منى المالكي لـ«»: الفن لم يعد موهبة بل احتراف مهني
• ماذا يعني افتتاح كلية للفنون في جامعة سعودية في هذا التوقيت؟
•• يعني مواكبة رؤية 2030 لتحقيق مستهدفاتها في جودة الحياة، والوصول إلى مواكبة الطلب المتزايد في سوق العمل، للمؤهلين أكاديمياً في مجالات الفنون المتعددة والمختلفة بحسب طبيعة الأعمال المطروحة اليوم، التي اختلف فيها مفهوم الفن من أن يكون موهبة فقط إلى احتراف مهني تدعمه معرفة أكاديمية قوية.
• ما أبرز التحديات التي مررتم وتمرون بها، وكيف يمكن تجاوزها؟
•• أبرز التحديات هي الدخول في تنفيذ برامج أكاديمية، وتكوين فرق عمل للعمل على إنشائها بمقارنات مرجعية عالمية من جامعات ومعاهد وأكاديميات لها خبرة زمنية ممتدة ومواءمة ذلك كله ليحقق مستهدفاتنا، فمثلاً برامج مثل الفنون السينمائية والموسيقى، الخبرة الأكاديمية لدينا في الموسيقى محدودة، وهذا تحدٍّ حقيقي تجاوزه الفريق التنفيذي لإنشاء كلية الفنون بجامعة الملك سعود بفضل الله تعالى ثم دعم هائل من قيادة الجامعة من خلال دعم مالي ومعنوي ثم عزم الأكاديميين المميزين، الذين عملوا على تنفيذ البرنامج وتقديمه أكاديمياً بشكل يليق بجامعة الملك سعود.
• ما استراتيجية الكلية على الأمداء القريبة والمتوسطة والمستقبلية؟•• الكلية تخطو خطواتها الأولى، فعمرها الزمني سنة واحدة، ولها استراتيجية تستقيها من استراتيجية الجامعة التي هي جزء من رؤية 2030، وهي مواكبة الجامعات العالمية وتحقيق الريادة محلياً وعربياً في مجال تدريس الفنون أكاديمياً، وإثر هيكلة الكلية واستقبال طلابنا وتنفيذ برامجنا الأكاديمية الخمسة (الفنون البصرية، التصميم الجرافيكي، المسرح، الفنون السينمائية، الموسيقى) عملنا على دبلومات (دبلوم الوسائط الرقمية المتعددة، دبلوم صناعة الأفلام)، هناك أيضاً الاستثمار من خلال وحدة الأعمال بالكلية؛ التي تعنى بالمشاركة في مشاريع استثمارية ثقافية تخدم موارد الكلية المالية، إلى جانب مشاركة طلابنا في ما يخدم ويصقل مهاراتهم وتزويدهم بالخبرة الميدانية التطبيقية في مجال الفنون.
• هل هناك تجربة يمكن محاكاتها عربياً أو عالمياً؟
•• طبعاً ما نطلق عليه في الجودة في المجال الأكاديمي (Benchmark)، فالمحاكاة كانت لجامعات ومعاهد عالمية في نيويورك وأستراليا وبريطانيا، عربياً كانت أكاديمية الفنون في مصر، إضافة إلى تحكيم البرامج الأكاديمية من قبل محكمين أكاديميين مميزين ما يضفي قيمة عالية على البرامج التي تقدم للطلاب والطالبات في كلية الفنون.
• ماذا عن الميزانية المخصصة للكلية؟ •• أجدها فرصة رائعة لشكر قيادة جامعة الملك سعود، خصوصاً رئيس الجامعة (سابقاً) الدكتور بدران العمر الذي لم يبخل علينا إطلاقاً، بدعم ومشورة ونصح وتوجيه، وكذلك رئيس الجامعة المكلف حالياً الدكتور عبدالله بن سلمان السلمان الذي كان وما زال مرجعيتنا في كل ما يخص الكلية مالياً ولوجستياً وكل ما تحتاجه الكلية، كان يُقدم لنا عطاءً بلا حد لتُنشأ الكلية وحدث ولله الحمد، وكذلك نواب رئيس الجامعة وزملائي وزميلاتي عمداء الكليات بجامعة الملك سعود.
• كم عدد الطلاب الذين انتظموا في الكلية إلى اليوم؟•• استقبلنا 105 طلاب وطالبات في الفصل الدراسي الجامعي لهذا العام 14452024.
• ما التخصصات المعتمدة حالياً؟
•• انطلقنا بثلاثة برامج أكاديمية: الفنون البصرية، التصميم الجرافيكي، المسرح.
• لماذا استثنيتم القبول في بعض التخصصات؟
•• برنامجا الفنون السينمائية والموسيقى لم تتوفر تجهيزاتهما؛ سواء على مستوى أعضاء هيئة التدريس أو المعامل، ونعمل على تهيئتهما وستنطلق، بإذن الله، خلال عام من الآن.
