أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية لم تدرك تحوّل تدريبات حماس إلى أمر بالهجوم
مشاورات قيادة الجيش ليلة 7 أكتوبر حول تحركات في قطاع غزة خلصت إلى أن حماس تستعد لإجراء تدريب، وحسب تقديرات سبقت الحرب فإنه “لا توجد لدى السنوار مصلحة بمواجهة واسعة”* ضابط: “لا نعلم متى اتخذ السنوار القرار”
كيبوتس “كفار عزّا” بعد هجوم حماس، 7 أكتوبر (Getty Images)
أجرت قيادة الجيش الإسرائيلي، ليلة السابع من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مشاورات هاتفية على إثر ورود “إشارات ضعيفة”، التي تعني أن شيئا ما يحدث عند حدود قطاع غزة. وإلى جانب ذلك، كانت هناك “مؤشرات مطمئنة”، وتقرر في النهاية أنه يجب إطلاع رئيس شعبة الاستخبارات العسكرية (“أمان”)، أهارون حاليفا، على أي تطور، حسبما ذكرت صحيفة “يديعوت أحرونوت” اليوم، الثلاثاء.
وشارك في المشاورات الليلية كل من رئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هيرتسي هليفي، ورئيس شعبة العمليات، عوديد بسيوك، وقائد المنطقة الجنوبية للجيش، يارون فينكلمان، الذي كان يقضي إجازة في هضبة الجولان المحتلة. ولم يشارك رئيس “أمان” في هذه المشاورات، ولا رئيس دائرة الأبحاث في “أمان”، عَميت ساعر. كذلك لك يشارك فيها قائد سلاح الجو، تومير بار.
واعتبرت الصحيفة أن المعلومات الواردة وقرار قيادة الجيش عدم القيام بأي خطوة إزاءها، يدل على حجم الإخفاق الإسرائيلي قبيل هجوم حماس في منطقة “غلاف غزة”. وعند الساعة الثالثة قبيل فجر 7 أكتوبر، تلقى حاليفا، الذي كان في إجازة في إيلات، اتصالا من مساعده الذي أبلغه بمعلومات حصل عليها من ضابط الاستخبارات في قيادة المنطقة الجنوبية، وبموجبها أنه من الجائز أن حماس تستعد للمبادرة إلى هجوم، لكن ليس بحجم الهجوم الذي بدأ بعد ذلك بساعات قليلة.
وكانت التقديرات حينها أن التحركات في غزة تتعلق بتدريب ستجري حماس. وفي موازاة ذلك، كان الاعتقاد في الشاباك أن حماس ستنفذ هجوما محدودا، ولذلك جرى إرسال وحدة العمليات فيه، “تيكيلا”، إلى المنطقة الجنوبية من دون أن يصدر عنها شيئا. وكان الاعتقاد في الشاباك أن إرسال هذه الوحدة إلى الجنوب هو أمر “مبالغ فيه”.
وفي وقت لاحق، قال حاليفا إنه لو تعين عليه الاستناد إلى المعلومات التي نوقشت في المشاورات الليلية لما كان سيطرح تقديرات مختلفة عن تلك التي سادت في نهاية هذه المشاورات.
وأفادت الصحيفة بأن غضبا يسود قيادة الجيش على إثر نشر تقارير عديدة في وسائل الإعلام عن معلومات تجمعت حول تخطيط حماس لهجوم لدى “أمان” وتجاهلها. وتحدث أحد هذه التقارير عن ضابطة حذرت أمام ضابط كبير في “أمان” من هجوم كالذي حدث في 7 أكتوبر، فيما نفى حاليفا إمكانية حدوث هجوم كهذا. وحسب الصحيفة، فإن حاليفا تجاهل تقارير مشابهة من جانب مجندات يراقبن حدود غزة.
ووصف الضابط في “أمان” تحذير الضابطة بأن “هذا سيناريو خيالي وغير واقعي”. كذلك لخص حاليفا تحذير الضابطة والمجندات بأنه “لا توجد نية لدى يحيى السنوار أن يقود إلى تدهور. وحماس أوعزت بلجم الميدان. والسنوار أصدر تعليمات بتهدئة الوضع الميداني”، وفق ما ذكرت الصحيفة اليوم.
وشددت الصحيفة على أن هذا “لا يعفي شعبة الاستخبارات عموما وحاليفا خصوصا من المسؤولية الشاملة عن إخفاق 7 أكتوبر. ولا يوجد نفي في ’أمان’ أنه لم يتوفر التحذير المتوقع. ومنذ عملية الجرف الصامد العسكرية، قبل تسع سنوات، رصد الجيش الإسرائيلي استعدادات بمستويات مختلفة في حماس لتنفيذ غزوات على بلدات غلاف غزة ومواقع الجيش الإسرائيلي في هذه المنطقة”.
وقدم رئيس دائرة الأبحاث في “أمان” للجيش والشاباك تقييمات، عشية الأعياد اليهودية في شهري أيلول/سبتمبر وتشرين الأول/أكتوبر الماضيين، وجاء فيها أنه “وفقا لإدراكنا، لا توجد لدى السنوار مصلحة بمواجهة واسعة”. وأضافت الصحيفة أن الرأي السائد كان أن حماس مرتدعة وليست معنية بالمبادرة إلى تصعيد، وهذا الأمر أكده طاقم مراقبة في الموساد، الذي مهمته فحص استنتاجات كهذه.
وجاء في التقيم السنوي للوضع في العام 2024، الذي بلوره “أمان” وصدر قبل الحرب الحالية على غزة، أن “الفلسطينيين لن يكونوا المحرك لحرب متعددة الجبهات”. وذلك على إثر التقديرات التي كانت سائدة في التقديرات العسكرية وتقديرات الشاباك، وبموجبها أن “السنوار يريد أن يحكم ويحسن الوضع الاقتصادي في القطاع”.
وأشارت الصحيفة إلى أن إخفاقات “أمان” والشاباك لا تعفي المستوى السياسي من المسؤولية. ونقلت الصحيفة عن ضابط كبير عضو في هيئة الأركان العامة، قوله حول تدريبات قوات حماس المتكررة والعلنية، إنه “لم ننجح في إدراك أن الخطة التي نُسجت أمام أنظارنا تحولت إلى أمر عسكري. لا نحن ولا الشاباك وكذلك ليس الموساد ولا طواقم مراقبة تقييمات الوضع. ونحن لا نعلم متى اتخذ السنوار القرار بتحويل الخطة إلى أمر عسكري ولا نعلم لماذا أيضا، رغم أنه تعالت تقديرات بهذا الخصوص”.
المصدر: عرب 48