إمّا بيع التطبيق لجهة أميركيّة أو الحظر
يحدّد القانون، الّذي كان موضوع حجج أمام القضاة التسعة يوم الجمعة، موعدًا نهائيًّا في 19 كانون الثاني/يناير لشركة بايت دانس لبيع منصّة التواصل الاجتماعيّ الشهيرة أو مواجهة الحظر…
بعد موافقة المحكمة العليا الأميركيّة في منتصف كانون الأوّل/ديسمبر على الاستماع إلى الطعن الّذي تقدّمت به شركة تيك توك على التشريع الّذي وقّعه الرئيس جو بايدن، تعيّن على المنصّة وشركة “بايت دانس” إقناع المحكمة بإلغاء قرار محكمة بأنّ المخاطر الّتي تشكّلها تيك توك على الأمن القوميّ تفوق انتهاك قانون حرّيّة التعبير.
الجمعة، استمعت المحكمة العليا إلى حجج الطعن حول ما إذا كان يمكن حظر تطبيق “تيك توك” في الولايات المتّحدة في وقت لاحق من هذا الشهر في قضيّة طرفاها هما حرّيّة التعبير المكفولة بالدستور الأميركي والأمن القوميّ حسب الادّعاء. وبعد حوالي ساعتين ونصف من الأسئلة، بدا أنّ القضاة مستعدون لتأييد قانون يلزم شركة “بايت دانس” ببيع أعمالها في الولايات المتّحدة أو مواجهة الحظر.
ودافعت إدارة بايدن عن القانون، قائلة إنّ تطبيق الفيديو القصير الشهير يشكّل تهديدًا صينياً خطيراً. وتعدّ منصّة تيك توك من عمالقة التواصل الاجتماعيّ، إذ يستخدمها حوالي 170 مليون شخص في الولايات المتّحدة، أي ما يقرب من نصف سكّان البلاد. وأقرّ الكونغرس هذا الإجراء العام الماضي بدعم ساحق من الحزبين، حيث استشهد المشرّعون بخطر استغلال الحكومة الصينيّة للمنصّة من أجل التجسّس على الأميركيّين وتنفيذ عمليّات اختراق سرّيّة.
بدوره، قدّم محامي تيك توك والشركة الصينيّة الأمّ للتطبيق تحذيرًا في أثناء مناقشات المحكمة العليا أنّ القانون من شأنه أن يجبر الشركة على بيع تطبيق الفيديو أو حظره في الولايات المتّحدة. ويشير الخبراء إلى أنّه إذا كان بإمكان الكونغرس أن يجبر تيك توك على البيع، فقد يشكّل ذلك سابقة قانونيّة، وقد يؤدّي إلى ملاحقة شركات أخرى أيضًا.
ويحدّد القانون، الّذي كان موضوع حجج أمام القضاة التسعة يوم الجمعة، موعدًا نهائيًّا في 19 كانون الثاني/يناير لشركة بايت دانس لبيع منصّة التواصل الاجتماعيّ الشهيرة أو مواجهة الحظر. وسعت الشركة إلى تأخير تنفيذ القانون، على الأقلّ، الّذي تقول إنّه ينتهك التعديل الأوّل لدستور الولايات المتّحدة ضدّ تقييد الحكومة لحرّيّة التعبير.
وأشار بعض القضاة من خلال أسئلتهم أثناء المرافعات إلى أنّهم يميلون إلى تأييد القانون، على الرغم من أنّ البعض أعرب عن مخاوف جدّيّة بشأن آثاره على التعديل الأوّل للدستور الأميركيّ.
ردّ الدفاع
زعم نويل فرانسيسكو، ممثّل تيك توك وبايت دانس، أنّ تأييد المحكمة العليا لهذا القانون قد يسمح بسنّ قوانين تستهدف شركات أخرى على أسس مماثلة.
وقال فرانسيسكو للقضاة: “دور السينما التابعة لشركة AMC مملوكة لشركة صينيّة. وحسب هذه النظريّة، يمكن للكونغرس أن يأمر دور السينما التابعة لشركة AMC بفرض الرقابة على أيّ أفلام لا يحبّها الكونغرس أو الترويج لأيّ أفلام يريدها”.
وأشار المحامي إفري فيشر، ممثّل صنّاع المحتوى على تيك توك، الّذين طعنوا أيضًا في القانون، خلال مرافعات المحكمة العليا إلى أنّ الكونغرس بهذا الإجراء كان يركّز على تيك توك وليس على كبار تجّار التجزئة عبر الإنترنت الصينيّين بما في ذلك “تيمو”.
وقال فيشر “هل يمكن للكونغرس، الّذي يشعر بالقلق حقًّا بشأن هذه المخاطر الدراميّة للغاية، أن يتجاهل موقعًا للتجارة الإلكترونيّة مثل تيمو الّذي يستخدمه 70 مليون أميركيّ؟”. وأضاف “من الغريب جدًّا لماذا تمّ التركيز على تيك توك فقط، وليس شركات أخرى، حيث تُؤْخَذ بيانات عشرات الملايين من الأشخاص، كما تعلمون، عند التعامل مع تلك المواقع الإلكترونيّة، وبشكل متساو، إن لم يكن أكثر، متاحة للسيطرة الصينيّة”.
وردًّا على تهم التلاعب بالمحتوى والتضليل من قبل تيك توك، قال فرانسيسكو للمحكمة “الجميع يتلاعبون بالمحتوى. هناك الكثير من الناس الّذين يعتقدون أنّ سي إن إنّ وفوكس نيوز وول ستريت جورنال ونيويورك تايمز تتلاعب بمحتواهم. هذا هو جوهر حرّيّة التعبير المحميّة”.
