إسرائيل حكمت على الرهائن بالموت بسبب نتنياهو ودوافعه السياسية
بعض الرهائن الذين عثر على جثثهم جنوبي غزة كانوا من المفترض أن تشملهم المرحلة الأولى من صفقة التبادل. انتقادات حادة لنتنياهو، حيث يتهم بتعطيل الصفقة للبقاء في السلطة، وتحذيرات من أن العمليات العسكرية بغزة ستؤدي لمقتل المزيد من الرهائن.
مظاهرة في تل أبيب تطالب نتنياهو بإبرام صفقة تبادل أسرى (Getty Images)
كشفت وسائل الإعلام الإسرائيلية نقلا عن مسؤول رفيع، اليوم الأحد، أن ثلاثة من بين الرهائن الستة الذين عثر جيش الاحتلال على جثثهم في نفق داخل قطاع غزة، كان من الفترض إطلاق سراحهم في المرحلة الأولى من صفقة تبادل الأسرى التي يتم التفاوض حولها مع حركة حماس، وسط اتهمات لرئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، بأنه يواصل عرقلة التوصل للصفقة لمنع انهيار حكومته ولتمسكه في السلطة.
تغطية متواصلة على قناة موقع “عرب 48” في “تليغرام”
وقال المسؤول الإسرائيلي الرفيع إن أسماء ثلاثة من بين الرهائن الستة الذين استعاد جيش الاحتلال جثثهم من قطاع غزة، “ظهرت في القوائم التي نُقِلت في بداية تموز/ يوليو (في إشارة إلى القوائم التي تم تبادلها عبر الوسطاء مع حركة حماس). كان من الممكن إعادتهم أحياءً”؛ وأفاد بأن أحدهم هؤلاء الرهائن كان مدرجا في قوائم المرحلة الأولى من الصفقة (التي يطلقون عليها “المرحلة الإنسانية”) بسبب إصابته في يده، بالإضافة إلى هينتين كونهما امرأتين.
“الرهائن الستة قتلوا خلال اليومين الماضيين”
ووفقا لتقديرات الجيش الإسرائيلي التي أوردتها هيئة البث العام الإسرائيلية (“كان 11”)، اليوم الأحد، فإن الرهائن الستة، الذين عُثِر على جثثهم في نفق برفح، قد قُتِلوا أمس أو أول أمس على أبعد تقدير، خلال عمليات الجيش الإسرائيلي في المنطقة؛ فيما تواصل حكومة نتنياهو عرقلة التوصل إلى صفقة ووضع المزيد من الشروط التعجيزية التي ترفضها حركة حماس وأبرزها رفض انسحاب قوات الاحتلال من محور فيلادلفيا ومراقبة عودة النازحين الغزيين إلى شمالي القطاع.
وفي هذا السياق، نقلت صحيفة “يديعوت أحرونوت”، اليوم، عن مسؤول رفيع مطلع على تفاصيل المفاوضات أن “دولة إسرائيل قد أخفقت في أداء واجبها في العقد غير المكتوب الذي يقضي بحماية مواطنيها”. وأشارت الصحيفة إلى أن “التنبؤات القاتمة التي قدمها هذا المصدر في مناسبات سابقة حول التعطيل الذي يتسبب فيه نتنياهو وممثليه للمفاوضات، “بهدف التأكد من عدم انتهائها أبدًا”.
وأضاف المسؤول أن الحكومة الإسرائيلية تخلت عن الرهائن “في السابع من تشرين الأول/ أكتوبر، وفشلت فشلاً ذريعًا في إنقاذ أو تحرير بعض الرهائن أحياءً خلال الأشهر الإحدى عشر الماضية”؛ مشددا على أن العمليات العسكرية البرية لجيش الاحتلال في قطاع غزة “هي ما يهدد حياة الرهائن يوميًا وفي كل لحظة. كما حذرنا في بداية المناورة (الاجتياح البري للقطاع، من المرجح أن يكون قد تم إصدار توجيهات لكل من يحتجز رهينة من عناصر حماس بقتله إذا توصل إلى استنتاج بأن القوات الإسرائيلية قد اقتربت من إنقاذه”.
“عمليا: الحكومة الإسرائيلية مسؤولة عن مقتل الرهائن في غزة”
وشدد المصدر على أن “اللوم يقع أولاً وقبل كل شيء على حماس. كل رهينة لقي حتفه في غزة، بغض النظر عن الظروف، فإن حماس مسؤولة عن موته بشكل قاطع، قانونيًا وأخلاقيًا”، مستدركا “لكن عمليًا، ما يؤدي إلى موت العديد من الرهائن، والذي ستكشف التحقيقات عن أعدادهم بمرور الوقت، هو استمرار العمليات العسكرية البرية داخل قطاع غزة، إلى جانب الرفض الفعلي من الجانب الإسرائيلي لإبرام صفقة تبادل تعيد كل الناجين إلى ديارهم وتنهي الحرب في غزة”.
وشدد المسؤول الإسرائيلي على أن “الأمر بالكامل في أيدي إسرائيل، أو بدقة أكثر في أيدي نتنياهو. وإذا كان على مدى ما يقرب من عام، هو ومتحدثه للشؤون المتعلقة بالرهائن غال هيرش – الذي لا يزال دوره غير واضح بخلاف ذلك – قد ارتدوا الأقنعة وكأنهم يريدون (التقدم نحو التوصل إلى صفقة تبادل أسرى) ولكن ‘حماس لا تريد’ وأنها هي التي لا تسمح بالتوقيع على اتفاق، فإن اجتماع الكابينيت (الخميس) الذي تم تسريب مجرياته بعناية، أزال هذه الأقنعة”.
