Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
الصحة والجمال

لماذا يقع البعض في الخطأ نفسه مرارًا؟

يواجه الكثير منا مواقف متكررة نقع فيها في نفس الأخطاء، وكأننا غير قادرين على الاستفادة من تجاربنا السابقة. هذا الشعور بالإحباط شائع، ولكن هل تساءلنا يومًا عن السبب الحقيقي وراء هذا التكرار؟ قد لا يكون الأمر متعلقًا بنقص الخبرة أو سوء التقدير كما نعتقد، بل بطريقة معينة يتعامل بها الدماغ مع المؤثرات المحيطة بنا. هذه المقالة ستتناول دراسة علمية حديثة تكشف عن الأسباب العصبية لتكرار الأخطاء، وكيف يمكننا التغلب على هذه الدورة السلبية.

لماذا نكرر الأخطاء رغم معرفتنا بالنتائج؟

تكرار الأخطاء ليس مجرد مسألة إرادة أو انتباه، بل هو نتيجة لعمليات معقدة تحدث داخل الدماغ. تشير الأبحاث إلى أن الدماغ لا يتعلم دائمًا من التجارب السابقة بالطريقة التي نتوقعها. بل يعتمد بشكل كبير على الإشارات البيئية المحيطة بنا عند اتخاذ القرارات، حتى لو كانت هذه الإشارات تقودنا إلى نتائج سلبية.

هذه الإشارات قد تكون بصرية، سمعية، أو حتى مجرد مشاعر مرتبطة بموقف معين. مع مرور الوقت، تتحول هذه المؤثرات إلى ما يصفه العلماء بـ “الإشارات الموجهة”، والتي تدفعنا تلقائيًا نحو خيار معين، بغض النظر عن عواقبه المحتملة.

الإشارات الموجهة: كيف يتحكم الدماغ في قراراتنا؟

البحث الذي قاده جوزيبي دي بيليغرينو من جامعة بولونيا الإيطالية، و نُشر في دورية Journal of Neuroscience، يوضح كيف يمكن لهذه الإشارات أن تتجاوز التفكير العقلاني. فالدماغ يميل إلى إعطاء الأولوية للإشارات المألوفة والسريعة، حتى لو كانت غير دقيقة أو مضللة.

آلية عمل الإشارات الموجهة

تخيل أنك حاولت اتباع نظام غذائي صحي في الماضي، ولكنك دائمًا ما استسلمت لإغراء تناول الحلويات في مكان معين أو في وقت محدد. هذا المكان أو الوقت يصبح “إشارة موجهة” مرتبطة بالحلويات، مما يزيد من صعوبة مقاومتها في المستقبل. الدماغ هنا لا يقيّم الخيار بشكل عقلاني (هل هذا جيد لصحتك؟)، بل يستجيب للإشارة المألوفة (الحلوى مرتبطة بهذا المكان/الوقت).

هذه الآلية ليست حصرية للخيارات الغذائية، بل تنطبق على جميع جوانب حياتنا، من العلاقات الشخصية إلى القرارات المهنية. فالاعتماد المفرط على هذه الإشارات يمكن أن يؤدي إلى اتخاذ قرارات خاطئة بشكل متكرر، حتى لو كنا ندرك أنها خاطئة.

صعوبة إعادة التعلم: تحدي تغيير الأنماط السلوكية

المشكلة لا تقتصر على الاعتماد على الإشارات الموجهة، بل تمتد أيضًا إلى صعوبة تعديل هذه القناعات عندما تتغير الظروف. هذه الصعوبة، التي تعرف بعملية “إعادة التعلم”، تجعل من الصعب كسر الأنماط السلوكية غير الصحية.

إعادة التعلم تتطلب جهدًا واعيًا لتفكيك الارتباطات القديمة بين الإشارات والاستجابات، وبناء ارتباطات جديدة أكثر صحة. وهذا ليس بالأمر السهل، لأن الدماغ يميل إلى مقاومة التغيير والتشبث بما هو مألوف.

اضطرابات الصحة النفسية وتكرار الأخطاء

تظهر هذه الظاهرة بشكل واضح لدى الأشخاص الذين يعانون من اضطرابات مثل الوسواس القهري والإدمان والقلق. في هذه الحالات، تتفوق الإشارات البيئية على القدرة العقلانية في تقييم المخاطر واتخاذ القرار الصحيح. فالشخص المصاب بالوسواس القهري قد يكرر طقوسًا معينة على الرغم من إدراكه أنها غير منطقية، بينما قد يستسلم الشخص المدمن لإغراء المخدرات أو الكحول على الرغم من معرفته بالعواقب الوخيمة.

التغلب على الإدمان و علاج الوسواس القهري غالبًا ما يتضمنان إعادة برمجة هذه الإشارات الموجهة، وتعزيز القدرة على التفكير العقلاني واتخاذ القرارات الواعية.

التعلم والتكيف: هل يمكننا التحكم في أدمغتنا؟

الباحثون يؤكدون أن قدرة الأفراد على معالجة الإشارات وتحديث معتقداتهم تختلف من شخص لآخر. فبعض الأشخاص أكثر مرونة وقدرة على التكيف من غيرهم. ولكن الخبر الجيد هو أن هذه القدرة يمكن تطويرها من خلال التدريب والممارسة.

يسعى الفريق البحثي إلى دراسة هذه الآلية بشكل أعمق، لا سيما لدى المرضى، بهدف تطوير تدخلات علاجية تساعد على كسر دائرة القرارات الخاطئة المتكررة. وتشمل هذه التدخلات تقنيات العلاج السلوكي المعرفي، والتدريب على الانتباه اليقظ، والتحفيز العصبي.

خلاصة: فهم الدماغ هو مفتاح التغيير

تكرار الأخطاء ليس بالضرورة علامة على العناد أو تجاهل التجربة، بل قد يكون انعكاسًا مباشرًا لكيفية عمل الدماغ عند معالجة المؤثرات الخارجية واتخاذ القرار. فهم هذه الآلية يفتح أفقًا جديدًا لفهم السلوك البشري وتحسين استراتيجيات التعلم والتكيف. من خلال الوعي بالإشارات الموجهة التي تؤثر في قراراتنا، والعمل على إعادة برمجة هذه الإشارات، يمكننا كسر الدورة السلبية والبدء في اتخاذ خيارات أكثر صحة وفعالية. لذا، في المرة القادمة التي تجد نفسك تكرر نفس الخطأ، تذكر أن الأمر قد لا يتعلق بك، بل بكيفية عمل دماغك. ابحث عن طرق لتعزيز قدرتك على التعلم والتكيف، وستجد نفسك قادرًا على التغلب على التحديات وتحقيق أهدافك.

اقرأ أيضًا:

  • هيفاء وهبي جريئة.. 20 صورة لـ أجمل إطلالات النجمات احتفالا بالكريسماس
  • 5 فيتامينات نقصها يسبب ضيق التنفس.. احذر هذه الأعراض
  • 5 فوائد مذهلة لشرب الشاي الأخضر.. وهؤلاء ممنوعون من تناوله
  • 6 إشارات تحذيرية تكشف عن خلل بالجسم احذرها

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *