اتفاق وقف النار في غزة شبه مطابق لمقترح سابق وإدارة غزة شأن فلسطيني ودور حيوي لترامب
أكّد رئيس الوزراء القطريّ، محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، أن اتفاق وقف إطلاق النار الذي تمّ التوصّل إليه بوساطة قطرية، ودخلت مرحلته الأولى حيّز التنفيذ، الأحد الماضي؛ مطابق تقريبا، للاتفاق الذي طُرح في كانون الأول/ ديسمبر 2023، مشدّدا على أن القرار بشأن كيفية إدارة غزة، هو قرار يجب على الفلسطينيين اتخاذه.
جاء ذلك في تصريحات أدلى بها رئيس الوزراء القطريّ، خلال مقابلة أجرتها معه القناة الإسرائيلية 12، التي التقاه مراسلها في العاصمة الفرنسية، باريس، وتطرّق فيها إلى المفاوضات التي استمرّت 15 شهرا، منذ الاتفاق الأوّل، وإلى الرئيس الأميركيّ، دونالد ترامب، و”الدور الحيوي” الذي يلعبه مبعوثه للشرق الأوسط؛ كما شدّد على أن التوصّل لاتفاق قد اتُّفق أصلا على إطاره في العام الماضي؛ قد استغرق وقتًا طويلا.
وحينما سُئل رئيس الوزراء القطريّ، لماذا استغرق الاتفاق بين حركة حماس وإسرائيل وقتا طويلا، قال إن “لم تكن هذه صفقة بسيطة، فقد استغرقت منا نحو 15 شهرًا من المفاوضات، ومنذ انهيار الاتفاق السابق، الذي تمكنا بموجبه من إطلاق سراح 109 رهائن في تشرين الثاني/ نوفمبر 2023، شهدنا صعودا وهبوطا في المفاوضات، وكانت عملية معقّدة”.
وأضاف “ما يحزننا حقًا، هو أن الأمر استغرق وقتًا طويلا، للتوصل إلى اتفاق اتفقنا على إطاره في كانون الأول/ ديسمبر 2023”.
وذكر آل ثاني في معرض إجابته عن سؤال “هل هذا هو نفس الاتفاق الذي تم الاتفاق عليه آنذاك؟”، أنه “متطابق تقريبا؛ في الأساس، الجميع يقولون إن هذا هو الاتفاق نفسه الذي تم التوصل إليه في 27 أيار/ مايو”.
وأشار إلى أن “المشكلة هي أنه في كل يوم نحتجز فيه، نشعر بالمسؤولية عن هذه الأيام التي تودي بحياة العديد من البشر، سواء أكانوا من سكان غزة، أو رهائن إسرائيليين محتجزين في غزة”.
وفي ما يلي أسئلة أُخرى وُجّهت لرئيس الوزراء القطريّ، وإجاباته كما أدلى بها:
– من أصرّ على هيكَلة الاتفاق ومن المستفيد أكثر منه؟
هذا هو هيكل الاتفاق الذي اعتقدنا أنه سيكون الأفضل، بالنظر إلى مخاوف كلا الجانبين، ومن وجهة نظرنا، فإنّ الاتفاق المثاليّ هو إنهاء الحرب، وإعادة جميع الرهائن دفعة واحدة، والانتهاء من الأمر.
– لماذا لم يُفعَل ذلك؟
في بعض الأحيان، تكون هذه قيودا سياسية، ولا أستطيع التصويت لأيّ من الجانبين. لقد كنت وسيطًا طوال هذا الوقت، وحاولت أن أحترم دوري كوسيط، لذلك لم أتحيّز لطرف.
– ما هي فرص الانتقال للمرحلة الثانية من الاتفاق؟
كلّ هذا يعتمد على التزام الطرفين بالاتفاق نفسه، هذا هو الشيء الأول، ومن المقرَّر أن تبدأ عملية التفاوض للمرحلة الثانية في السادس عشر من الشهر الجاري، لكننا نحاول أن نبدأها في أقرب وقت ممكن. آمل أن أبدأ في الأسبوع المقبل الحديث مع الإسرائيليين، للبدء بالمرحلة الثانية، إن شاء الله.
أعتقد أنه من المهم جدًا أن نصل إلى المرحلة النهائية من هذه الصفقة، وإعادة الجميع وإنهاء الحرب بشكل دائم.
– ما هي الشروط اللازمة لعودة كافة الرهائن الإسرائيليين؟
كما ذكرت، يجب أن تكون لديك نوايا حسنة للبدء. إن التفاوض بشأن المرحلة الثانية سيتطلّب قدرًا كبيرًا من الشجاعة والقيادة، وهناك عدد من القرارات الصعبة التي يتعيّن اتخاذها، لإعادة الجميع إلى ديارهم وإنهاء الحرب، وهذا ما يتطلّبه كل اتفاق سلام، ويتطلّب قيادة قوية عازمة على وضع مصالح شعبها وأمنهم فوق كل شيء آخر.
