كادحون تحت لهيب الصيف
على الرغم من المشقة الكبيرة التي يواجهها العمال في هذا القطاع؛ نظراً لطول ساعات العمل التي قد تمتد لأكثر من 10 ساعات، إلا أن لقمة العيش تتطلب التعب والجد وتحمل أعباء وتكاليف الحياة، خصوصاً في ظل وجود أبناء وبنات. ويشير العم جمال إلى أنهم تعودوا على العمل تحت أشعة الشمس، خصوصاً في فصل الصيف؛ الذي ترتفع فيه درجات الحرارة إلى معدلات عالية، لافتاً إلى أنهم يحرصون على الوقاية من الشمس باستخدام الخوذات الواقية. وبيّن أن بعض العمالة قد لا يحتملون العمل تحت أشعة الشمس الحادة، ما يضطرهم إلى البحث عن مهن بديلة كأعمال التشطيبات الداخلية للمبنى بعد اكتمال بنائه.
موعدان للراحة الطارئة
يشير العم جمال إلى أن أوقات الراحة تتمثل في موعدين خلال ساعات العمل؛ الأولى تكون لتناول طعام الإفطار الذي عادة ما يكون قبل التاسعة صباحاً، والموعد الآخر لأداء صلاة الظهر وتناول طعام الغداء، ويُعد هذان الوقتان فرصة لالتقاط الأنفاس والراحة الجسدية، خصوصاً في الصيف.
ويوضح أنه على الرغم من مشقة العمل إلا أن الإنجاز في نهاية اليوم يشعرهم بالسعادة، ويمنحهم دفعة قوية لمواصلة العمل في اليوم التالي مباشرة دون كلل أو ملل، وأكثر المهن صعوبة في أعمال البناء والتشييد تتمثل في أعمال الحدادة والتخشيب وصب القواعد والأعمدة؛ لأنها تتطلب جهداً كبيراً وتركيزاً عالياً ومهارة مهنية، ملمحاً إلى أنهم يشعرون بالملل في حال لم يكن لديهم عمل متواصل.
ضربة شمس وفقدان وعي
استشاري جراحة المخ والأعصاب بمستشفى الملك عبدالعزيز بمكة المكرمة الدكتور زهير بن عبدالرحمن هوساوي، قال: إن ضربات الشمس تعدّ من العوامل المسببة لفقدان التحكم بأوردة وشرايين المخ، فعندما يتعرض الرأس إلى درجة حرارة عالية يتم تعويض درجة الحرارة المكتسبة عن طريق التعرق لتبريد الجلد، ومن ثم انخفاض درجة الحرارة، وعند زيادة درجة الحرارة يفقد الجسم السوائل، وبالتالي يبدأ المصاب في فقدان درجة الوعي تدريجياً، ويقوم الدماغ بزيادة الدورة الدموية لتفادي تلف خلايا الدماغ، وبعد فشل قدرة الدماغ في توفير الدورة الدموية يرتفع ضغط الدماغ ويفقد المصاب الوعي، ومن ثم يحدث فشل الوظائف العصبية والقلبية، مشيراً إلى أن المصاب قد يتعرض إلى الوفاة نتيجة صدمة قلبية وعصبية.
إلى «العناية المركزة»
بيّن الدكتور هوساوي أن ضربات الشمس تعد من الإصابات الخطيرة التي تؤدي إلى تلف أجهزة الجسم، مشيراً إلى أن الوقاية تكمن في تغطية أجزاء الجسم من التعرض لأشعة الشمس والإكثار من شرب السوائل، وعدم التعرض للحرارة العالية.
ولفت إلى أن العلاج يكون بناء على الحالة المرضية، فالكثير يتحسنون بمجرد تبريد الجسم مع إعطاء السوائل، أما الحالات المتقدمة فتحتاج الدخول إلى «العناية المركزة»، والعمل على التحكم بالضغط الدماغي عن طريق الأدوية أو عن طريق التدخل الجراحي، كذلك يتم إعطاء المريض الأدوية اللازمة لتحسين الدورة الدموية ومضادات الالتهاب.
العمل في الفترة المسائية
يقول خبير التخطيط العمراني والإقليمي المهندس جمال بن يوسف شقدار: إن الحل الأمثل للدول شديدة الحرارة تحويل فترة العمل في أشهر الصيف إلى الفترة المسائية؛ لتبدأ الأعمال الميدانية من الساعة السادسة بعد العصر للوقاية من أشعة الشمس، مشيراً إلى ضرورة إلزام المقاولين بتوفير نظام التبريد بالرذاذ في مواقع العمل وتوفير المياه والمشروبات الباردة طوال ساعات العمل اليومية، لتعويض الجسم بالسوائل التي يفقدها بسبب الحرارة المرتفعة.
ممنوع من 12 إلى 3
بدأت وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية بالتنسيق مع المجلس الوطني للسلامة والصحة المهنية بتطبيق القرار الوزاري القاضي بحظر العمل تحت أشعة الشمس على جميع منشآت القطاع الخاص، من الساعة 12 ظهراً إلى الساعة 3 مساء اعتباراً من الخميس 26 ذي القعدة 1444هـ الموافق 15 يونيو 2023، حتى الجمعة 30 صفر 1445هـ الموافق 15 سبتمبر 2023م.
ويأتي القرار في إطار الحفاظ على سلامة وصحة العاملين في القطاع الخاص، وتجنيبهم ما قد يسبب لهم المخاطر الصحية، وتوفير بيئة عمل صحية وآمنة لهم وفق المعايير العالمية للسلامة والصحة المهنية.
ودعت الوزارة أصحاب العمل إلى ضرورة تنظيم ساعات العمل ومراعاة ما نص عليه القرار، للمساهمة في توفير بيئة عمل آمنة من المخاطر المختلفة، ورفع مستوى كفاءة ووسائل الوقاية للحد من الإصابات والأمراض المهنية، وحماية العاملين من الحوادث، ما ينعكس على تحسين وزيادة الإنتاجية.
ونشرت الوزارة على موقعها الإلكتروني (الدليل الإجرائي للسلامة والصحة المهنية للوقاية من آثار التعرض لأشعة الشمس والإجهاد الحراري).
ويمكن الإبلاغ عن المخالفات الخاصة بقرار حظر العمل تحت أشعة الشمس من خلال التواصل على رقم الوزارة الموحد (19911)، أو عبر تطبيق الوزارة المتاح على أجهزة الهواتف الذكية.