واشنطن تضغط لتخفيف حدة الحرب ودعوات لإنشاء

أنهت الحرب الاسرائيلية على قطاع غزة المحاصر، يومها الثالث والسبعين أمس بأكثر من 500 ضحية بين قتيل وجريح سقطوا بنيران المدفعية والغارات الجوية، في وقت حذرت الأمم المتحدة من أن أرقام الضحايا قد تتضاعف بعد رفع الأنقاض في القطاع الذي بات شبه مدمر كليا.
وأعلنت وزارة الصحة في قطاع غزة أن «المجازر التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي بمخيم جباليا شمالي القطاع أمس، خلفت 151 شهيدا و313 مصابا». وأضافت أن «عدد الشهداء منذ بداية العدوان الإسرائيلي يوم 7 أكتوبر ارتفع إلى 19 ألفا و453 شهيدا، في حين بلغ عدد المصابين 52 ألفا و286». وقال أشرف القدرة المتحدث باسم الوزارة الصحة في تصريح لقناة «الجزيرة»: «نحن في حاجة ماسة لإجلاء 5 آلاف جريح». وشنت القوات الإسرائيلية هجمات جديدة في مختلف أنحاء القطاع.
وذكرت إذاعة الأقصى التابعة لحركة حماس أن قصفا إسرائيليا بالصواريخ على منزل لعائلة شهاب أدى إلى مقتل 24. وقال مسعف إن العشرات قتلوا أو أصيبوا في منزل العائلة ومنازل أخرى مجاورة.
وأضاف «نعتقد أن عدد القتلى تحت الأنقاض كبير لكن لا توجد طريقة لرفع الأنقاض وانتشالهم بسبب كثافة النيران الإسرائيلية».
وفي دير البلح بوسط قطاع غزة، قال مسعفون إن 12 فلسطينيا قتلوا وأصيب العشرات. كما أدت ضربة جوية إسرائيلية على منزل في رفح جنوب القطاع إلى مقتل ما لا يقل عن أربعة أشخاص.
وتواجه إسرائيل ضغوطا من أقرب حلفائها، حملها الى تل ابيب وزير الدفاع الأميركي لويد اوستن أمس، فيما تلقت توبيخا من منظمة حقوقية عالمية لاحتدام حربها على القطاع.
وشدد أوستن على أهمية إيصال «مزيد من المساعدات الإنسانية» لقطاع غزة. وقال بعد لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي «يتعين علينا إيصال مزيد من المساعدات الإنسانية لنحو مليوني نازح في غزة، وعلينا توزيع هذه المساعدات بشكل أفضل».
وأكد لويد أنه ناقش التحولات في الحرب من العمليات القتالية الكبرى إلى الحرب الأقل كثافة، لكنه أكد أنه لن يملي جداول زمنية.
وأضاف «بالنسبة الى جدول زمني، إنها عملية إسرائيلية، لست هنا لأفرض جدولا زمنيا أو شروطا».
من جانبه، قال وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إن إسرائيل ستنتقل تدريجيا إلى المرحلة التالية من العمليات التي ستتواصل على مستويات مختلفة، ملمحا لإمكانية السكان من العودة إلى شمال القطاع الساحلي.
وأضاف في مؤتمر صحافي مع أوستن «بوسعي القول لكم إننا سنستطيع قريبا التمييز بين مناطق مختلفة في غزة».
من جهتها، اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، الحكومة الإسرائيلية بتعمد تجويع المدنيين الفلسطينيين في غزة. وقالت المنظمة في تقرير إن «الحكومة الإسرائيلية تستخدم تجويع المدنيين أسلوبا للحرب في قطاع غزة المحتل، ما يشكل جريمة حرب».
وأكد التقرير أن «الجيش الإسرائيلي يتعمد منع إيصال المياه، والغذاء، والوقود، بينما يعرقل عمدا المساعدات الإنسانية، ويبدو أنه يجرف المناطق الزراعية، ويحرم السكان المدنيين من المواد التي لا غنى عنها لبقائهم».
وقال عمر شاكر مدير شؤون إسرائيل وفلسطين في هيومن رايتس ووتش إنه «لأكثر من شهرين، تحرم إسرائيل سكان غزة من الغذاء والمياه، وهي سياسة حث عليها مسؤولون إسرائيليون كبار أو أيدوها وتعكس نية تجويع المدنيين كأسلوب من أساليب الحرب».
وردت الحكومة الإسرائيلية بوصف هيومن رايتس ووتش بأنها «منظمة معادية للسامية ومعادية لإسرائيل».
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الإسرائيلية ليور هايات إن «هيومن رايتس ووتش لم تندد بالهجوم على المدنيين الإسرائيليين»، في اشارة الى الهجوم الذي نفذته حركة حماس داخل اسرائيل.
وتابع أن المنظمة «لا تملك بالتالي أي قاعدة أخلاقية للتحدث عما يجري في غزة، إن كانت تغض الطرف عن معاناة الإسرائيليين وحقوق الإنسان التي يتمتعون بها».
في غضون ذلك، حذر وكيل الأمين العام للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية مارتن غريفيث من أن عدد الضحايا في قطاع غزة ربما يكون أعلى بكثير من البيانات التي يتم نشرها حاليا.
وقال المسؤول الأممي، في حديث لصحيفة فايننشال تايمز، إنه لا يزال مجهولا حتى الآن عدد القتلى تحت الأنقاض في قطاع غزة، مشيرا الى أن المرض والجوع باتا السبب الرئيسي للموت. وأضاف: «عدد الوفيات بسبب الأمراض قد يكون أعلى بعدة مرات من عدد القتلى بسبب العمليات العسكرية والغارات الجوية. لكن الإحصائيات يمكن أن تتغير بشكل جذري بمجرد إزالة الأنقاض.
وأشار غريفيث إلى أن عدد الضحايا في زلزال فبراير في تركيا، تضاعف بعد انتهاء العمل في مجال إزالة الأنقاض.
وقال غريفيث إن «الإفلات من العقاب سائد بقوة في حرب غزة، وقد تكون هناك حاجة لإنشاء محكمة خاصة بشأن ما يحدث»، واصفا الأزمة الإنسانية في غزة بأنها «الأسوأ على الإطلاق».
إلى ذلك، دعا المرصد «الأورومتوسطي» لحقوق الإنسان لتحقيق دولي عاجل في تصفية إسرائيل مدنيين فلسطينيين بعد اعتقالهم في قطاع غزة. وقال ان إسرائيل تحتجز معتقلين من غزة في معسكر سديه تيمان في ظروف شديدة القسوة. وأضاف انها تضعهم في أماكن كأقفاص الدجاج في العراء ودون طعام أو شراب لفترة طويلة.
وطالبت هيئة شؤون الأسرى والمحررين في منظمة التحرير الفلسطينية ونادي الأسير الفلسطيني، بالكشف عن مصير فلسطينيين اعتقلهم الجيش الإسرائيلي خلال عمليته البرية في قطاع غزة، ووقف جريمة الإخفاء القسري بحقهم.
ووجهت الهيئة ونادي الأسير في بيان مشترك نداء عاجلا للمجتمع الدولي والمؤسسات الدولية للضغط على إسرائيل للكشف عن مصير معتقلي غزة، مشيرا إلى تصاعد المعطيات حول جرائم مروعة ضدهم.
وذكرت صحيفة (هآرتس) أمس أن عددا من معتقلي غزة توفوا في معسكر «سديه تيمان» الإسرائيلي قرب مدينة بئر السبع، دون معرفة عددهم بشكل دقيق، وظروف وفاتهم.