إقالة مكارثي من رئاسة مجلس النواب الأميركي… ماذا بعد؟
لأول مرة في تاريخه الممتد منذ أكثر من 234 عانا، صوت مجلس النواب الأميركي، الثلاثاء، على إقالة رئيسه كيفن مكارثي، فيما عين، باتريك مكهنري، وفي ظل حالة الفوضى غير المسبوقة التي دخلت إليها الوايات المتحدة… ماذا بعد؟
في أحد أكثر اللحظات المشحونة في مجلس النواب الأميركي الذي يسيطر عليه الجمهوريون، صوت المجلس لصالح إقالة رئيسه كيفن مكارثي من منصبه، بعدما دفع المجلس واشنطن إلى حافة تخلف كارثي عن سداد ديون بقيمة 31.4 تريليون دولار وأيضا إلى حافة إغلاق جزئي للحكومة.
ويبدو أن مجلس النواب سيظل بلا قيادة لمدة أسبوع على الأقل، إذ قال العديد من الجمهوريين إنهم يعتزمون الاجتماع في العاشر من تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، لمناقشة المرشحين المحتملين لخلافة مكارثي، مع تحديد موعد التصويت لاختيار الرئيس الجديد للمجلس في 11 تشرين الأول/ أكتوبر.
وستؤدي الإطاحة بمكارثي إلى توقف النشاط التشريعي في مجلس النواب، بينما يلوح في الأفق موعد نهائي آخر لإغلاق الحكومة في 17 تشرين الثاني/ نوفمبر المقبل، إذا لم يمدد الكونغرس التمويل. وقال البيت الأبيض إنه يأمل أن يتحرك المجلس بسرعة لاختيار رئيس بديل، وهو المنصب الثاني في ترتيب الرئاسة بعد نائب الرئيس.
مشهد ضبابي في الكونغرس
وتضع إقالة مكارثي الكونغرس في حالة من الضبابية، بينما يسعى جاهدا لتحديث برامج دعم المزارع والتغذية، وتمرير مشاريع قوانين التمويل الحكومي، والنظر في تقديم المزيد من المساعدات لأوكرانيا.
وفي هذه الأثناء، لم يتضح من سيخلف مكارثي في المنصب. واعتبرت صحيفة “واشنطن بوست” أنه “لا يعلم أحد ماذا سيحدث بعد ذلك ولا يوجد أي شخص يبدو مستعدا أو قادرا على تولي منصب رئيس المجلس”.
وقد يكون قادة جمهوريون آخرون، مثل ستيف سكاليس وتوم إيمير، مرشحين لكن لم يبد أي منهم اهتمامه بالمنصب علانية. وتم تعيين عضو آخر في فريق القيادة، هو النائب باتريك مكهنري، في المنصب بشكل مؤقت.
وبحسب “واشنطن بوست”، فإن مكهنري قد يحتفظ بالمنصب لساعات، أو أيام، أو أشهر، حتى يتمكن الجمهوريون من تقديم مرشح آخر لمنصب رئيس مجلس النواب.
وقد تنحى آخر رئيسين جمهوريين للمجلس، وهما بول رايان وجون بينر، من الكونغرس بعد خلافات مع اليمين.
“كل ما يحدث غير مسبوق”
وأوضحت الصحيفة أن مكارثي احتاج إلى أربعة أيام من التصويت في كانون الثاني/ يناير للحصول على المنصب، وهو سادس رئيس جمهوري يتم إقصاؤه من قبل حزبه.
وبالنسبة للنائب الجمهوري عن ولاية فلوريدا، مات غايتس، الذي قاد تحرك إقالة مكارثي، ترى الصحيفة أنه ليس أيضا مرشحا محتملا لأن أغلبية الجمهوريين في مجلس النواب يكرهونه بشدة.
وفيما يحاول الجمهوريون ترتيب خطواتهم التالية، اعتبرت “واشنطن بوست” أنه ليس من الواضح مدى السلطة التي يتمتع بها مكهنري لإدارة مجلس النواب، علما بأن “هذا الموقف لم يحدث من قبل، لذا فإن كل ما يحدث غير مسبوق”.
ويعتقد بعض الخبراء أن مجلس النواب قد يقر بعض التشريعات التي يراها الدستور “ضرورية ومناسبة”، لكن معظم الأمور الأخرى قد تضطر إلى الانتظار.
وأوضحت أنه ربما يختار الجمهوريون العمل مع الديمقراطيين وبناء تحالف وسط.
وأشارت إلى أن هذه ليست الطريقة التي يتم بها إنشاء النظام السياسي الحديث، لأن انتخاب ممثل ديمقراطي رئيسًا لمجلس النواب سوف يتطلب انضمام الجمهوريين المعتدلين إلى الديمقراطيين.
وفي هذه المرحلة “لا يبدو أن هناك إرادة سياسية لتحقيق ذلك”، بحسب “واشنطن بوست”.
لماذا امتنع الديمقراطيون عن إنقاذه؟
وأثار مكارثي غضب الديمقراطيين مرارا في الأسابيع القليلة الماضية، من خلال إطلاق تحقيق بهدف مساءلة الرئيس جو بايدن، ويوم السبت من خلال منحهم القليل من الوقت لقراءة مشروع قانون الإنفاق المؤقت الذي أدى لتفادي إغلاق الحكومة والذي احتاج إلى أصواتهم لتمريره.
وكان بوسع الديمقراطيين إنقاذ مكارثي، ولكنهم قالوا بعد دراسة الأمر إنهم لن يساعدوا الجمهوريين على حل مشاكلهم. كما يقول الديمقراطيون إنهم يعتبرون مكارثي غير جدير بالثقة بعد أن خرق اتفاقا بشأن الإنفاق أبرم مع بايدن في أيار/ مايو.
وخلال نقاش دار في قاعة مجلس النواب، انتقد غايتس وبعض حلفائه مكارثي لاعتماده على أصوات الديمقراطيين لتمرير التمويل المؤقت الذي أدى إلى تفادي الإغلاق الجزئي للحكومة.
أما أنصار مكارثي، وبينهم عدد من المحافظين البارزين، فقد قالوا إنه نجح في الحد من الإنفاق والدفع بأولويات أخرى لدى المحافظين على الرغم من سيطرة الديمقراطيين على البيت الأبيض ومجلس الشيوخ.
وحذروا من أن مكاسبهم التي تحققت ستكون في خطر إذا عزلوا زعيمهم.
وقال مكارثي للصحافيين إنه لن يترشح مرة أخرى للمنصب؛ وأضاف “لقد ناضلت من أجل ما أؤمن به… أعتقد أن بوسعي مواصلة القتال، ولكن ربما بطريقة مختلفة”.
المصدر: عرب 48