أحد أعضاء أول فريق يصل لدرنة بعد الفيضانات: «رائحة الموت في كل مكان» (خاص) – منوعات
كارثة ضربت مدينة درنة في ليبيا، راح ضحيتها آلاف المواطنين جراء الفيضانات التي خلفها إعصار دانيال، الذي ضرب شمال شرق البلاد، وابتلع البحر جزءا كبيرا منها، ليعيش أهلها في حالة من الرعب بين فاقدي لذويهم ومحاولة انتشال الأحياء من تحت الأنقاض.
فريق يصل لمساعدة أهل درنة
الشاب الليبي، عبدالله غلام، من مواليد 1999 يعيش في طرابلس، ويعمل مترجم للهيئة العامة لرصد المحتوى الإعلامي التابع لحكومة المنطقة الغربية سابقًا، تحدث لـ«الوطن»، عن حكاية أول فريق ترجمة يصل إلى مدينة درنة لمساعدة أهلها بعد الحادث المأساوي الذين تعرضوا له، لتوفير بعض الإمدادات لهم وانتشال الجثث من تحت الأنقاض، قائلًا: «انطلقنا يوم الأربعاء، أي بعد يومين من انفجار السد، الفريق المكون من 8 مترجمين وعضوين من الطواقم الطبية بإجمالي 10 أشخاص، من العاصمة طرابلس إلى مطار الأبرق فالشرق الليبي».
رحلة الوصول إلى مدينة درنة
اتجهت الفريق إلى مدينة «شحات» بالقرب من درنة للحصول على تصريحات دخول والذين واجهوا صعوبات في البداية في الحصول عليها، متابعًا:« واجهنا صعوبة نظرًا لتشديد الطوق الأمني حول درنة في بداية الكارثة، وبعد يوم كامل والكثير من المحاولات من داخل مدينة شحات، والتي باءت كلها بالفشل، تلقينا اتصالًا من أحد قادة الكتائب التابعة للقيادة العامة، والذي وافق على إدخالنا إلى درنة في أقرب فرصة وإلحاقنا بمخيمات البعثاث الأجنبية».
مهام الفريق.. انتشال الجثامين بخلاف الترجمة
«يوم الخميس صباحًا تمكنا من الدخول إلى المدينة من الجهة الغربية المشددة الحراسة وصولًا إلى مقر غرفة العمليات في درنة، وتم إدراجنا ضمن قائمة المترجمين، وتم توزيعنا على البعثات التركية والإسبانية والإيطالية وبدأنا مباشرة مهامنا مع الفرق»، هكذا واصل الشاب الليبي الحديث عن كواليس دخول درنة لمساعدة شعبها، مضيفًا: «تم تقسيم المهمة إلى مهام ترجمة في الميدان رفقة فرق الانقاذ وانتشال الجثامين ومهام الترجمة داخل المخيمات بين البعثات وأفراد الجيش والكوادر الوطنية قام الفرق خلال مدة زمنية قصيرة بالترجمة، وانتشال الجثامين».
لم تكن الترجمة المهمة الأساسية التي سافر من أجلها الفريق إلى درنة، لكنهم كانوا أمام مهمة أكبر هى انتشال الجثتت من تحت الأنقاض وتوزيع الأطعمة على أهلها: «قمنا بتوزيع التموينات رفقة الجيش والمساعدة في كل ما أمكن القيام به داخل مدينة درنة».
لم يخلو بيت من حالة وفاة
عاش الشاب الليبي، عبدالله غلام، فترة صعبة، فكان قلبه ينفطر على الأهالي والأسر خاصة الضحايا، والذي تحدث عن الحادث المأساوي واصفًا المشهد بمجرد أن خطت قدماه درنة، قائلًا: «المشهد عند دخولنا، يعجز اللسان عن التعبير، كارثة بكل ما تحمل الكلمة من معنى، رائحة الموت كانت تعلو المكان بأكمله، المعنويات في الأيام الأولى كانت منهارة، والمشهد كان فوضوي، وأعمال الانقاذ قبل وصول البعثات كانت ارتجالية، المدانين يتطوعوا للإنقاذ، ليست لهم خبرة في المجال، مما قلل من فرص النجاة، لم يخلو بيت من حالة وفاة».
الأسر ترفض الخروج من منازلها
أما بالنسبة للأسر القاطنة في درنة، فقد وصف الشاب المشهد عن قرب، قائلًا: «كل عائلة إما توفى لها شخص أو قريب، ولاحظنا عند دخولنا خروج جزاء كبير من العائلات من درنة، وبالرغم من كل هذا هناك بعض العائلات والأسر لازلت لا ترغب فالخروج من منازلها رغم تضررها».
خروج بعد انتشال الأحياء من تحت الأنقاض
بعد ما يقرب من أسبوع من التواجد، غادر الفريق درنة، بعد إنجاز مهامهم داخل المنطقة، ومحاولة مساعدة أهلها بقدر الإمكان، مضيفًا: « خرجنا بعد خروج بعض البعثاث ودخول مترجمين أخرين، الوضع لا يحتمل البقاء لمدة طويلة، إلى أن أعلنوا أنه لم يبق أي أحياء تحت الأنقاض».
الفريق يعاني بعد الخروج من درنة
الفريق يتكون من أعضاء هيئات تدريس ومترجمين وطواقم طبية ليست لديهم أي خبرة سابقة في مثل هذه الظروف الصعبة، والذي تحدث عن حياتهم عقب مغادرة مدينة درنة، قائلًا: «لا زال بعض الأعضاء يعانون من آرق في النوم و بعض الهلوسات بسبب ما تم رؤيته أثناء الخروج مع البعثات الى الأماكن المدمرة، نسال الله أن يرحم من توفاه الاجل، وأن يجعل من هذه المصيبة ان تكون هي الشرارة التي ستوحد البلاد».
وشهدت ليبيا كارثة مفجعة، قبل أسبوعين نتيجة العاصفة دانيال، التي تسببت في سقوط آلاف القتلي في العديد من المناطق والمدن في شمال وشرق البلاد، نتيجة سقوط أمطار غزيرة تسببت في هدم البيوت والطرق.
المصدر: اخبار الوطن