– كيف أثّر تهديد ترامب بـ”فتح أبواب الجحيم” في الشرق الأوسط على ديناميكية المفاوضات؟
الحقيقة أننا رأينا العمل الذي قامت به كلتا الإدارتين، الإدارة التي كانت في السلطة في ذلك الوقت، إدارة الرئيس جو بايدن، وكذلك الإدارة المقبلة، وهي الإدارة الحالية للرئيس ترامب. لقد رأينا أنهم لعبوا دورًا حيويًا، ولعب المبعوث الخاص لترامب دورًا حيويًا في اختتام العملية، للوصول بنا إلى نقطة النهاية.
– هل هذا ما أقنع حماس؟
الحقيقة هي أنه عندما ننظر إلى الأمر بهذه الطريقة، فإن حماس تحتاج إلى ضمانات باستمرار هذا الاتفاق واستمراره.
في جوهرها، هاتان الدولتان في حالة حرب منذ فترة طويلة، والثقة معدومة بين جميع الأطراف المعنيّة، وهم بحاجة إلى ضمانات وكفلاء ووسطاء، لتشجيعهم على سدّ الفجوات. في واقع الأمر، كان هذا عنصرا مهما للغاية في الصفقة.
– على أي موقف كان هذا التأثير أكبر، موقف إسرائيل أم موقف حماس؟
أعتقد أن الأمر يؤثر على كلا الجانبين، ولقد رأينا ذلك كشيء ساهم في التوصل إلى اتفاق، ورأينا التزام الرئيس ترامب بإنهائه، وكان هذا عنصرًا مهمًا للغاية.
– هل لا يزال هذا التهديد موجودا؟
نحن لا نؤمن بلغة التهديدات، ولا أستطيع أن أقول إن هذه هي اللغة التي تنجح. إن الالتزام بإنهاء هذه المشكلة، والتحرّك نحو الحلّ هو الأداة الأكثر فعاليّة.
– ما هو مصير حماس بعد إتمام االاتفاق بالكامل؟
إنه ليس شيئا يمكننا تحديده، نحن نتحدّث عن وضع معلّق في الهواء منذ فترة طويلة جدًا، ولكي نتمكّن من معالجة المشكلة برمّتها، فلا بدّ من النظر إليها ككلّ؛ المشكلة هي أننا بحاجة إلى إيجاد طريق مستدام للسلام، حيث يمكننا أن نرى الإسرائيليين والفلسطينيين يعيشون جنبا إلى جنب في سلام معا، وضمان أمن كلا الشعبين. وهذا حقّ كل الناس في هذه البلدان، بل وفي المنطقة بأسرها أيضا.
– إحياء حلّ الدولتين؟
نحن نؤمن أن هذه هي الطريقة الوحيدة للمضيّ قدمًا، ومنطقتنا ليست بسيطة، بل هي منطقة معقّدة للغاية، ومضطربة، وفيها حروب قديمة، ووكلاء، وجهات فاعلة حكومية، وجهات فاعلة غير حكومية.
إن حلّ الدولتين هو السبيل الوحيد الذي سيمكننا من بناء منطقة نعيش فيها بسلام جنبًا إلى جنب، ونحن نعتقد أن التسوية في غزة، يجب أن تتم من خلال اتفاق.
ثانيا، إن القرار بشأن كيفية إدارة غزة هو قرار يجب على الفلسطينيين اتخاذه، وللإسرائيليين أيضا الحق في ضمان الأمن على حدودهم، وهذا أمر نتفهمه تماما وسندعمه. وخلال المفاوضات، على الأقل في المفاوضات التي شاركت فيها شخصيا، تحت قيادة صاحب السمو الأمير، تمّ حل العديد من النزاعات من خلال هذه المناقشات.
– لماذا تعتقد أن الصراع قد اندلع؟
علينا أن نعالج جذور المشكلة وليس فقط أعراضها.
