النحاس يسجل مستوى قياسياً مع تصاعد مخاوف نقص الإمدادات

شهد سعر النحاس ارتفاعًا قياسيًا في بورصة لندن للمعادن، مسجلاً 11294.5 دولارًا للطن، وذلك في ظل تزايد المخاوف بشأن نقص محتمل في المعروض العالمي. يأتي هذا الارتفاع بعد تقلبات شهدتها الأسواق في يوليو الماضي، مع توقعات بتأثير محتمل لسياسات تجارية جديدة. وارتفعت العقود الآجلة للنحاس في بورصة “كوميكس” الأمريكية بنسبة 1.6%، مما يعكس الزخم الصعودي في الأسعار.
يعزى هذا الارتفاع إلى عدة عوامل متداخلة، بما في ذلك توقعات بزيادة الطلب على النحاس بسبب دوره الحيوي في قطاع الطاقة المتجددة، بالإضافة إلى مشاكل في جانب الإمداد. ويشير المحللون إلى أن عمليات نقل النحاس المتسارعة إلى الولايات المتحدة، قبل تطبيق محتمل لرسوم جمركية على الواردات، قد تزيد الوضع سوءًا وتفاقم النقص في مناطق أخرى.
الطلب المتزايد على النحاس وتأثير السياسات التجارية
جاءت هذه التحركات السعرية بعد مؤتمر النحاس الكبير الذي عقد في شنغهاي الأسبوع الماضي، والذي سلط الضوء على الضغوط المتزايدة على الإمدادات. فقد شهد العام الحالي عددًا من التعطّلات غير المخطط لها في مناجم النحاس، مما أثر سلبًا على الإنتاج العالمي. بالإضافة إلى ذلك، تواجه مصاهر النحاس مفاوضات صعبة مع شركات التعدين بشأن صفقات إمدادات الخام السنوية، وقد ارتفعت العلاوات السنوية بشكل ملحوظ.
وتعتبر شركة “ميركوريا إنرجي غروب” من بين المؤسسات التي حذرت من احتمال حدوث نقص في النحاس خلال العام المقبل. ويرجع ذلك جزئيًا إلى التوقعات بتزايد الطلب مع استمرار التحول نحو مصادر الطاقة النظيفة، حيث يُستخدم النحاس على نطاق واسع في شبكات الكهرباء والسيارات الكهربائية.
الأسعار في بورصة “كوميكس” والتحركات المتوقعة
أوصل الارتفاع في بورصة “كوميكس” يوم الإثنين سعر النحاس إلى أعلى مستوى له منذ 30 يوليو، قبل أن تنخفض الأسعار بعد إعلان الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب تأجيل قرار بشأن الرسوم على المعادن حتى عام 2026. ومع ذلك، يشهد السوق الآن نشاطًا متزايدًا مع توقعات بأن يفرض الرئيس ترامب رسومًا جمركية في حال عودته إلى السلطة.
ويقدر حجم النحاس الذي يتم وضعه حاليًا للشحن إلى الولايات المتحدة بأكثر من نصف مليون طن، والذي من المتوقع أن يصل في الربع الأول من عام 2026، وفقًا لتصريحات كوستاس بينتاس، رئيس قسم المعادن في “ميركوريا”. يعكس هذا التحرك رغبة المتداولين في الاستفادة من ارتفاع الأسعار في السوق الأمريكية قبل تطبيق أي رسوم جمركية.
في الوقت نفسه، شهدت أسعار النحاس في بورصة لندن ارتفاعًا بنسبة 0.4% لتصل إلى 11228.50 دولارًا للطن بحلول الساعة 10:27 صباحًا بتوقيت شنغهاي يوم الجمعة، بعد قفزة بلغت 2.3% في اليوم السابق. وارتفع سعر النحاس في بورصة “كوميكس” أيضًا، ليصل إلى 5.31551 دولارًا للرطل.
لم يقتصر الارتفاع على النحاس فقط، بل امتد ليشمل معادن أخرى أيضًا. فقد شهد القصدير ارتفاعًا بنسبة 1.4% والألومنيوم بنسبة 0.3% في بورصة لندن. ويعكس ذلك تقديرات واسعة النطاق بتعافي الاقتصاد العالمي وزيادة الطلب الصناعي بشكل عام، مما يدعم أسعار المعادن.
تعتبر هذه التطورات جزءًا من اتجاه صعودي طويل الأمد في أسعار النحاس، حيث ارتفع المعدن بنحو 30% في بورصة لندن للمعادن منذ بداية العام الحالي. ويعزى هذا الارتفاع إلى التوقعات الإيجابية بشأن مستقبل الطلب على النحاس، خاصة مع تزايد الاستثمارات في البنية التحتية الخضراء والتحول نحو الطاقة المتجددة (الطاقة النظيفة).
وتشير التقارير إلى أن إدارة ترامب قد أضافت النحاس والفضة واليورانيوم إلى قائمة المعادن الحرجة، مما يعكس أهميتها الاستراتيجية للاقتصاد الأمريكي. كما أن هذه الخطوة قد تؤدي إلى فرض قيود إضافية على الواردات بهدف حماية الصناعات المحلية.
على المدى القصير، من المتوقع أن تستمر أسعار النحاس في التقلب، مع مراقبة دقيقة للتطورات السياسية والاقتصادية في الولايات المتحدة والعالم. ويعتبر قرار الرئيس ترامب بشأن الرسوم الجمركية، في حالة عودته إلى الرئاسة، هو العامل الرئيسي الذي سيحدد مسار الأسعار في الأشهر المقبلة. بالإضافة إلى ذلك، يجب متابعة أي تطورات جديدة تتعلق بإمدادات النحاس من المناجم والمصاهر الرئيسية.

