مقاومة شرسة بشمال غزة ونتنياهو تكلفة الحرب

اشتدت حدة الاشتباكات والمعارك بين الجيش الإسرائيلي وفصائل المقاومة الفلسطينية بقطاع غزة في اليوم الـ 80 للحرب، مع ارتفاع حصيلة القتلى من الجانبين فضلا عن المدنيين، فيما اعترف رئيس الوزراء الإسرائيلي للمرة الأولى بأن الحرب تكبد تل أبيب «ثمنا باهظا جدا»، فعلى الرغم من أن إسرائيل تقول إنها حققت سيطرة عملياتية شبه كاملة على شمال قطاع غزة وتستعد لتوسيع الهجوم البري ليشمل مناطق أخرى، بدا أن الجيش الإسرائيلي يواجه مقاومة شرسة، إذ أكد سكان جباليا ووسائل إعلام فلسطينية أن إسرائيل قصفت مناطق في المدينة بالضربات الجوية فضلا عن القصف المدفعي من الدبابات التي توغلت أكثر في جباليا.
وقال متحدث باسم وزارة الصحة في غزة امس إن 166 فلسطينيا قتلوا خلال 24 ساعة ليصل إجمالي عدد القتلى الفلسطينيين إلى أكثر من 20424، فيما أصيب عشرات الآلاف، ويعتقد أن هناك عددا كبيرا من الجثث تحت الأنقاض.
وأكد مسعفون ان 6 فلسطينيين قتلوا وأصيب عدد آخر في غارة جوية إسرائيلية على منزل بمخيم البريج للاجئين وسط غزة، حيث أمر جيش الاحتلال السكان بإخلاء المكان والتوجه غربا نحو مدينة دير البلح.
واضطر جودت عماد (55 عاما)، وهو أب لستة أبناء، إلى مغادرة منطقة في مخيم النصيرات للاجئين وسط غزة بعد أن أشارت إليها خريطة نشرها جيش الاحتلال على أنها مكان يجب إخلاؤه.
وأضاف عماد لـ «رويترز» عبر الهاتف: «كنت محظوظا بالحصول على خيمة في رفح. من مالك لمبنيين إلى لاجئ في خيمة ينتظر المساعدات.
هذا ما حولتنا إليه هذه الحرب الوحشية. العالم مريض ولا إنساني لدرجة أنه لا يستطيع رؤية وحشية إسرائيل، وهو عاجز عن وقف هذه الحرب (وما تسببه) من الدمار والجوع».
وفي رفح على الحدود الجنوبية للقطاع مع مصر، قال مسعفون فلسطينيون إن ضربة جوية إسرائيلية على منزل قتلت شخصين على الأقل.
وفي السياق، أفاد الهلال الأحمر الفلسطيني بوقوع هجوم على احدى قواعده الرئيسية في خان يونس جنوب غزة. وقال إن طفلا يبلغ من العمر 13 عاما قتل برصاص أطلقته طائرة مسيرة إسرائيلية في أثناء وجوده داخل مستشفى الأمل.
في هذه الأثناء يتنقل رجال الدفاع المدني من جثة إلى أخرى ويلفون بالأكفان مجموعة من قتلى الحرب المستمرة، حيث يتم ذلك على رقعة من الأرض الرملية بين مبان منهارة وأخرى محترقة وسيارات محطمة.
وبينما تقاتل إسرائيل من أجل انتزاع السيطرة الكاملة على شمال القطاع، يعكس المشهد في مخيم جباليا للاجئين الخطر المميت الذي يشكله القصف الجوي والغارات الجوية المتواصلة على الفلسطينيين.
وجرى تصوير تلك المشاهد في لقطات نشرها الدفاع المدني الفلسطيني تظهر أيضا عاملا يحفر بيده في محاولة لانتشال جثة محترقة على ما يبدو من تحت الأنقاض.
معركة معقدة وصعبة
في المقابل، أعلن الجيش الإسرائيلي مقتل 8 من جنوده في القطاع بما رفع العدد المعلن للقتلى في صفوفه إلى 154 منذ بدء الاجتياح البري ردا على هجوم مسلحي حماس في السابع من أكتوبر.
ووصف يفتاح رون تال وهو قائد سابق للقوات البرية الإسرائيلية ساحة المعركة في غزة الواقعة وسط المباني بأنها «الأكثر تعقيدا وتحصينا» في العالم، وتتطلب مشاة ودبابات ومدفعية وفرق مهندسين.
وقال لراديو الجيش الإسرائيلي أمس: «أعتقد أن ما يحدث الآن هو نتاج معركة صعبة في منطقة مكدسة وفي هذا النوع من المعارك تكون هناك للأسف خسائر كبيرة».
