إقبال واسع على معرض كتاب “الثقافة العربيّة” في حيفا: “إبحار في الثقافة والهويّة”
قالت زائرة لمعرض الكتاب: “هذه المرة الرابعة على التوالي التي أزور معرض الكتاب في جمعية الثقافة العربية، وأنتظر في كلّ مرة نشاطات الجمعية التي تمنحنا مساحة وطنية فلسطينية تمنحنا الإبحار بثقافتنا وعروبتنا وهويتنا، ونحافظ عليها بكل المجالات”.
جانب من زوّار المعرض
يشهد معرض الكتاب الذي تنظمه “جمعية الثقافة العربية”، للمرة الخامسة على التوالي، إقبالًا واسعًا من الأهالي وجمهور القراء، إذ وصل المئات إلى المعرض الذي يضمّ الآلاف من الكتب المختلفة، والدراسات، الصادرة عن عدة دور نشر في مكان وتحت سقف واحد، فيما ذكر زائرون للمعرض أنه يشكّل “مساحة وطنية فلسطينية تمنحنا الإبحار بثقافتنا وعروبتنا وهويتنا”، وذلك “في ظلّ ما يحصل من جريمة ومحاولات تدمير للمجتمع”.
وبالتوازي مع المعرض المقام في ساحة الجمعية في حيّ وادي النسناس في مدينة حيفا، تُنظَّم أمسيات ثقافية مختلفة ومتنوعة، تشمل مجموعة من المواضيع الثقافية المختلفة. وتبدأ النداوت الثقافية من الساعة السابعة مساءً حتى التاسعة في ساحة الجمعية.
ندوات وأمسيات ثقافية مختلفة ومتنوعة
وانطلق برنامج معرض الكتاب، لخميس الماضي، ويستمر حتّى الجمعة. وشهدت الندوة الافتتاحية إطلاق كتاب “اليمين الجديد في إسرائيل”، وشملت حوارا بين مديرة المركز الفلسطينيّ للدراسات الإسرائيليّة “مدار”، الباحثة د. هنيدة غانم، والباحث في علم الاجتماع السياسي في معهد “فان-لير” في القدس، د. أمير فاخوري.
وفي اليوم التالي من افتتاح المعرض، أُجريت حوارية عن العمل الثقافي في مناطق 48، شارك فيها كلّ من الشاعر علي مواسي، والفنان بشار مرقص، والمترجمة كفاح عبد الحليم، ومعتصم زيدان، فيما نُظِّمت، السبت، فعاليات مسابقة القصة القصيرة، التي شارك فيها الفائزون والمحكّمون.
وتخلَّل برنامج معرض الكتاب، إطلاق كُتيّب مجموعة “حبكة”، افتتاح صالون مي الأدبي، والذي شارك فيه مجموعة من الكُتّاب، ويوم الثلاثاء، نُظِّمت حوارية عن الأسطورة والحكاية الشعبية في أدب الأطفال الفلسطيني.
وستعقَد، الخميس، ندوة عن الأرشيفات في إسرائيل، والرواية التاريخية الإسرائيلية والنكبة، سيشارك فيها الباحث د. محمود محارب، والكاتب والصّحافي أنطوان شلحت.
ويوم الجمعة، سيوفّر المعرض منصّة حرة تشمل الموسيقى، والشعر والأدب، بالإضافة إلى الحفل الختاميّ.
وقال منسّق معرض الكتاب في جمعية الثقافة العربية، معتصم زيدان، في حديث لـ” عرب 48″: “بدايةً نحن سعداء بوصولنا إلى الدورة الخامسة من معرض الكتاب في جمعية الثقافة العربية، إذ يعدّ هذا المعرض من أهمّ مشاريع الجمعية”.
وفي ما يتعلّق بالبرنامج الموازي للمعرض، قال إن “المعرض لا يقتصر على معرض للكتاب فحسب، إنما توجد ندوات ثقافية، تطرح مواضيع مختلفة بالتوازي مع المعرض، إذ تناولت الندوة الأولى الافتتاحية، كتابا أطلقه مركز ’مدار’ عن اليمين الجديد في إسرائيل، وعُقدت ندوة أخرى عن العمل الثقافي في الداخل الفلسطيني، وضم المعرض احتفاليتين بكُتاب جدد، ومسابقة في المدراس، وندوة عن الأسطورة والحكاية الشعبية في أدب الأطفال الفلسطيني، ويوجد ندوة عن الأرشيفات”.
وبشأن الهدف من معرض الكتاب، قال زيدان إن “الهدف من المشروع هو إتاحة الثقافة للجمهور العام بمختلف المواضيع الثقافية، وتحديدًا المواضيع التي تتعلق بالدراسات الفلسطينية، بالإضافة إلى المواضيع التي تتعلق بالأدب والشعر، وأدب الأطفال، ودراسات عن الطفولة، ومواضيع متنوعة ومتعددة، منها الفكر والفلسفة”.
وذكر أن “معرض الكتاب الذي تنظمه جمعية الثقافة العربية، هو المعرض الوحيد في الداخل الفلسطيني لهذا العام”.
