استمرار احتجاز جثامين 7 شهداء من مناطق 48 كورقة مساومة.. قرار سياسي وسابقة خطيرة جدا
“عدد الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال الموثقة لدينا 565 جثمانا ما بين مقابر الأرقام والثلاجات، ويشمل هذا المعطى شهداء الضفة الغربية والقدس وأراضي 48، وجثامين 6 شهداء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بالإضافة لجثامين شهداء من غزة”.
وقفة إسناد للأسير وليد دقة بالناصرة قبل استشهاده (أرشيف عرب 48)
شكّل قرار المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية (الكابينيت)، الأحد الماضي، باستمرار احتجاز جثامين 7 شهداء من مناطق 48، حتى يتم استخدامها كورقة مساومة في المفاوضات التي قد تفضي لاتفاق وصفقة تبادل أسرى، سابقة سياسية وقانونية لم يشهدها المجتمع الفلسطيني في أراضي 48 من قبل.
والشهداء السبعة، هم: وليد دقة (62 عاما) من باقة الغربية، استشهد داخل السجون الإسرائيلية بتاريخ 7 نيسان/ أبريل 2024، بعد معاناة مع مرض السرطان وسياسة الإهمال الطبي المتعمد وقضى في السجن قرابة الـ40 عاما، والأسير جمعة أبو غنيمة (26 عاما) من قرية الأعسم في منطقة النقب، وكان قد استشهد داخل السجون الإسرائيلية بتاريخ 16 آذار/ مارس 2024، بعد خمسة أيام من إعلان الاحتلال نقله بوضع صحي خطير من زنزانته في سجن (إيشل) إلى مستشفى، وكان قد اعتقل في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2023 على يد قوات الاحتلال الإسرائيليّ بتهمة “الانضمام لحركة حماس وتقديم معلومات” بعد تسلله إلى قطاع غزة في العام 2016.
بالإضافة لمرشد عبد الحي (30 عاما) من مدينة الطيرة، استشهد بتاريخ 5 شباط/ فبراير 2024، برصاص شرطي إسرائيلي بادعاء محاولته “خطف سلاح شرطي”، وفادي أبو الطيف (22 عاما) من مدينة رهط وهو بالأصل من قطاع غزة، استشهد بتاريخ 14 آذار/ مارس 2024، بعد أن نفذ عملية طعن عند مفترق (بيت كاما) شمال رهط أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي من قوات الاحتياط، وناجي أبو فريح (25 عاما) من مدينة رهط، استشهد بتاريخ 31 آذار/ مارس 2024، بعد أن أطلق جندي إسرائيلي النار تجاهه بزعم تنفيذه عملية طعن، وسعد أبو غانم (27 عاما) من مدينة الرملة، استشهد بتاريخ 26 نيسان/ أبريل 2024، بعد أن أطلق مستوطن النار تجاهه بزعم تنفيذ عملية طعن، وجواد ربيع (20عاما) من بلدة نحف، استشهد بتاريخ 3 تموز/ يوليو 2024، بادعاء تنفيذ عملية طعن في مجمع تجاري بمدينة كرميئيل أسفرت عن مقتل جندي إسرائيلي وإصابة آخر.
وكانت السلطات الإسرائيلية قد سلمت جثامين 3 شهداء من أراضي 48 خلال فترة الحرب المستمرة على قطاع غزة منذ السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وهم: كريم أبو صالح (30 عاما) من مدينة سخنين، استشهد بتاريخ 27 آذار/ مارس 2024 داخل السجون الإسرائيلية بعد 10 أيام من اعتقاله وتم تشييع جثمانه بتاريخ 2 أيار/ مايو 2024، ووسيم أبو الهيجاء (28 عاما) من مدينة طمرة، استشهد بتاريخ 29 كانون الثاني/ يناير 2024 برصاص جنود من الجيش الإسرائيلي بزعم تنفيذه عملية دهس وطعن بمحاذاة قاعدة لسلاح البحرية الإسرائيلي في مدينة حيفا، وتم تشييع جثمانه بتاريخ 16 آذار/ مارس 2024، ووهب شبيطة (26 عاما) من مدينة الطيرة، استشهد بتاريخ 3 نيسان/ أبريل 2024 برصاص القوات الإسرائيلية بادعاء تنفيذه عملية دهس، وقد وافقت النيابة العامة الإسرائيلية على تحرير جثمان شبيطة بتاريخ 16 أيار/ مايو 2024.
