«كلامهم» من ذهب!
واستهدف الملتقى مناقشة احتياجات ووسائل التواصل مع 450 ألفاً من ضعاف السمع أو فاقديه بالمملكة، وتقديم ثقافة الصم ولغة الإشارة، وإبراز مواهبهم وقدراتهم وإمكاناتهم والتعريف بحقوقهم وتعزيز قنوات تواصلهم اللغوي والنطقي والإشاري.
وشهد الملتقى مداخلات ومناقشات ثرية وفاعلة تركزت معظمها على حقوق الصم العدلية والتعليمية، ومطالبة المجتمع التقرب إليهم وتعلم إشارة التخاطب، ومراعاة ظروف الصم المادية والاجتماعية، وإتاحة الفرص لهم للانضمام للجمعية وزيادة الاهتمام بهم من وزارة الموارد، وأن تكثف وزارة العدل برامجها التوعوية والتعريفية بحقوق هذه الفئة، وأن تتيح وزارة التعليم لهم فرص التسجيل بالقرب من منازلهم وتوفير معلمين مؤهلين للتعامل معهم.
انشروا لغتهم
بداية الملتقى أطلقته مديرة فرع جمعية الإعاقة السمعية الهنوف الفارسي، بإيضاحها أنهم يعملون على نشر المعرفة في خدمة الصم لتمكينهم من الحصول على حقوقهم الاجتماعية، والارتقاء بثقافتهم عبر العديد من الوسائل، ومن أهمها نشر لغة الإشارة، ودمجهم من خلال البرامج المتنوعة في مختلف القطاعات لما لذلك من أثر بالغ على تعزيز ثقافة المجتمع.
ومن خلال شريط إيضاحي للجمعية، بينت الهنوف الفارسي، رؤية الجمعية التي لها حالياً ثلاثة فروع مقامة في الرياض وجدة والدمام، أن تكون رائدة في تنمية وتطوير كفاءات الصم المعرفية والسلوكية الدافعة لتمكينهم اجتماعياً ونفسياً وعلمياً من الاندماج في المجتمع والمساهمة في التنمية المجتمعية، وأن رسالة الجمعية تُعنى بتمكين ذوي الإعاقة السمعية، وتطوير قدراتهم، وتنمية مهاراتهم، وتعزيز دورهم المستدام من خلال مبادرات وبرامج وبيئات إبداعية وبطرق مبتكرة وعمل مؤسسي جاذب وشراكات إستراتيجية نوعية، وأن من أهم أهدافها الإستراتيجية تقديم الخدمات للأشخاص الصم وضعاف السمع وتوعيتهم بحقوقهم وواجباتهم وتدريبهم على مهارات القيادة، وتدريبهم على كيفية التواصل فيما بينهم وتمكين المجتمع من التعامل معهم، واستخدام لغة الإشارة بفاعلية في جميع مجالات الحياة، مع تنمية مهارات التفكير، وإقامة البرامج التدريبية، والمشاركات في الأنشطة المجتمعية، وتشجيعهم على الإبداع والابتكار والتجديد وإتاحة الفرصة لهم لإعداد وتطوير البرامج البحثية ذات الصلة، وتوفير مترجمي لغة إشارة في جميع الجهات.
450,000 أصم
جمعية الصم أعلنت أن عدد الأشخاص فاقدي وضعاف السمع في جميع مناطق المملكة يصل إلى 450 ألفاً، وهم ممن يعانون من الصم وضعف السمع والصم الحركي وصم المكفوف وزارع للقوقعة، ويتوزعون على النحو التالي: المنطقة الوسطى 30%، المنطقة الغربية 25%، المنطقة الجنوبية 18%، المنطقة الشرقية 17%، المنطقة الشمالية 9%.
وطالب رئيس جامعة الأعمال والتكنولوجيا البروفيسور الدكتور حسين الجنادي، بضرورة تكثيف الأبحاث وابتكار البرامج التي تسهل على هذه الفئة التعلم وتوصيل المعلومة إليهم بطريقة أسهل وأكثر قبولاً، مشيراً إلى أن التقنيات الحديثة ساهمت في رفع مستوى ثقافة الأصم وزيادة وعيه، وأن السنوات المقبلة سيكون لها دور حاسم في زيادة اندماجهم مع المجتمع.
