موت الجملة المفيدة
منذ الصفوف الأولية في المدرسة تعاملت مخيلاتنا الصغيرة مع هذا الطلب المدرسي اللغوي البسيط. نضع الكلمات في جمل مفيدة.
أتخيل جيل اليوم كيف يتعامل مع هذا السؤال، وما هو الميم أو الايموجي الذي يظهر في رؤوسهم بدلاً من الجملة المفيدة.
في عصر الرموز التعبيرية «الايموجي» والميمات والصور المتحركة، هل أصبحت الجمل المفيدة قديمة؟ هل أشكال الكتابة القديمة تستحق الموت؟ أو هل يمكن أن يكون هناك متسع ومزاوجة لأكثر من نوع واحد من الكتابة؟
تعتبر الجملة الأولى للطفل لحظة محورية في تطوره عندما يتم التعرف على أنه قادر الآن على توصيل الأفكار الكاملة والتعبير عن مشاعره بوضوح، لكن في القرن الواحد والعشرين أصبح التعبير عن الأفكار على نحو متزايد بواسطة التكنولوجيا، ونتيجة لذلك أصبحت اللغة أكثر إهمالاً بل وتكاد تصبح اللغة التقليدية أداة غير رسمية.
هل النصوص ورسائل البريد الإلكتروني والتغريدات والرموز التعبيرية مسؤولة عن تراجع الجملة النحوية المفيدة؟
الجملة النحوية المبنية على مسند ومسند إليه، بعضها فعلية تتكون من فعل وفاعل… وبعضها اسمية تتكون من مبتدأ وخبر.
لا أستطيع الجزم إن كانت معايير الكتابة لدينا تزداد سوءاً، أم أنها ببساطة تتغير مع الزمن؟
هل هو مجرد تغيير ليس إلى الأسوأ وبالطبع ليس للأفضل.
أما التأثير الجيد أو السيئ لأساليب التواصل الجديدة على المشاركة الاجتماعية، فمحل بحث ودراسة للمتخصصين، أتمنى أن يتناولوه بالبحث ويقدموا عليه التوصيات المناسبة.
ما هو مؤكد لي في هذه المرحلة التاريخية من حياة اللغة العربية (وغيرها من اللغات) أن الاختصارات تحل محل الجمل العادية؛ لأنها أسرع في الكتابة وفي تدوين النص. وهذا عيب يضاف لصعوبة دراسة النحو العربي وعدم تبسيطه للناشئة.
أهمية المسألة في ظني أن اللغة ليست مجرد طريق تواصل واتصال، بل هي في عمقها أسلوب تفكير. وعليه إن نظرنا إلى جملنا الطويلة غير المفيدة المليئة بالحشو من جهة والاختصارات من جهة أخرى أدركنا خطورة الموقف وأهمية بحثه ودراسته.