آلة الحرب الروسية تواجه تحديات اقتصادية متزايدة
منذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/ فبراير 2022، تحدث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشكل متكرر عن “فشل” العقوبات، وأشاد بالنمو القوي في مواجهة حالة عدم اليقين غير المسبوقة. ولكن، مع حلول العام 2025، يبدو هذا في موضع شك.
الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين (Gettyimages)
يواجه الاقتصاد الروسي سلسلة تحديات، من بينها التضخم، وتكاليف الاقتراض الباهظة، ومخاطر الإفلاس، وتباطؤ النمو، مع ارتفاع تكاليف حرب أوكرانيا والعقوبات الغربية.
ومنذ بدء الحرب الروسية الأوكرانية في شباط/ فبراير 2022، تحدث الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين، بشكل متكرر عن “فشل” العقوبات، وأشاد بالنمو القوي في مواجهة حالة عدم اليقين غير المسبوقة. ولكن، مع حلول العام 2025، يبدو هذا في موضع شك.
وجاءت أحدث انتكاسة للكرملين، الأسبوع الماضي، مع بقاء التضخم عند مستوى مرتفع (8,5 في المئة)، وعلى خلفية تباطؤ متوقع في العام 2025.
وارتفعت الأسعار، رغم رفع البنك المركزي الروسي أسعار الفائدة إلى أعلى مستوياتها منذ عقدين، لتصل إلى 21%.
وتقوم وسائل الإعلام الروسية، التي تتجنب عادة التحدث عن أي علامة على السخط الاجتماعي، بالتركيز بشكل متزايد على الأسر التي تعاني ضائقة مالية.
وأصبح سعر الزبدة، الذي ارتفع بمقدار الثلث منذ مطلع العام، رمزيا، مع سلسلة من التقارير حول ارتفاع حالات السرقة من المتاجر.
ويرى محللون مستقلون أن الحرب في أوكرانيا هي السبب.
ويقول أنطون تاباخ، كبير الاقتصاديين في وكالة إكسبرت للتصنيف الائتماني الروسية: “السبب الجذري لمشاكل الاقتصاد هو نقص العمالة والعقوبات (…) والأعراض هي ارتفاع التضخم”. وهذان العاملان مرتبطان بشكل مباشر بالحرب.
ويجعل نقص العمالة، الذي يضغط بسبب التركيبة السكانية في روسيا، الاقتصاد أكثر تضررا.
ويقول الخبير الاقتصادي، يفغيني نادورشين، المستشار السابق لوزارة التنمية الاقتصادية: “هذا يعيق نمو الناتج المحلي الإجمالي”.
ويقدر أن روسيا تفتقر إلى حوالي مليون عامل. وساهم ذلك في ارتفاع الأجور، ما دفع الأسعار التي تحددها الشركات إلى الارتفاع، كما فعلت الزيادة الهائلة في الإنفاق العسكري للكرملين.
ومن المقرر أن يكون الإنفاق الحكومي أعلى بنسبة 67,5 في المئة في العام 2025، مقارنة بعام 2021، قبل الهجوم العسكري الروسي.
وفي مواجهة هذه المبالغ الضخمة، لم يكن لارتفاع أسعار الفائدة حتى الآن سوى تأثير محدود.
وأشارت محافظة البنك المركزي، إلفيرا نابيولينا، التي أكدت الحاجة إلى وقف “مرض” التضخم “المزمن”، إلى أنها سترفع أسعار الفائدة مرة أخرى، الجمعة.
وأثارت أسعار الفائدة المرتفعة احتجاجات من جانب أرباب العمل، بما في ذلك في الشركات التابعة للدولة، مع بلوغ تكاليف الاقتراض في السوق ما بين 25 و30 في المئة.
وقال جيرمان غريف، الرئيس التنفيذي لأكبر بنك مقرض في روسيا، وهو بنك سبيربنك التابع للدولة، هذا الشهر: “لا يمكن للاقتصاد أن يستمر على هذا النحو لفترة طويلة”.
بينما أعلنت السكك الحديدية الروسية أنها ستخفض الاستثمار بنسبة 40% العام المقبل. واشتكى حتى أقرب حلفاء الزعيم الروسي، بوتين.
ووصف سيرغي تشيميزوف، رئيس تكتل روستيك الصناعي العسكري والصديق المقرب للرئيس، أسعار الفائدة التي تزيد عن 20 في المئة بأنها “جنون”.
ويتوقع المحللون إفلاس العديد من الشركات غير القادرة على إعادة التمويل.
وأوضح نادورشين: “عدد حالات الإفلاس على وشك الارتفاع بشكل حاد، خصوصاً بين الشركات الصغيرة والمتوسطة. لكن سيكون هناك بعض حالات الإفلاس بين الشركات الكبيرة أيضاً”.
ويتوقع البنك المركزي تباطؤاً حاداً في النمو، العام المقبل، إلى أقل من 1,5 في المئة، من أكثر من 3,5 في المئة هذا العام.
واستبعد احتمال الركود التضخمي، انخفاض النمو وارتفاع التضخم، ومع ذلك، تثار هذه المسألة بشكل متزايد في موسكو.
ويضيف تراجع الروبل إلى أدنى مستوياته مقابل الدولار واليورو، منذ آذار/ مارس 2022، إلى هذه المخاوف.
وتراجعت العملة الروسية، التي تشهد تقلّبات كبيرة منذ ثلاث سنوات، تحت تأثير عقوبات أميركية جديدة تستهدف خصوصا “غازبروم بنك”، الذراع المالية لشركة الغاز الروسية العملاقة “غازبروم”.
لكن، هناك بعض الجوانب الإيجابية بالنسبة إلى الكرملين.
وملأت الشركات الصينية العديد من الفجوات التي خلفتها الشركات الغربية التي فرت من السوق، وحصلت موسكو على السلع الخاضعة للعقوبات باستخدام وسطاء ودودين.
كما أن العجز في الميزانية منخفض، وفقاً للمعايير الدولية، كما ترتفع العائدات الضريبية من مصادر أخرى غير صادرات الطاقة.
وقال بوتين، الشهر الماضي، وسط أزمة العملة: “لا يوجد بالتأكيد أي سبب للذعر”.
المصدر: عرب 48