وأضاف المصدر “نحن، جميعنا، كل الأجهزة الأمنية وقادة الجيش والمخابرات، نقول إنه لا يوجد مشكلة في الانسحاب من محور فيلادلفيا، ويجب التوقيع على صفقة تبادل أسرى فورًا، لأنهم لن يبقى منهم أحد على قيد الحياة قريبًا. بينما يغير نتنياهو مسار الحديث ويترك حجج الأمن، التي تُواجه بمعارضة موحدة وحازمة من كل الخبراء، ويدّعي بشكل غامض بأنه لا يجب الانسحاب من فيلادلفيا بسبب دافع يصفه بأنه ‘سياسي’ دون أن يشرح حقيقته”.
إسرائيل حكمت على الرهائن بالموت
وتابع “إذا كان لدى أي شخص شك – نتنياهو سيفعل كل شيء لمنع التوصل إلى صفقة”. وأفاد المسؤول الرفيع بأن التقييمات في الأوساط الاستخباراتية الإسرائيلية تشير إلى أن “الواقع الذي كان موجودًا من قبل، وأصبح أكثر وضوحًا بعد قرار الكابينيت، له دلالة واضحة وقاتلة؛ تقليص فترة حياة العشرات من الرهائن الذين ما زالوا على قيد الحياة في غزة”.
بعبارة أخرى، شدد المسؤول على أن “العمر المتوقع للرهائن قد تقلص كثيرًا في الأسابيع الأخيرة، ليس فقط بسبب استمرار المناورة والمخاطر الشديدة التي كانت تهدد حياتهم من قبل، والتي أدت إلى وفاة العديد منهم – بل أن الوضع أصبح الآن أكثر خطورة بكثير”، وتابع “يجب أن نفهم، أن الإصرار على محور فيلادلفيا أو على البنود الأخرى التي أُدخلت في الاتفاقية فقط لإفشالها، يعني أن دولة إسرائيل حكمت على الرهائن بالموت”.
المفاوضات بموقف إسرائيل الحالي… مضيعة للوقت
واعتبر أنه “على عكس ما كان يعتقد سابقًا، أنه من الممكن أن يمكث الرهائن في حجز حماس في غزة في ظروف صعبة للغاية لكن ربما يمكنهم البقاء على قيد الحياة هناك لأشهر أو حتى سنوات”، وقال إن “التغيير ناتج عن مجموعة من الظروف الخطيرة: “أولاً، اتخذ الكابينيت قرارًا أوقف المفاوضات بشكل كامل، ولا يمكن لأحد ادعاء عكس ذلك والزعم أن الأمر يتعلق بمصلحة الرهائن. ثانيًا، في الوضع الحالي للمفاوضات سواء في الدوحة أو القاهرة أو أي عاصمة أخرى في العالم يختارونها، طالما استمرت في هذا المسار، ودون أن تتخذ إسرائيل قرارًا إستراتيجيًا بشأن الصفقة – فهي مضيعة للوقت وخلق أوهام لدى العائلات والجمهور بأن هناك تقدمًا”.
وأفاد بأن “الجولة الأخيرة (من المحادثات) في الدوحة، لم تشهد أي تقدم، بل كان هناك تراجع فعليًا. الوسطاء أرادوا مناقشة البنود التي تم الاتفاق على إطارها وكان يبدو أنه يمكن معالجتها بسهولة نسبية، ثم تبين أن هذا الأمر ليس محسومًا وبدأت الخلافات الشديدة، والأهم من ذلك – لم يتم حل أي نقطة خلاف رئيسية”.
“الاقتراب من الرهائن يعرضهم للموت”
وأوضح المسؤول أن القوات الإسرائيلية الموجودة في مناطق القطاع تقترب في العديد من الأحيان، وفي كثير من الأحيان، من الأماكن التي يُحتجز فيها الرهائن. “بعبارة أخرى، تزداد احتمالية أن يقترب جندي إسرائيلي من نفق أو ملجأ آخر يحتجز فيه رهينة”، وادعى أن “حماس كمنظمة لم تعد تعمل بشكل جيد في العديد من أجزائها وأحيانًا العنصر الصغير (من مقاتلي الحركة)، قد يشعر بحرية اتخاذ قرارات ذات عواقب وخيمة. في الواقع، حياة العديد من الرهائن تعتمد على حارس أو ناشط منخفض الرتبة في حماس”.
وشدد على أنه “طالما أن هناك شعورًا بأننا على وشك التوصل إلى صفقة، فإن هذا ينعكس أيضًا على غزة”، وقال: “الآسرون يعلمون أن لديهم في أيديهم أصول مهمة. لكن اعتقادهم بأنه لا يحدث شيء في المفاوضات، وعدم وجود قيادة مركزية وقدرة على فرض الانضباط داخل حماس، والخوف من كل طلقة رصاص من الجيش الإسرائيلي أو اقتراب الدبابات إلى مواقع احتجاز الرهائن، يمكن أن يدفع الآسرون والحراس إلى الشك في أن الجيش ينفذ عملية إنقاذ حتى لو لم يكن هذا هو الحال، وقد يؤدي ذلك إلى الضغط على الزناد. نحن في واقع صعب حيث لا نعرف مكان احتجاز الرهائن، ونحن نقترب من مواقعهم دون أن نعلم، مما قد يدفع حارس صغير لاتخاذ قرار فظيع”.
المصدر: عرب 48