وماذا بعد قمة القاهرة للسلام
يوم أمس، وبعد إسقاط استصدار قرار أممي لوقف العدوان على غزة، عقد في القاهرة مؤتمر دولي بمسمى «قمة القاهرة للسلام»، رتبت له مصر بجهود دبلوماسية موفقة، وسبقته جهود دبلوماسية حثيثة للمملكة بالإضافة إلى مصر والأردن، كانت ستنتهي إلى اجتماع مع الرئيس بايدن بعد زيارته لإسرائيل، لكن فاجعة قصف مستشفى المعمداني وموقف أمريكا السلبي أجهضا ذلك الاجتماع. نعود إلى قمة القاهرة لنشير إلى أن كلمات رؤساء الوفود المشاركة التي مثلت دولاً عديدة، بالإضافة إلى أمين عام الأمم المتحدة، وممثلي الاتحادين الأوروبي والأفريقي، وأمين عام الجامعة العربية، أكدت على ضرورة الوقف الفوري للهجمات العسكرية الإسرائيلية المستمرة على قطاع غزة، وفتح ممرات لعبور المساعدات، كما أكدت على ضرورة حل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي سلمياً وفقاً لقرارات الشرعية الدولية التي تتضمن حل الدولتين. صحيح أن بعض المتحدثين بالغوا في التأكيد على حق إسرائيل في حماية نفسها، وشجبوا ما فعلته منظمة حماس، لكنهم في النهاية لم يستطيعوا تجاهل الإشارة إلى المأساة التي حلت بقطاع غزة وضرورة إيقافها، كما أنهم لم يغفلوا ضرورة حصول الشعب الفلسطيني على حقه في إقامة دولة مستقلة.
الذين حضروا قمة القاهرة يمكن اعتبارهم ممثلين للمجتمع الدولي، ويمكن اعتبار ما قالوه هو رأي المجتمع الدولي، وبالتالي هل يمكن تحويل هذا الرأي إلى قرارات نافذة، وهل يمكن للدول دائمة العضوية في مجلس الأمن أن تتحول في مواقفها لانتزاع المنطقة من خطر اتساع رقعة الأزمة الراهنة التي هي في الأساس محصلة أزمة مزمنة فلسطينية عربية/ إسرائيلية منذ ثمانية عقود. بل هل يمكن لأمريكا أن تعي أن ضرورة وجود إسرائيل بالنسبة لها لا يعني إلغاء حقوق مشروعة لشعب أصيل، وأن عسكرة المنطقة بأساطيلها وقواتها ودعمها العسكري والمالي الاستثنائي لإسرائيل خلال هذه الأزمة بالذات يضع العقبات في طريق السلام، وقد ينذر بأزمة أكبر وأخطر ستكون ارتداداتها على كل دول العالم، بما فيها أمريكا ذاتها.