ضمان الاستقلال والدمج
مدير مركز التأهيل الشامل للذكور بجدة سعد الشهراني، أوضح أن وزارة الموارد البشرية والتنمية الاجتماعية، تسعى إلى تمكين الأشخاص ذوي الإعاقة من الحصول على تعليم وفرص عمل مناسبة يضمن استقلاليتهم واندماجهم؛ بوصفهم عناصر فاعلة في المجتمع، وتزويدهم بكل التسهيلات والأدوات التي تساعدهم على تحقيق النجاح واستثمار الطاقات الكامنة بما يتناسب مع قدراتهم وإمكاناتهم من خلال التنوع في مجالات التدريب المهني بما يتوافق مع قدرات كل فئة واحتياجاتها وتنمية قدراته للاعتماد على نفسه، وجعله عضواً منتجاً في المجتمع ما أمكن ذلك، وأن الوزارة توفر الأجهزة الطبية وبالذات السماعات الطبية.
مبدعون صامتون
مدير معهد الأمل للصم بجدة، المدرب المعتمد ومترجم لغة الإشارة والخبير في قضايا الصم محمد الطخيس، أكد من خلال ورقة عمل «أثر التقنية في تعليم ورفع جودة حياة الأصم» ضرورة تضافر الجهود للتعريف باحتياجات الأصم وكيفية التعامل معه، واصفاً إياهم أنهم قدوة للاجتهاد والمثابرة وعدم الاستسلام، ومبدعون رغم أنهم لا يستطيعون الكلام الذي عوضوه بلمح البصر، وأن تصرفاتهم تعتمد على التقنية الحديثة التي من خلالها باتوا يتواصلون في ما بينهم البين، وبها يقضون حوائجهم وينجزون أعمالهم، لذا لابد من تشجيعهم على استخدام التقنية فمن واقع المعايشة الصم أكثر انكباباً على الأجهزة الإلكترونية كتعويض عن النطق بالكلام. وأكد الطخيس، أن وزارة التعليم تولي هذه الفئة اهتماماً وتتيح لهم أنماطاً تعليمية خاصة، وتوفر لهم المعلم المؤهل وتوفر لهم كافة الاحتياجات من معينات في الفصول، وتقدم لهم الخدمات النفسية والصحية والمساندة والتأهيل والمعلم المستشار، إلى جانب المستلزمات والوسائل التعليمية، كاشفاً أن بعضهم بات يعمل في بعض الإدارات كمتخصص في لغة الإشارة.
افحصوهم لحظة ميلادهم
عضو مركز زراعة القوقعة الأخصائي في تخاطب السمعيات محمد البقية، أكد في ورقة «الحلول التقنية والتكنولوجية لضعف السمع والصم» أهمية إخراج الأصم وضعيف السمع من الدائرة الخاصة إلى الدائرة العامة، مستعرضاً الطرق الطبية الحديثة، وأهمية التوعية، والعمل على المدى البعيد عبر الطرق الطبية، محذراً الآباء من التهاون في فحص مواليدهم منذ الساعات الأولى لمعرفة قدرتهم السمعية، وأهمية الاستعانة بالمراكز السمعية المتخصصة في حال شكهم أن طفلهم يعاني من صعوبة في السمع. موضحا أن عمليات زراعة القوقعة مرت بثلاث مراحل؛ الأولى في 1993م، انتهت في 2011م، المرحلة الثانية انتهت 2015م، أتت بعدها المرحلة الثالثة التي شهدت ثورة في طب السمعيات؛ الأمر الذي واكبه وأصبح لدينا 16 مركزاً تابعاً لوزارة الصحة تضم 40 استشارياً، و3 مراكز في المستشفيات العسكرية، ومثلها في الحرس الوطني، وكذلك في مستشفيات الجامعات، بخلاف مراكز القطاع الخاص، مشيراً إلى أهمية استخدام السماعات الطبية حال الاحتياج لها والابتعاد عن الخجل حتى ينتقل الأصم من عالم الصمت إلى عالم النطق وفي حال الاحتياج إلى زراعة قوقعة لابد أن تجرى في سن مبكرة، فالتأخير عن ثلاث سنوات يؤخر النتائج، مع أهمية الحرص على التأهيل بعد الزراعة فأي تهاون في هذا لن تنجح معه زراعة القوقعة، ملمحاً إلى أهمية أن يتحلى الآباء بالصبر؛ لأن التأهيل يستغرق في بعض الأحيان وقتاً قد يمتد إلى سنوات تزيد عن ست سنوات بحسب قدرة كل زارع.