“تعطّش كبير من أبناء شعبنا لمثل هذه المعارض”
وعن مدى تعطُّش المجتمع العربيّ لمعارض مماثلة، قال زيدان: “بحسب التجارب السابقة التي قمنا بها لمعارض كتب سابقة، نلاحظ أنه يوجد تعطّش كبير من أبناء شعبنا لمثل هذه المعارض، وبخاصة أن مثل هذه المعارض، تضمّ مجموعة من دور النشر في مكان واحد، الأمر الذي يسهّل على القارئ الحصول على الكتب، إذ نلاحظ أن الإقبال كبير وواسع، وكذلك انضمام قرّاء جدد لمعرض الكتاب؛ أشخاص لم نرَهم في المعارض السابقة، وهذا يسعدنا جدًا”.
وأضاف زيدان: “نلاحظ أن القراء الجدد يحاولون الهروب من الواقع والضغوطات إلى الكتب، بالإضافة إلى أن الكتاب شيء جميل في ظلّ التواصل الدائم مع الشاشات، لذلك الكتاب شيء جميل، وعالم آخر يصحب القارئ، ويخرجه من الأزمة التي يعيشها”.
وبخصوص نوعية الكتب التي تشهد إقبالا من قِبل الزائرين، قال زيدان: “نلاحظ أنه يوجد إقبال على الدراسات، وبخاصة أن المعرض يوفر دراسات من العالم العربي، ومن المناطق المحتلة عام 67، وجمعية الثقافة العربية هي المكان الوحيد الذي يوفر كتبا دراسات من مختلف العالم العربي، يطلبها القراء من أجل الاطلاع، وفهم ما يحصل في الدول والمناطق العربية، لذلك نلاحظ إقبالا عليها، كما نلاحظ إقبالا على الأدب أيضًا”.
واختتم زيدان حديثه بالقول، إن “المعرض والكتابة والقراءة هو رد على سياسات الحكومة الإسرائيلية، ورد على الجريمة المنظمة في مجتمعنا العربي، إذ أن الإنسان الذي يقرأ يستطيع التعبير عن رأيه، وبالطبع هو ليس إنسانًا عنيفًا، لذلك القراءة والكتب مهمة لمحاربة الجريمة في مجتمعنا”.
“إبحار في ثقافتنا وهويّتنا”
وقالت الزائرة لمعرض الكتاب ديالا حنوت، وهي من بلدة المغار لـ”عرب 48″: “هذه المرة الرابعة على التوالي التي أزور معرض الكتاب في جمعية الثقافة العربية، وأنتظر في كلّ مرة نشاطات الجمعية التي تمنحنا مساحة وطنية فلسطينية تمنحنا الإبحار بثقافتنا وعروبتنا وهويتنا، ونحافظ عليها بكل المجالات”.
وعن ضرورة مثل هذه المعارض، قالت إن “هذه النشاطات مهمة وضرورية… إننا نعاني من قلة هذه المعارض التي تحوي آلاف الكتب والدراسات والموسوعات والروايات، ونحن نتعطش لمثل هذه النشاطات، وأنا أدعو كل الشباب والطلاب للمشاركة في مثل هذه المعارض والنشاطات، التي تحافظ على هويتنا الفلسطينية، والتي تستحق أن نحافظ عليها”.
وأضافت حنوت أن “واحدة من أهم الأمور للابتعاد عن عالم الجريمة، هي الانشغال بالثقافة والقراءة والكتب، إذ أنه هذه الجريمة واحدة من أهداف الاستعمار، وقد أبادتنا جميعنا عن طريق الجريمة المنظمة التي تستهدف الجميع”.
“عمل متواصل لتعزيز الهويّة في ظلّ محاولات تدمير للمجتمع”
من جانبه، قال زائر المعرض أشرف حبيب الله، وهو من بلدة عين ماهل: “حقيقةً أنا متابع لمعرض الكتاب الذي ينظَّم كل عام في جمعية الثقافة العربية منذ عدة سنوات، وكل الشكر لهم على هذا العمل الدؤوب والمتواصل منذ عدة سنوات على تعزيز الهوية والثقافة بالمجتمع، في ظل ما يحصل من جريمة ومحاولات تدمير للمجتمع”.
وفي ما يتعلّق بالكتب التي تهمّه، قال حبيب الله: “أهتم بالكتب التي تختص بالدراسات والعلوم الاجتماعية والسياسية والفلسفة، إذ أنني أهتم بهذه الجوانب من الكتب التي تلهمني وتستهويني”.
ولفت حبيب الله إلى أن “الهوية والثقافة هي تمامًا كالغذاء والماء، إذ أن المجتمع الذي لا يتحلّى بالثقافة والهوية، من السهل أن ينحدر إلى أماكن سيئة، ومن السهل أن يتم اختراقه أيضًا، لذلك فإن المضامين الثقافية مهمة جدا لتوعية الناس، وصقل ثقافتهم الوطنية والسياسية”.
واختتم حبيب الله حديثه بالقول: “ليس مفهوما ضمنا أن توفر جمعية الثقافة العربية لنا كل هذا الكم من الكتب، في مكان واحد وتحت سقف واحد، في ظلّ الموانع الأمنية التي يشهدها المجتمع العربي في الداخل”.
المصدر: عرب 48