من جهتها، أفادت كتائب عزالدين القسام الجناح العسكري لحماس بأنها استهدفت قوة إسرائيلية من 10 جنود داخل مبنى في جحر الديك بقذيفة مضادة للتحصينات، وأكدت أنها أوقعتهم بين قتيل وجريح.
وأعلنت «كتائب القسام» عن استهداف قوة إسرائيلية راجلة في جحر الديك وإيقاع قتلى في صفوفها، وسط استمرار المعارك الضارية بين المقاومة وقوات الاحتلال في المنطقة.
وفي السياق، قال ناهض أبو طعيمة مدير مجمع ناصر الطبي في خان يونس لقناة الجزيرة الفضائية إن الكوادر الطبية وسيارات الإسعاف غير قادرة على تقديم خدماتها في غزة.
وأكد أنهم يحاولون علاج إصابات شديدة وحرجة بسبب استخدام الاحتلال أسلحة قد تكون محرمة دوليا.
ووسط هذه الاجواء، غابت عن مدينة بيت لحم مظاهر الاحتفال بعيد الميلاد مقارنة بما جرت عليه العادة خلال السنوات الماضية، بسبب الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة.
وبدل أن يحمل أعضاء فرق الكشافة الآلات الموسيقية في المسيرة السنوية التقليدية مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد، رفعوا لافتات تدعو الى وقف الحرب على قطاع غزة.
ومما كتب على اللافتات التي رفعها أعضاء فرق الكشافة: «سلام لغزة وأهلها» و«غزة في القلب» و«نريد حياة لا موت» و«يريد أطفالنا أن يلعبوا ويضحكوا».
وقال البطريرك بيتسابلا للصحافيين لحظة وصوله إلى ساحة كنيسة المهد التي بدت خالية سوى من بضع عشرات من المواطنين «هذا عيد ميلاد حزين جدا».
وأضاف «مثلما رأينا لا توجد أجواء للسلام لأننا في حرب رهيبة، ونعبر عن تعاطفنا مع أهالي غزة، جميع أهالي غزة. هناك أكثر من ميلوني شخص يعانون من التشريد والجوع في ظروف لا يمكن تحملها».
تكلفة «باهظة للغاية»
في غضون ذلك، أكد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للمرة الأولى ان تكلفة الحرب الدائرة في غزة «باهظة للغاية».
وقال نتنياهو خلال الاجتماع الأسبوعي لحكومته امس: «ندفع ثمنا باهظا للغاية في الحرب لكن ليس أمامنا خيار سوى مواصلة القتال».
لكن استدرك بالقول: «نحن مستمرون بكل قوتنا حتى النصر، حتى نحقق جميع أهدافنا وتدمير حماس واستعادة الرهائن وضمان أن غزة لن تشكل أي تهديد مستقبلي لإسرائيل».
ورفض نتنياهو تقارير تفيد بأن الولايات المتحدة أقنعت إسرائيل بعدم توسيع عملياتها العسكرية.
وكانت صحيفة «وول ستريت جورنال» قد ذكرت أمس الأول أن بايدن أقنع نتنياهو بعدم مهاجمة جماعة حزب الله في لبنان بسبب مخاوف من أن تشن هجوما على إسرائيل.
وقال نتنياهو معلقا: «قراراتنا في الحرب تبنى على اعتباراتنا المتعلقة بالعمليات ولن أخوض في تفاصيل بشأن ذلك».
إلى ذلك، قالت القيادة المركزية الأميركية إن الولايات المتحدة أسقطت 4 طائرات مسيرة انطلقت من مناطق يسيطر عليها الحوثيون في اليمن صوب مدمرة أميركية في جنوب البحر الأحمر أمس الأول.
وأضافت أن ذلك يرفع عدد هذا النوع من الهجمات على حركة الشحن التجاري إلى 15.
وقالت وزارة الدفاع الأميركية «الپنتاغون» إن طائرة مسيرة انطلقت من إيران ضربت ناقلة كيماويات في المحيط الهندي.
جهود الهدنة تتواصل
في هذه الأثناء، قال عضو في حركة الجهاد الإسلامي لوكالة رويترز امس إن وفدا من الحركة الفلسطينية وصل إلى القاهرة لإجراء محادثات مع مسؤولين أمنيين مصريين.
وتحتجز الحركة عددا من الإسرائيليين في غزة، وترفض حتى الآن أي اتفاقات جديدة لتبادل محتجزين بأسرى مع إسرائيل قبل أن تنهي حملتها العسكرية على القطاع الذي يقطنه نحو 2.3 مليون نسمة.
وقال المسؤول المطلع على المحادثات إنها ستتركز على سبل إنهاء العدوان الإسرائيلي على غزة المستمر منذ اسابيع.