• هل بالضرورة أن يتخرج كل طالب وطالبة فنانين بالمعنى المهني؟
•• الهدف الأساس هو تزويد الطلاب بالمعرفة الأكاديمية النظرية والتطبيقية، فالتطبيق لدينا في البرامج يصل إلى أكثر من 60%، وهي برامج مهنية تؤهل لسوق العمل مباشرة بعد تدريب ميداني خارج الكلية.
• متى سيتم تخريج أوّل دفعة من الكلية؟
•• عقب أربعة أعوام من الآن بإذن الله تعالى.
• ما الفنون التي تحتاج إلى ضخ كوادر وطنية بصفة مبدئية؟
•• كل مجالات الفنون التشكيلية البصرية؛ التصميم الجرافيكي، تصميم الأزياء والمجوهرات، المسرح، السينما والموسيقى؛ لأنها مجالات في أغلبها تأتي بمفهوم جديد يواكب الرؤية العالمية للفنون (موهبة) تتحول لاحترافية في الأداء.
• هل تختارون أعضاء هيئة التدريس من الأكاديميين؟
•• نعم، فالجانب النظري الأكاديمي المعرفي لن يقدمه إلا أكاديمي متخصص، أما في الجوانب التطبيقية للبرامج الأكاديمية فيقدمه محترفون مهنياً؛ منهم فنانون تشكيليون، وخزافون، ومصممو جرافيك وأزياء، ومسرحيون، وسينمائيون، وموسيقيون.
• كيف هي فرص الابتعاث مستقبلاً؟ وما الدول التي يمكن الابتعاث إليها؟
•• قبل أيام صدرت لائحة ضوابط إيفاد المبتعثين في جامعة الملك سعود التي تنص على توفير القبول للمبتعث في أفضل 50 جامعة عالمية، وهذا دليل على الإرادة الحقيقية في بلوغ التميز والوصول، بإذن الله، إلى أفضل 10 جامعات عالمية؛ كما هي رغبة سيّدي ولي العهد حفظه الله تعالى.
• ما حجم التنسيق مع الجهات المعنية بالفنون على المستوى الخاص والحكومي؟
•• تنسيق عالٍ جداً مع وزارة الثقافة، ونعد الذراع الأكاديمي الثقافي، وبين وزارة الثقافة وبين كلية الفنون 11 مبادرة، إضافة لمعهد مسك، والمعهد الملكي للفنون التقليدية؛ الذي نطمح للعمل معاً فيما يخص الفنون البصرية.
• ما إمكانية الاستفادة من الفنانين الممارسين، خصوصاً في المسرح والتمثيل والإخراج؟
•• كما ذكرت سابقاً، سيكونون هم من يعمل على المقررات العملية؛ مثل الأداء التمثيلي وفنيات معينة داخل البرامج الأكاديمية لطلابنا وطالباتنا، وسنستعين بهم في تقديم خبراتهم المهمة في المجال.
• ماذا عن البنية التحتية للكلية على مستوى التقنيات والاستوديوهات ولوازم التدريب؟
•• نعمل حالياً على تجهيز المبنى الجديد لكلية الفنون، الذي يتم إعداده بمواصفات عالمية، ليحقق متطلبات كلية الفنون بحسب المواصفات عالية الجودة، وسننتقل إليه من المبنى المؤقت في غضون عام ونصف بإذن الله تعالى.
• متى يمكن الشعور بنجاح الفكرة، والبدء بمراكمة الخبرة؟
•• إثر تخريج الدفعة الأولى نستطيع المراجعة، بينما تراكم الخبرة يحتاج إلى وقت من العمل الجاد المخلص.
• كيف ترون إمكانية تعميم التجربة في جامعات أخرى؟
•• هذا من شأن صانع القرار، ولكن من وجهة نظري تدريس الفنون أكاديمياً بمقارنات مرجعية عالمية هو هدف مميز لتحقيق تجربة رائعة، وتعميمها سيخدم الناتج القومي بشكل كبير جدّاً.
• هل أخذتك هذه المهمات من مشروعك النقدي؟
•• قليلاً فقط، وإن كان عملي الحالي يخدم مشروعي الثقافي عموماً، لكن مشاركاتي الأخيرة بورقة نقدية عن المسرح السعودي في مهرجان الرياض المسرحي الأول جعلني في قلب الحدث، إضافة إلى عملي على أبحاث الترقية إلى الأستاذية التي أعمل عليها في المسرح والسينما، فلم أبتعد عن هدفي الأساس ومشروعي النقدي.
• ما انطباعك عن المشهد الثقافي في المملكة في ظل التحولات التي نعيشها؟
•• تحولات سريعة ومدهشة أن تجد كل هذا الكم من تعدد العمل الثقافي وتشظي الثقافة إلى أشكال وأجناس متعددة لتحقيق متعة دائمة، فالمشاريع والمشاركات وحركية الفعل الثقافي اختلفت عن السنوات السابقة، وهذا ما يجعل ديناميكية العمل مختلفة ومتغيرة ومتسارعة.