من جهتها، قالت المحامية إليزابيث بريلوغار، الّتي تترافع بالنيابة عن إدارة بايدن أنّه من المهمّ جدًّا أن يدخل القانون حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير كما هو مقرّر لإجبار بايت دانس على التصرّف في عمليّة البيع.
وقالت بريلوغار “الخصوم الأجانب لا يتخلّون عن سيطرتهم على منصّة التواصل الجماهيريّة هذه في الولايات المتّحدة طواعية”. مضيفة “عندما يحين الوقت المناسب، ويتمّ تنفيذ تلك القيود، أعتقد أنّها ستغيّر المشهد بشكل كبير بما ترغب بايت دانس في النظر فيه. وقد تكون هذه هي الصدمة الّتي توقّع الكونغرس أن تحتاجها الشركة للمضيّ قدمًا في عمليّة البيع”.
وإذا دخل الحظر حيّز التنفيذ في 19 كانون الثاني/يناير، فلن تتمكّن منصّات التطبيقات مثل “آبل ستور” و “جوجل بلاي” من إتاحة تطبيق تيك توك للتنزيل للمستخدمين الجدد، ولكن بإمكان المستخدمين الحاليّين الوصول إلى التطبيق.
وتتّفق الحكومة الأميركيّة وتيك توك على أنّ التطبيق سوف يتدهور ويصبح في النهاية غير صالح للاستخدام بمرور الوقت لأنّ الشركات ببساطة لن تتمكّن من تقديم خدمات الدعم والتحديث للتطبيق.
خلاف بين الإدارات الأميركيّة
في نيسان/أبريل الماضي، أقرّ الرئيس جو بايدن تشريعًا من شأنه حظر تطبيق تيك توك في 19 كانون الثاني/يناير 2025، إذا لم تبعه الشركة الصينيّة الأمّ بايت دانس. وكان التشريع قيد الإعداد لعدّة سنوات، حيث يخشى المسؤولون الحكوميّون أنّ منصّة تيك توك تشارك بيانات المستخدمين الأميركيّين مع الحكومة الصينيّة.
وتحاول إدارة الرئيس الحاليّ جو بايدن الضغط من أجل تمرير القانون قبل انتهاء الفترة الرئاسيّة الحاليّة وقدوم الرئيس المنتخب دونالد ترامب. ويأتي الموعد النهائيّ للتخلّي عن الاستثمارات قبل يوم واحد فقط من تنصيب ترامب كرئيس للولايات المتّحدة الّذي يقول إن بإمكانه “إنقاذ التطبيق” على الرغم من تصريح ترامب في عام 2020 أنّ الملكيّة الصينيّة منحت بكين إمكانيّة الوصول إلى “المعلومات الشخصيّة والملكيّة للأميركيّين، ممّا يسمح للصين بتتبّع مواقع الموظّفين والمقاولين الفيدراليّين، وبناء ملفّات من المعلومات الشخصيّة للابتزاز، والتجسّس على الشركات”.
ولكنّ ترامب اليوم ليس ترامب الأمس. فبعد الضغط من أجل حظر تيك توك خلال إدارته الأولى، غيّر الرئيس الجمهوريّ رأيه. ويشير الخبراء إلى أنّ تغيير الرأي من جانب ترامب نابع من أنّ التطبيق مرتبط بشكل كبير بالناخبين الشباب، حيث يبلغ عدد متابعي حسابه الشخصيّ أكثر من 14 مليون متابع، وربّما أثر أولئك الّذين تربطهم علاقات بالشركة أيضًا على تغيير رأي ترامب.
وبموجب القانون، يتمتّع الرئيس الأميركيّ بسلطة تمديد الموعد النهائيّ في 19 كانون الثاني/يناير لمدّة 90 يوماً، ولكنّ الظروف الحاليّة لا تبشّر بالخير للشركة الصينيّة حيث لم تبذل بايت دانس أيّ جهد واضح لبيع أصول تيك توك في الولايات المتّحدة. وينصّ القانون على أنّ الرئيس يجب أن يشهد على إحراز تقدّم كبير نحو البيع، مع وجود اتّفاقيّات قانونيّة ملزمة. وبغضّ النظر عن ذلك، لا يصبح ترامب رئيسًا إلّا بعد الموعد النهائيّ!
محاولات شراء أميركيّة
وأعلن فرانك ماكورت، مؤسّس مشروع “بروجيكت ليبرتي” Project Liberty والرئيس التنفيذيّ لشركة ماكورت جلوبال، أنّه يعمل على تشكيل مجموعة من الشركاء لشراء تيك توك من أجل منع حظر المنصّة في الولايات المتّحدة. وقالت المجموعة إنّها قدّمت يوم الخميس عرضًا لشركة بايت دانس لشراء أصول تيك توك في الولايات المتّحدة.
وصرّحت المجموعة في بيان إنّ مبلغ العرض سيظلّ سرّيًّا “حتّى تتمكّن بايت دانس من مراجعة اقتراحنا”. لكنّ ماكورت قال سابقًا إنّه تلقّى التزامات “شفهيّة” من المستثمرين ترفع قيمة العرض إلى مبالغ تصل إلى 20 مليار دولار.
وأعلن ماكورت عن خطّة شراء تيك توك في ديسمبر/كانون الأوّل، وفي وقت سابق من هذا الأسبوع، انضمّ إليه مقدّم برنامج “شارك تانك” Shark Tank والمستثمر كيفن أوليري.
وإذا استحوذت مجموعة “بروجيكت ليبرتي” على تيك توك، فلن يكون ذلك سوى الجزء الأميركيّ من المنصّة ولن يشمل خوارزميّة تيك توك المربحة، والّتي تعتبرها الصين ملكيّة فكريّة لها.
المصدر: عرب 48