يشير الباحث إلى تحليل استبياني أعد في 2020م، في مؤسسات إعلامية مصرية خلص إلى انخفاض مستويات هذه الصناعة بنسبة 34.2%، عدم الاستخدام 33.6%، الاستخدام بشكل مرتفع متوسط 26.6، ومرتفع 5.6%.. واللافت في الدراسة أن 88% من الصحفيين والخبراء والمهنيين على قناعة بضرورة التوسع بصورة شاملة في استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوى. واعتمد المطيري، في دراسته المسحية، على إفادات أكثر من 13 مؤسسة إعلامية وصحفية بينها هيئات ذات اهتمام بشأن المحتوى إلى جانب قيادات وخبراء في صناعة الإعلام، إذ تلقى منها نحو 90 إجابة حول مستقبل استخدام الذكاء الاصطناعي في صناعة المحتوي الإعلامي بالسعودية، وتمحورت الأسئلة حول قياس الاستخدام، الصعوبات، عوامل النجاح، المهارات المطلوبة في الصحفيين والمكتسبات المستقبلية. ورأى 61.1% من عينات الاستبيان أهمية قصوى لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى، و30.0% يرونه مهماً، 8.9% مهماً إلى حدٍ ما.
يخشون ضياع مكانتهم المهنية!
عن المصاعب التي تواجه استخدام الذكاء الصناعي في المحتوى، أشارت الدراسة المسحية إلى قلة عدد المتخصصين وتواضع التدريب والتأهيل، وغياب الاعتراف المؤسساتي، وارتفاع تكلفة التقنيات وآليات العمل التي لا تتكيف مع التغيير، وانخفاض جودة البيانات، والخوف من فقدان المكانة المهنية، ومع هذه المصاعب والتحديات، إلا أن المؤسسات الإعلامية السعودية حريصة على توظيف الذكاء الاصطناعي لعوامل وأسباب عدة منها: تحسين كفاءة المهنيين، وزيادة كفاءة المؤسسات، وتعزيز مستوى أكثر قرباً مع المتلقين وتحقيق الأمن المعلوماتي، وهناك دواع تلزم المؤسسات بهذه الخطوة أهمها: زيادة القدرة على التفاعل مع الجمهور وإنتاج محتوى جيد وتقديم خدمات إخبارية دقيقة، وتعزيز القدرة التنافسية، وتكثيف الأخبار العاجلة وتطوير مهارات الإعلاميين وتفرغهم لمهماتهم، وتقليص تكاليف التشغيل واستقرار العمل.
خفض الوقت والمال
أثمرت الدراسة الميدانية عن نتائج وتوصيات؛ منها التأكيد الصارم على استخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى الإعلامي، وعدّ الخبراء ذلك خفضاً للتكاليف ووقت العمل وداعماً للمصداقية والوصول الذكي للجمهور وخلق محتوى متنوع وفريد وتحسين الجودة. وخلق شراكات مع جهات مختصة في الذكاء الاصطناعي وتدريب وتأهيل الإعلاميين والتشجيع على الابتكار والإبداع، وتطوير مناهج تعليمية جامعية تحفز على تعلم الذكاء الاصطناعي، وتأهيل جيل جديد من الصحفيين لهم القدرة على التعامل مع التقنية والتكنولوجيا، وإيجاد حاضنة ومنصات متخصصة للشباب و تأسيس أكاديمية للتقنية، وتوظيف صحافة البيانات في التقارير الرقمية و التلفزيونية.
من المؤهل لتوظيف الذكاء؟
ما معايير الإعلامي المؤهل لاستخدام الذكاء الاصطناعي في المحتوى.. يجيب المطيري، مستنداً إلى الدراسة المسحية الشاملة ويقول: إن الشروط تتمثل في القدرة على إدارة الحسابات وتوزيع المحتوى على المنصات، مهارة جمع المعلومات وتدقيقها ومراقبتها، القدرة على إجراء البحوث الصحفية الشاملة، تقييم أصول بيانات المحتوى، ومن المعايير أيضا مهارات التفكير النقدي، مهارة استخدام البث المباشر عبر فيديو الهاتف الجوال.
مبادرات شحيحة.. لا عمل مؤسساتي
أجرى الباحث نايف المطيري، مقابلات مع متخصصين في الإعلام والذكاء الاصطناعي، وطرح عليهم محاور عن تقييمهم للأداء الإعلامي في ما يتعلق بالذكاء الاصطناعي والدور المناط بالمؤسسات في هذا الشأن والمكتسبات المستقبلية ومقترحاتهم..
ويرى الخبراء أن التطور المذهل في المعلومات أثر بشكل كبير على المؤسسات الإعلامية وصناعة المحتوى التي تعين على الإنتاج والمراجعة وصياغة الأخبار والمقالات، وإنتاج القصص والرسومات والتذكير بالأحداث التي يمكن متابعتها. ويرى الخبراء محدودية استخدام الذكاء الاصطناعي حالياً في المؤسسات الإعلامية، وبعضها حالياً تتحسس طريقها إلى هذه الخطوة لأنها غير مؤهلة في الوقت الراهن لهذه النقلة، لكن ذلك لا ينفي اعتماد بعضها على الذكاء في مجالات الرياضة والاقتصاد واستخدام الجرافيك وغيرها، ويتفق الخبراء الإعلاميون واختصاصيو الذكاء الاصطناعي على وجود فجوة كبيرة بين الممارسات الإعلامية وتوظيف الذكاء في صناعة المحتوى، إذ يظل استخدام البلوك شين والروبوت الصحفي محدوداً للغاية والذي يحدث الآن مبادرات فردية أكثر من كونها عملاً مؤسسياً مستداماً، رغم وجود كثير من التحولات الرقمية في المشهد الإعلامي على مستوى العالم، والملاحظ طبقاً لآراء الخبراء، أن كثيراً من المؤسسات تعمل الآن بصورة تقليدية. والبُعد الأهم في توظيف الذكاء الاصطناعي تسويق المحتوى وقياس ردود أفعال الجمهور والتعرف على خصائصه واتجاهاته والرسم الدقيق له في جوانب العمر وطبيعته وجنسه ومستواه التعليمي، والجمهور يحتاج اليوم إلى تطبيقات جديدة للتعرف على سماته وخصائصه لتقديم محتوى يتناسب معه، كما يمكن للمؤسسات الإعلامية توظيف الذكاء في صنع مادة إعلانية جاذبة، ويمكن لهذه المؤسسات أن تصبح منتجة وصانعة للمعلومات وبالتالي تعظيم إيراداتها، ولا يمكن تحقيق ذلك حال تمسك المؤسسات الإعلامية بالشكل التقليدي المألوف.
توظيف المؤسسات الإعلامية للذكاء الاصطناعي
35.6 % إلى حد ما
22.2 % بدرجة ضعيفة20.0 % بدرجة كبيرة
13.3 % بدرجة كبيرة جدا
8.9 % غير موظفة
الاستخدامات الحالية للذكاء الاصطناعي
إنتاج الأخبار
ربط المعلومات
فحص الحقائق
اكتشاف الأخبار المزيفة
تحويل النص إلى كلام
الترجمة الآلية للغات
الدردشة الآلية
تحليل الفيديو
التعرف على الصور
تصحيح الأخطاء الإملائية
البريد الإلكتروني