ليت كلهن أم فهد يا مشعل !
وقررت أن تُسكن (العروسة الجديدة) في الغرفة المجاورة لغرفتها، وأجبرت أبناءها على تقديم هدايا للعروسين،
وأهدتهم إقامة لمدة أسبوع في فندق خمس نجوم في اللؤلؤة، كما قامت بتوزيع بطاقات الدعوة على الأقارب والأصدقاء والجيران، وكانت هي أولى الراقصات (بالزفّة)، إلى درجة أنها من حماستها أخذت تشرشر بالعرق، وكلما حاولوا إجلاسها رفضت.
وقد بررت قيامها بذلك، بأنها استشعرت أن زوجها لديه القدرة على الزواج من امرأة (ثانية)، وكان وفياً معها لأكثر من 32 عاماً، وعندما شاهدت الضجر والكآبة على محيّا شريك عمرها بعد تقاعده وجلوسه في المنزل، استخارت الله سبحانه وتعالى على تزويجه، وخطبت له، وتم عقد الزواج بكل يسر وسهولة، لأن الرجل إذا أحيل للتقاعد يشعر بالضيق والملل وربما يصيبه الاكتئاب لهذا قررت هي أن تريح نفسيته بالزواج الثاني، فعلاً قصة غريبة وغرابتها تكمن في مخالفتها لطبيعة بنات حواء وما جُبلن عليه من الغيرة القاتلة حتى اللغة فقيرة في توصيف غيرة المرأة أقل ما تقوله وتردده (يموت قدامي ويفرفر أغسله وأكفنه وأدفنه بيدي ولا يتزوج عليّ) تتساوى كلهن في هذه الغيرة طبع أصيل يولدن به ويتغول في جِيناتهن.
هذه أم المؤمنين عائشة تغار من خديجة رضي الله عنهما وهي ميتة وتقول عنها إنها امرأة عجوز عندما كان رسول الله يذكرها بخير وكان يردد عن عائشة (غارت أمكم)،
ألم يطلّق رسول الله أسماء بنت النعمان، أجمل أهل زمانها بسبب غيرة عائشة عندما قالت لحفصة (قد وضع يده في الغرائب يوشكن أن يصرفن وجهه عنا)، فقالت لأسماء وهي تمشطها إن النبي، يعجبه من المرأة إذا دخلت عليه أن تقول أعوذ بالله منك. فلما دخلت عليه وأغلق الباب وأرخى الستر مد يده إليها فقالت: أعوذ بالله منك فقال عليه الصلاة والسلام أمن عائذ الله ! الحقي بأهلك.
وفي الحكاية التالية تعرف يا مشعل أن الغيرة طبع أصيل متوارث في بنات حواء ولولا معرفتي بصدقك في ما رويت لما اقتنعت أن زوجة من بنات حواء تعملها أو حتى تفكر فيها أصلاً.
تقول الحكاية إن الأم الأولى بعد أن استقر بها المقام في الأرض وبمرور الأيام اكتشفت صدفة انعكاس وجهها على سطح الماء فرأت أن وجهها تغير كثيراً عن تلك الصورة الجميلة الآسرة التى هبطت بها فقد تغضن وجهها وتجعد جلدها وشابت خصلات من شعرها كان آدم يراقب ما طرأ على زوجه ولم يحاول أن ينظر مثلها إلى الماء ليري هل أصابه ما أصابها أو أنه شاف وطنش، وبدأ آدم يفكر في أنثى صغيرة أحلى وأجمل ومع البحث والتقصي سمعت حواء بما عزم عليه آدم.
عز على حواء نفسها يعصرها الألم وتأكلها نار الغيرة انطوت على نفسها تتحسر على أيام مضت الله يا زوجي العزيز بعد مائة عام تفكر بالزواج عليّ وقد رافقتك في السراء والضراء ولحظة الهبوط القاتلة وأهوالها فين راح الشوق من قلبك والرقة والحنية أنا مخلوقة من ضلعك.
وفي لحظة قهر تركت أرض الهبوط الأول والأهل والأحفاد وهامت على وجهها إلى الصحراء حتى لا ترى اللحظة القاتلة زوجة ثانية حتى استقر بها المقام في جدة حيث قبرها لا زال قائمًا حتى اليوم.
ويحكي زوج عن زوجته أنها كانت متعلقة بأبيها بطريقة جنونية فمات أبوها وتحير في أمره وكيف يخبرها فذهب إليها بحيلة فقال لها نويت أن أتزوج من امرأة أخرى غيرك فلما سمعتني أخذت تصرخ وتولول وتضربني مرة وتضرب في نفسها مرات ومرات ودموعها لا تتوقف عن الانهمار حتى خارت قواها وبح صوتها ولم يعد لديها القدرة على الكلام.
كنا قد شارفنا على الوصول إلى بلدتها وحان الوقت كي أخبرها الحقيقة فقلت لها لم أفكر يومًا بالزواج من ثانية وإنما هناك خبر حزين فقد مات والدك اليوم فقالت: رحمه الله ولكن هل حقًا لن تتزوج بأخرى!
وأسال الله أن يلهم كل زوجة ما فكرت فيه أم فهد.