– ينتقد العديد من الإسرائيليين الدور الكبير الذي لعبته قطر في الوساطة، وبخاصة أنكم تستضيفون قادة حماس، وقد قمتم بتمويل حماس من خلال تحويل مليارات الدولارات على مدى العقد الماضي؛
هذا هو السؤال الذي سأقوم بتقسيم إجابته إلى عدة عوامل. أولا، كما ذكرت، منطقتنا ليست “نزهة في حديقة”؛ هذه ليست منطقة بسيطة، بل هي منطقة معقّدة للغاية. إن جوهر السياسة الخارجية القطرية هو حلّ النزاعات عن طريق الوساطة، وهذا يتطلّب منا أن يكون لدينا قناة اتصال مفتوحة مع الجميع. تم افتتاح مكتب حماس في الدوحة بالتنسيق الكامل مع الولايات المتحدة. وكان هذا المكتب، كما ذكرت، يمثل القناة المفتوحة معهم من أجل حلّ النزاعات، ومنع الصراعات المستقبلية، وهذا هو السبب ووسيلة الاتصال التي استخدمناها خلال السنوات القليلة الماضية من أجل تسهيل الأمور على سكان غزة، وكذلك من أجل تحقيق الأمن للإسرائيليين.
نحن واثقون جدًا من أننا فعلنا كل شيء وبطريقة شفّافة للغاية، سواء كان الأمر يتعلّق بتمويل غزة، وهي القضية التي نشهد فيها ادعاءات ودعاية، للأسف، تجاه قطر، بأننا حوّلنا المليارات إلى حماس، وهو ما لم يحدث أبدًا؛ ليست الحقيقة.
– أهي دعاية (بأن قطر قد موّلت حركة حماس، لا سكّان غزة)؟
بالطبع، وكانت الأموال التي كنا نرسلها إلى سكّان غزة مخصّصة للأسَر الفقيرة المحتاجة، ولتزويد سكان غزة بالكهرباء، وهو الأمر الذي كان، بالمناسبة، يتمّ تنسيقه بالكامل مع الحكومة الإسرائيلية.
– هل طلب منك الإسرائيليون فعلاً أن تفعل هذا؟
نعم، نعم بالفعل. وفي واقع الأمر، تضمّنت بعض الترتيبات الأمنيّة مع سكّان غزة، تقديم المساعدات إلى غزة.
– هي حكومة نتنياهو، أليس كذلك؟
لم تبادر أي دولة إلى تقديم المساعدة حتى الآن. قطر هي التي أخذت زمام المبادرة، وكان علينا أن نأخذ زمام المبادرة، حتى نتمكّن من فعل شيء ما. والآن، عندما يتعلق الأمر بكلّ الانتقادات الموجّهة إلى قطر، والدعاية المحيطة بها، فمن المؤسف أن نرى أن دورنا، الذي فعلناه لصالح المنطقة واستقرارها، يتعرّض لانتقادات من قِبَل أطراف قصيرة النظر.
الناس والسياسيون الذين يحاولون استغلالها لمصلحتهم السياسية، الأمر الذي لم يساعد إطلاقا في تخفيف حدةّ الوضع في غزة، أو عودة الرهائن.
وأتوجه إلى هؤلاء السياسيين الذين ينتقدون دورنا، ماذا فعلوا لإعادتهم (الرهائن)؟ ماذا فعلوا لضمان الاستقرار في المنطقة غير الكلام؟ عذرا، ولكن هل تستخدمونا لتحقيق مكاسب سياسية؟
– مع ذلك هناك من يدّعي أنّكم تمثّلون حماس في المفاوضات وأنكم لستم وسيطا؛
هذا غير صحيح تماما، فقد توسطنا بحُسن نيّة، ومثّلنا موقفًا محايدًا، ومثّلنا قناة اتصال بين الطرفين، وهذا هو المطلوب أساسًا عندما تكون وسيطًا، ولو كنا نمثّل حماس في هذه المفاوضات، لما كانت النتيجة هكذا. وفي النهاية كانت الوساطة محايدة ومهنية للغاية، وفي الواقع، أي شخص يريد أن يصدق أن الأمر كان على العكس، فهذه مشكلته، وليست مشكلتي.
– هل تفكّرون بالاستثمار مجدّدا في إعادة إعمار غزة؟
انظر، هذا السؤال جاء عدة مرات، أما نحن، فبالطبع لن نترك الناس لمصيرهم، ليعيشوا في مكان مدمَّر. لكن هناك سؤال أكبر، إلى متى سنستمر في الاستثمار في مكان قد يتعرض للتدمير مرة أخرى في ظروف معيّنة؟
ونحن نودّ أن نرى سلامًا مستدامًا، مما يسمح لاستثمارنا بالتوصل إلى سلام مستدام ودائم.
– هل سيتم تحقيق ذلك؟ هل أنت متفائل؟
نحن دائمًا متفائلون، ولا نستسلم أبدًا. وإلا لكنا استسلمنا في منتصف هذه العملية.
– متى قد تزور إسرائيل؟
يعتمد الأمر على كيف يبدو المستقبل.
ما هي الشروط؟
لا توجد شروط، نحن نتحدّث عن حلول سلميّة، وسنفعل أيّ شيء مطلوب لإحلال السلام في المنطقة.
المصدر: عرب 48