هل يحتاج مترجماً؟
عضو الهيئة السعودية للمحامين المحامي أحمد بن حسن زبير، بيّن حقوق الأصم من خلال ورقة عمل بعنوان «إضاءات لحقوق الصم لدى وزارة العدل»، سلّط خلالها على جهود وزارة العدل في رعاية هذه الفئة، وتقديم الدعم لهم من خلال توكيل الصم الذي يُحسن الكتابة والقراءة من كتابة عدل تسهل الأمر لهم، وأن تكون المحكمة على معرفة واطلاع بالاختيار وبإمكانهم التقدم للمعونة القضائية في حال عدم القدرة المالية لاختيار من يترافع في القضية وإحضار مترجم له، مؤكداً أن وزارة العدل، حريصة على توفير كل التسهيلات لهذه الفئة ومن أهمها إحالة قضايا الصم إلى قضاة لديهم معرفة وإلمام بفئة الصم.
لا تحولوهم إلى عدوانيين
ورقة عمل قدمتها الأخصائية النفسية وباحثة الدكتوراه منى أحمد الغامدي، تطرقت إلى «الجانب النفسي والأسري لذوي الإعاقة السمعية»، أكدت من خلالها على أهمية التأهيل النفسي؛ سواءً بعد زراعة القوقعة أو في حال الاحتياج للسماعة الطبية، مبينة أن على الأم دوراً كبيراً في رعاية طفلها، موضحة أن بعض الأسر تتهاون في هذا الأمر إذا علمت أن طفلها لا يسمع خجلاً من كلام الناس على الرغم من أنها قدرات إلهية. وأشارت إلى أهمية خضوع الأسر إلى بعض الجلسات النفسية لاجتياز هذه المرحلة، وفي نفس الوقت مساعدة طفلهم مع تقدمه في العمر حتى لا يتعرض لأي حالات معاكسة. مبينة أن فاقدي السمع قد يتحولون في بعض الأحيان إلى عدوانيين، ويرفضون تنفيذ الأوامر متى احسوا بالسلوكيات السلبية من بعض فئات المجتمع؛ بسبب عدم قدرتهم في التخاطب معهم وعدم معرفتهم بلغة الإشارة.
ودقت الغامدي، جرس الإنذار بأهمية أن يتلقى فاقد السمع معاملة خاصة بحسب قدراته في التعليم، خاصة في الاختبارات الشفهية التي يجد صعوبة في نطق بعض الكلمات، وأن على «التعليم» توفير مهارات خاصة لدى معلمي الصم، مطالبة المجتمع الاقتراب أكثر من هذه الفئة وإخراجهم عن تجمعاتهم مع بعضهم البعض.
اقتربوا منهم أكثر
ورقة عمل عن أهمية «التأهيل السمعي ودور الوالدين في حياة الأصم»، قدمتها استشارية اضطرابات التخاطب الدكتورة نهلة دشاش، أوضحت فيها أن التأهيل الكامل هو خطوات نجاح الأصم، مشيرة إلى أنهم يعرفون مراحل التأهيل من خلال كلام الأصم ومن خلال الكلمات التي يكتبها، التي تختلف عن الشخص السليم، معترفة أن التأهيل تكاليفه باهظة، وقد لا تساعد بعض الآباء في الاستمرارية؛ خاصة أنه يمتد إلى سنوات، ناهيك عن احتياج زارع القوقعة إلى بعض لوازم الغرسة من بطاريات وأسلاك وصيانة؛ التي قد تصل في الشهر الواحد إلى أربعة آلاف ريال.
وجاءت آخر ورقة في الملتقى للدكتورة بشرى الفقيه، عن «سمع الدماغ لذوي الإعاقة السمعية»، بينت فيها أهمية اختيار السماعات، وأن تكون تحت إشراف طبي، وأن يتم فحص السمع دورياً كل ستة أشهر، مطالبة المجتمع بأن يتقرب أكثر من الفئة وإعطائهم الفرص لإظهار مواهبهم وقدراتهم، مبينة أن الأسعار تحكمها الشركات في الخارج وهي مكلفة في بعض الأحيان.
واختتم الملتقى بتوصيات من أهمها: الاهتمام بفئة ضعاف وفاقدي الصم، وإصهارهم في المجتمع، وتوفير كافة حاجاتهم، وتذليل العقبات أمامهم، والتركيز على تأهيلهم، وإقامة شراكات مع الشركات الطبية المتخصصة في تخفيض أسعارهم والتعاون مع الجمعيات السمعية المتخصصة، وأن يراعي التربويون الفروقات بين فئة الصم والسليمين عند الاختبارات، وأن يركز الإعلام على هذه الفئة وعلى حاجاتها وتعريفهم بحقوقهم عند التقدم للتعلم والوظيفة وفي المحاكم، وأن تقام دورات توضيحية لتعريفهم بكيفية التقاضي إن احتاج الأمر لذلك.