وتعقيبا على قرار الكابينيت، قالت زوجة الشهيد وليد دقة، سناء سلامة لـ”عرب 48″ إن “هذا القرار مشتق من الوضع السياسي والأجواء الفاشية لدولة الاحتلال، والقرار متوقع وليس مستغربا! هذا على الرغم من أننا ما زلنا بالمسار القضائي والذي أيضا تم استنفاذه وننتظر الآن قرار المحكمة العليا والذي لا نتوقع منها قرارا بتحرير جثمان وليد، إنما سيكون قرارها بشكل آلي وأوتوماتيكي على القرار السياسي لاحتجاز جثمان وليد وبقية جثامين الشهداء”.
وتابعت سلامة أنه “عندما تقدم الاستخبارات العسكرية موادا تدعي أنها سرية تبيّن وتشرح قيمة الجثمان في ملف المفاوضات حسب تعبيرهم، فلا يكون هناك أي توقعات لتحرير الجثمان بقرار من المحكمة العليا”.
وختمت دقة حديثها بالقول إن “مستوى ردة الفعل أو محاولة عمل شيء في ظل كل هذه الممارسات هو دون الصفر، سواء في الداخل أو بشكل عام. المشهد الفلسطيني العام عاجز أمام كل هذه الممارسات، وسيكون هناك تغوّل وممارسات أكثر تطرفا بالفترة القادمة”.
وقالت المحامية من مركز “عدالة” الحقوقي، ناريمان شحادة – زعبي، في حديثها لـ”عرب 48″ إنه ” في مركز عدالة نعمل في 5 قضايا لمحاولة استرجاع الجثامين التي تعود لوليد دقة، وجمعة أبو غنيمة، وناجي أبو فريح، وسعد أبو غانم، وجواد ربيع، وحتى الآن لم نتلق قرارا رسميا من الكابينت باستمرار احتجاز الجثامين، لكن بحسب ما نُشر في وسائل الإعلام باحتجاز 7 جثامين لاستعمالها كورقة في التفاوض، فإن القرار يعتبر سابقة قانونية خطيرة جدا، هذه المرة الأولى الذي يتم فيها احتجاز فلسطينيين من مواطني البلاد لغرض التفاوض لاسترداد جثامين مواطنين إسرائيليين، وكما هو معروف في السابق الاحتجاز كان حصريا على جثامين لأشخاص من قطاع غزة والضفة الغربية وشرقي القدس”.
وأضافت شحادة – زعبي أنه “لا يوجد صلاحية قانونية للدولة لاحتجاز الجثامين، الاحتجاز في المرحلة الحالية يتم بقوانين انتدابية وهي غير سارية المفعول على المواطنين، ولا يوجد أي مظلة قانونية لهذا الاحتجاز، والوضعية القانونية لاحتجاز جثامين لأشخاص مواطنين في البلاد فقط وفقا قانون مكافحة الإرهاب ويعطي القانون صلاحية لاحتجاز الجثمان لغرض تقييد ترتيبات مراسم التشييع وليس غرض التفاوض”.
وأشارت إلى أنه “هناك بُعد أوسع لهذا القرار وليس فقط على مسألة احتجاز الجثامين، إنما أيضا على شكل العلاقة بين المواطنين الفلسطينيين في البلاد والسلطات الإسرائيلية، وشرعنة احتجاز الجثامين فيها رسالة واضحة للتجاوزات التي ممكن أن تقوم بها السلطات تجاه الفلسطينيين في البلاد، بانعدام أي صلاحية وبمس صارخ للحقوق الأساسية واستخدام قوانين غير سارية المفعول، وهذا يعبر عن تصعيد خطير وسابقة خطيرة تنذر بانحدار المعايير بالنسبة للسلطات والقضاء الإسرائيلي، وفتح الباب للتجاوزات التصعيدية التي لم نشهدها من قبل”.
وأشار منسق الحملة الوطنية لاسترداد جثامين الشهداء، حسين شجاعية في حديثه لـ”عرب 48″ إلى أن “عدد الجثامين المحتجزة لدى الاحتلال الموثقة لدينا 565 جثمانا ما بين مقابر الأرقام والثلاجات، ويشمل هذا المعطى شهداء الضفة الغربية والقدس وأراضي 48، وجثامين 6 شهداء من اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بالإضافة لجثامين الشهداء من قطاع غزة قبل السابع من تشرين الأول/ أكتوبر 2023، لعدم قدرتنا التوثيق في فترة الحرب”.
وأكد شجاعية أنه “من بين المعطى العام 565 جثمان شهيد، هناك 55 طفلا (أقل من 18 عاما) و9 شهيدات، و32 شهيدا من شهداء الحركة الأسيرة، منهم وليد دقة”.
المصدر: عرب 48