إما الموت عطشا أو شرب المياه الملوّثة
أحد أهالي جباليا: بسبب الحصار الإسرائيلي لم يعد أمامنا خيار سوى شرب المياه الملوثة أو الموت عطشا؛ محمد المصري: إذا استمر الجيش بحصاره على جباليا فإن الأهالي سيكونون أمام مجاعة حقيقية.
أهال في جباليا بغزة (Getty Images)
مع استمرار الحصار والإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل بمحافظة شمال قطاع غزة منذ 12 يوما، تضطر عائلة كمال الدعوار من حي تل الزعتر شمال شرق مخيم جباليا، إلى شرب مياه ملوثة، بعد نفاد ما لديها من مياه صالحة.
يقول الداعور المعيل لأسرة مكونة من 7 أفراد: “لم يعد أمامنا خيار سوى ذلك، فإما الموت عطشا أو شرب المياه الملوثة مع علمنا المسبق بآثارها الصحية علينا”.
ويضيف أن الجيش الإسرائيلي يمنع منذ بدء عدوانه على جباليا في 6 أكتوبر/ تشرين الأول الجاري، دخول مياه صالحة للشرب أو شاحنات محملة بمواد الغذائية إلى المنطقة، مبينا أن المحاصرين باتوا يعيشون أزمة حقيقية.
يتخوف الرجل الأربعيني من استمرار شرب المياه الملوثة وآثارها الصحية الكارثية على عائلته، ولا سيما أن نجله محمد “يعاني من مشكلات بالكلى، ولا يناسبه إلا شرب المياه المفلترة، حتى لا يزداد وضعه المرضي سوءا”.
ويناشد الداعور جميع “المؤسسات الدولية، بضرورة التدخل الفوري لإمدادهم بالإغاثة العاجلة، لأن ما يحدث جريمة ضد الإنسانية، وتتنافى مع كل المواثيق والقوانين التي تتغنى بها الدول”.
ومنذ 12 يوما، يعاني الأهالي المحاصرين في جباليا والمناطق المحيطة شمال قطاع غزة، نقصا حادا في المياه والغذاء، بعد منع الجيش الإسرائيلي إدخال المعونات والوقود لهم، واستهدافه لكثير من آبار المياه.
وأعلنت وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين “أونروا”، اليوم الأربعاء، أن الجيش الإسرائيلي يحاصر على الأقل 400 ألف شخص شماليّ قطاع غزة.
ومنذ بدء عمليته العسكرية على شمال القطاع، أطبق الجيش الإسرائيلي حصاره على منطقة جباليا، ومنع الأهالي من النزوح إلى مدينة غزة المجاورة، وأمرهم بالنزوح فقط عبر شارع “صلاح الدين” الممتد على طول شرقي القطاع من شماله إلى جنوبه.
وهذه العملية البرية الثالثة التي ينفذها الجيش الإسرائيلي في مخيم جباليا، منذ بداية حرب الإبادة الجماعية على غزة في 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023.
“لقمة مغمسة بالدم”
أما عائلة المصري النازحة من بلدة بيت حانون شمال القطاع إلى أحد مراكز الإيواء بمخيم جباليا، فقدت اثنين من أبنائها الإثنين، بعد قرارهما الذهاب لأحد مراكز توزيع المساعدات، لجلب ما تبقى من الطعام لعائلتهما.
يقول الشاب محمد المصري إن “أبناء عمه محمود وعبد الرحمن، قررا المخاطرة لجلب الطعام، حتى يبقى أفراد عائلتهم على قيد الحياة، فكان مصيرهما الموت مع عدد من المحاصرين في جباليا”.
ويشير إلى أن “الجيش الإسرائيلي أطلق قذائفه المدفعية على المحاصرين فور دخولهم مركز التوزيع، ما أدى إلى استشهاد وإصابة كل من في المكان”.
وبحسب المصري، “لم تتمكن سيارات الإسعاف من الوصول إلى المكان طوال ساعات، وقبل حلول المساء خاطر بعض النازحين ووصلوا المكان لإجلاء الشهداء والجرحى، وكان الأخوان من بينهم شهداء”.
وفي وصفه لحالة المحاصرين في جباليا، يقول محمد: “الجميع يعاني من نقص الماء والطعام”، مشيرا إلى أن إشعال النار لصناعة الخبز يعد مخاطرة في هذه الأوقات، لأن الجيش الإسرائيلي يتعمد استهداف أي مكان يشعر أن فيه حركة لمواطنين”.
ويذكر أنه “إذا ما استمر الجيش الإسرائيلي في حصاره لمنطقة جباليا، فإن الأهالي سيكونون أمام مجاعة حقيقة، ولن يجدوا الماء الصالح للاستهلاك الآدمي”.
نفاد الطعام والماء
أما عائلة شوقي أبو ربيع من بلدة بيت لاهيا، فكانت تحتفظ بطعام يكفيها لمدة أسبوعين، قبل بدء العملية العسكرية الأخيرة، وفرض الحصار الخانق.
اليوم، ومع مرور 12 يوما على العملية العسكرية، باتت العائلة أمام خطر حقيقي يهددها، وخصوصا مع اقتراب نفاد ما لديها من طعام.
وتعاني العائلة وفقا للشاب محمد أبو ربيع، أيضا أزمة خانقة في المياه الصالحة للشرب، ويضطر أفرادها لشرب المياه الملوثة، منذ ثالث أيام الحصار.
ويقول أبو ربيع: “المياه التي نشربها مالحة جدا والطعام لا يكفي، هذا يتطلب تدخلا عاجلا من كل المعنيين لأن عشرات الآلاف يعيشون ذات الحال وينتظرون دخول المواد الإغاثية”.
ويضيف أن “هناك عائلات نفد ما لديها من طعام، وتضطر الآن إلى تناول أطعمة غير صالحة، وهو ما يهدد صحتهم الجسمية”، لافتا إلى أن “الجميع في قلب الحصار يواجهون خطرا حقيقيا”.
وبدعم أميركي، خلفت الحرب الإسرائيلية في غزة المتواصلة أكثر من 141 ألف شهبد وجريح، وما يزيد على 10 آلاف مفقود، وسط دمار هائل، ومجاعة قتلت عشرات الأطفال والمسنين.
وتواصل تل أبيب مجازرها متجاهلة قرار مجلس الأمن الدولي بإنهائها فورا، وأوامر محكمة العدل الدولية باتخاذ تدابير لمنع أعمال “الإبادة الجماعية” وتحسين الوضع الإنساني الكارثي بغزة.
المصدر: عرب 48