خطرها أكبر من “هواوي”.. لماذا يطالب مجلس الشيوخ بمراقبة وحظر شركة صينية جديدة؟

يطالب السيناتور الأمريكي مارك وارنر بوضع شركة “بي جي آي” (BGI) الصينية، وهي شركة رائدة في مجال تحليل الحمض النووي، على القوائم السوداء الأمريكية بسبب مخاوف أمنية واستخباراتية. يأتي هذا الطلب في ظل تزايد القلق بشأن قدرة الصين على استغلال البيانات الجينية لأغراض عسكرية أو تجسسية، وهو ما يثير جدلاً واسعاً حول مستقبل التكنولوجيا الحيوية وأمن المعلومات.
التحذير من وارنر، العضو في لجنة الاستخبارات بمجلس الشيوخ الأمريكي، يتعلق بالانتشار العالمي لشركة “بي جي آي” وتقنياتها المتقدمة في مجال الجينوم، وتسعى الشركة بشكل متزايد إلى توسيع نطاق عملها خارج الصين، مما يثير مخاوف بشأن الوصول إلى البيانات الحساسة. صرح وارنر لشبكة “سي إن بي سي” بأن “بي جي آي” قد تتجاوز في تأثيرها شركة “هواوي” من حيث المخاطر التي تمثلها.
مخاوف الأمن القومي بشأن تحليل الحمض النووي الصيني
تتمحور المخاوف حول ارتباطات “بي جي آي” الوثيقة بمشروع الجينوم الوطني الصيني، والذي يهدف إلى رسم خريطة جينية شاملة للسكان الصينيين. بالإضافة إلى ذلك، يشعر صناع القرار في واشنطن بالقلق من أن الشركة قد تستخدم عينات الحمض النووي التي تجمعها من جميع أنحاء العالم لأغراض تتعارض مع المصالح الأمنية الأمريكية.
وبحسب تقارير إخبارية، تعمل “بي جي آي” على تطوير تقنيات متقدمة في مجال تعديل الجينات، بما في ذلك تقنية “كريسبر” (CRISPR)، والتي قد تستخدم في تطوير “جنود خارقين” أو أسلحة بيولوجية. وتعد هذه الإمكانات مصدر قلق خاص للمستخبارات الأمريكية.
التوسع العالمي لشركة “بي جي آي”
قامت “بي جي آي” بتوسيع عملياتها عالمياً من خلال إنشاء مختبرات في دول متعددة وتقديم خدمات تحليل الجينات بأسعار تنافسية. وقد أدى هذا التوسع إلى زيادة اعتماد الحكومات والشركات والمؤسسات البحثية على الشركة في مجالات مثل الرعاية الصحية والزراعة.
في أعقاب جائحة “كوفيد-19″، اكتسبت “بي جي آي” شهرة واسعة بسبب قدرتها على إجراء اختبارات الفيروس بكميات كبيرة. ومع ذلك، أثارت هذه العمليات أيضاً تساؤلات حول جمع البيانات الحيوية واستخدامها.
يتعاون عدد من الشركات الأمريكية مع “بي جي آي”، بما في ذلك شركة “إنتل”. فقد وقعت “إنتل” و”بي جي آي” اتفاقية في عام 2017 لتطوير خدمات سحابية، واتفاقية أخرى في عام 2020 لتطوير أدوات للكشف عن فيروس “كوفيد-19” وعلاجه.
البيانات الجينية: ساحة صراع استراتيجي جديدة
يرى خبراء في مجال الأمن القومي أن الوصول إلى البيانات الجينية أصبح ساحة صراع استراتيجي جديدة بين الدول الكبرى. يمكن استخدام هذه البيانات لبناء أسلحة بيولوجية متطورة، وتحديد نقاط الضعف الجينية للسكان المستهدفين، وتطوير علاجات مخصصة للأمراض، وهو ما قد يمنح ميزة كبيرة للدولة التي تسيطر على هذه البيانات.
يشير تقرير “سي إن بي سي” إلى أن تزايد اعتماد العالم على شركات مثل “بي جي آي” لخدمات التسلسل الجيني يطرح تحديات كبيرة أمام الأمن القومي، ويتطلب وضع آليات تنظيمية ورقابية صارمة لضمان حماية البيانات الحساسة.
تعتبر قضية شركة “بي جي آي” جزءًا من اتجاه أوسع نطاقًا، وهو زيادة التدقيق في الشركات الصينية التي تعمل في الولايات المتحدة وخارجها، وخاصة تلك التي تنشط في قطاعات التكنولوجيا الحيوية، والذكاء الاصطناعي، والاتصالات.
من المرجح أن تتسبب مطالب السيناتور وارنر في إطلاق تحقيق رسمي في أنشطة “بي جي آي” في الولايات المتحدة، وقد يؤدي ذلك إلى فرض عقوبات أو قيود على الشركة. من المتوقع أن يناقش الكونجرس الأمريكي هذه القضية في الأشهر المقبلة، وقد يصدر قرارات بشأن كيفية التعامل مع التهديدات المحتملة التي تمثلها الشركة. لكن حجم تأثير هذه القرارات وفعاليتها لا يزال غير مؤكد.

