قرية الاستهلاك العالمية
طوفان الاستهلاك حيث يتم إقناع أهالي القرية العالمية أن القيمة الحديثة المهمة هي قيمتهم السوقية، الشبكة العنكبوتية التي يصطاد بها الأهالي منتجاتهم هدفها خلق أوهام أجمل. أوهام تعلي من قيمة الأشياء الاصطناعية، تعلي من قيمة الميتافيرس والواقع الاصطناعي، تعلي من قيمة الذكاء الاصطناعي. وفي الوقت نفسه، تحرق العالم الطبيعي.
هذه ليست ظواهر منفصلة فهي في الواقع سبب ونتيجة. والعلاقة بين الفعلين علاقة سببية.
ما نقدره ونعلي من قيمته يستهلك ما هو ذا قيمة في الواقع.
يحرق أهالي القرية أشجارهم ليشعروا بالدفء لكن سرعان ما تنضب الغابة ويخيّم البرد في القرية للأبد.
أما رجال الأعمال فمشغولون بحساب الأرباح ربع السنوية وهكذا ربعاً فربع، نفقد كل شيء في شراء الوهم وإشباع دوبامين الاستهلاك السعيد.
وهذا الموسم الديني لدينا تحوّل لموسم استهلاكي منذ أول سفرة بلاستيكية مرسوم عليها رايات حمراء وفوانيس وصور عائلة فوانيس إلى الأطباق الورقية والكاسات والأجهزة غير المفيدة في «لف السمبوسة» و«تكوير اللقيمات» وطابخات الرز التي لا تطهو شيئاً في الواقع وتستغني عنها ربات البيوت فعلياً لتزين بها الرفوف بعد أن استجابت للإعلانات التجارية التي تصف براعة وتقانة هذه الأجهزة الوهمية.
في موسم رمضان الروحاني لا يضيء فانوس القلب بذكر الله وتتهذب الحواس وتهدأ الغرائز كما هو مفترض بل تتوحش الاستهلاكية في جميع المظاهر ويختلط الضروري بغير الأساسي والكمالي بماهو فعلاً ضروري وتضيع البوصلة حتى توصل أهل القرية لمكان العيد وقد اشتروا من كل مكان على الإنترنت وخارجه ثياباً للعيد لا يبتهج بها الأهالي أكثر مما تبتهج بها شركات النقل ومصانع الصين الرخيصة.
وكلما اشتهيت اشتريت؟!.