اعتراض المسيرات والصواريخ الإيرانية نجاح أميركي ألغى اجتياح رفح
“قادة إسرائيل ضلوا طريقهم ويقودون الدولة إلى نهايتها، بعدما فشلوا في توقع نتائج الاغتيال في دمشق، وإسرائيل اعترضت 60% والدول الأخرى 40%، وبدون أميركا سيكون وضعنا أسوأ بكثير، والهجوم الإيراني كان سيدمر ويقتل كثيرين”
أجزاء من صاروخ إيراني تم اعترضه فوق بغداد، ليلة السبت – الأحد (Getty Images)
شددت التحليلات المنشورة في الصحف الإسرائيلية اليوم، الإثنين، على أن اعتراض مئات الصواريخ والطائرات المسيرة في الهجوم الإيراني على إسرائيل، ليلة السبت – الأحد الفائتة، كان نجاحا للولايات المتحدة بالأساس وليس لإسرائيل، وطالب محللون بألا ترد إسرائيل بهجوم واسع وعلني ضد إيران.
ووفقا لمحلل الشؤون الاستخباراتية في صحيفة “يديعوت أحرونوت”، رونين بيرغمان، فإن كابينيت الحرب الإسرائيلي كان يعتزم الرد على الهجوم الإيراني “خلال ساعتين” بهجوم “كبير جدا”. ورغم أن إسرائيل لم تشن هجوما كهذا إلا أن “هذا لا يعني أنها لن ترد. لكن في الوقت الذي لا تزال تتعالى فيه في الكابينيت (الموسع) أصوات مؤيدة لرد عسكري مباشر وعلني، من الواضح أنه كلما مر الوقت يجب أن يكون هذا الرد مقلصا أكثر، في حال شنّه أصلا”.
وأشار بيرغمان إلى أن إيران نجحت في أمرين: التسبب بأجواء هستيرية لدى الجمهور الإسرائيلي وحتى قبل أن تطلق رصاصة واحدة، والانتقام لاغتيال الجنرال في الحرس الثوري الإيراني، حسن مهداوي، في الغارة الإسرائيلية على دمشق، مطلع الشهر الحالي.
واعتبر هذا المحلل أن إيران فشلت في محاولة التسبب بأضرار ومحاولة تفكيك التحالف الدولي وتعميق الخلافات بين إسرائيل والولايات المتحدة.
من الجهة الأخرى، “إسرائيل فشلت في توقع نتائج الاغتيال في دمشق، وكذلك بعدم الإدراك والاستعداد بأن إيران تشكل تهديدا كبيرا على إسرائيل وليس في المجال النووي فقط، وإنما بمواجهة كتلك التي شهدنا بدايتها واحتمال الضرر الذي تلحقه في الليلة قبل الماضية”، وفقا لبيرغمان.
واعتبر أن “إسرائيل حققت نجاحات مثيرة للإعجاب: لقد نجحت شعبة الاستخبارات العسكرية بإحضار المعلومات الدقيقة التي سمحت للمستوى السياسي باتخاذ القرارات الصحيحة وللجيش بالاستعداد؛ وتمكنت منظومات الدفاع الجوي وطائرات سلاح الجو من توفير مظلة فعالة جدا؛ والنجاح الأهم هو ترجمة التحالف بين إسرائيل وجاراتها إلى منظومة مشتركة للدفاع الجوي الإقليمي”.
وشدد بيرغمان على أن “المنتصرين الكبار هم الأميركيون… وفي الأيام الأخيرة فقط، أدركوا في واشنطن خطورة الوضع، قوة النوايا الإيرانية، وانعدام الجهوزية الإسرائيلية لاحتواء هجوم إيراني من الأراضي الإيرانية على الأراضي الإسرائيلية”.
وأضاف أن “الأميركيين كانوا في مصيدة. من جهة لم يرغبوا بالتورط في حرب مع إيران، ومن الجهة الأخرى أدركوا أن الإيرانيين عازمين على الرد. وتخوفوا من أن عدم وقوف واضح إلى جانب إسرائيل سيفسر بشكل سيئ في دول أخرى أيضا. ولذلك بدأ الأميركيون بعملية متعددة الأطراف: من جهة، مارسوا ضغطا بالغا على إيران بشن عملية عسكرية بإمكان إسرائيل احتوائها، ومن الجهة الثانية استخدموا التعاون مع فرنسا، بريطانيا، الأردن ودول أخرى، ومن الجهة الثالثة مارسوا ضغطا كبيرا على إسرائيل كي لا ترد بشكل عشوائي”.
والنتيجة حسب بيرغمان هي أن “بإمكان إيران القول إنها حققت هدفها، وإسرائيل لم تتعرض لضرر كبيرة وبإمكانها التباهي بإنجازات سلاحها الجوي. والجميع راضون، وبالإمكان إغلاق هذه الجولة والتقدم إلى الأمام. لكن ثمة أهمية أن نتذكر أن هذه كانت جولة واحدة وحسب في حرب طويلة بين إسرائيل وإيران، وقد خرجت منذ مدة من الظلال وتدور في جميع أنحاء الشرق الأوسط”.
ولفت بيرغمان إلى أن “الرئيس بايدن أشبه بوعاء الزيت. ورئيس الحكومة الإسرائيلية (بنيامين نتنياهو) يهينه، يعارضه في العلن، يرفض تنفيذ طلباته. وهو، العم الطيب من أميركا، يواصل تقديم أي شيء من قوته وقدرته وحمايته. وحقيقة أن معظم المتفجرات الإيرانية التي أطلِقت باتجاه إسرائيل دُمِرت بنيران أميركية أو كتلك التي استخدمت بطلب من الولايات المتحدة، يجب أن تضع إسرائيل في تناسبية وتعليمنا درسا في الاعتراف بالجميل تجاه من بدونه سيكون وضعنا أسوأ بكثير فعلا”.
الهجوم الإيراني ألغى اجتياح رفح نهائيا
بدا رئيس الحكومة الإسرائيلية الأسبق، إيهود أولمرت، في مقال نشره في صحيفة “هآرتس”، كمن يمسك العصا من طرفيها. من جهة أشار إلى قوة إيران وتنوع أسلحتها وقدراتها وأنها دولة مركزية في المنطقة، ومن جهة أخرى كال مديحا مبالغا فيه على سلاح الجو الإسرائيلي كأنه هو وحده الذي اعترض مئات المسيرات والصواريخ الإيرانية. فقد اعترف الجيش الإسرائيلي بأن الغالبية العظمى من الصواريخ والمسيرات تم اعتراضها خارج حدود إسرائيل، وأكدت كل من الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن أنها اعترضت الكثير من هذه الأسلحة الإيرانية وهي في طريقها إلى إسرائيل.
وأشار أولمرت هو الآخر إلى أن ليلة الهجوم الإيراني “كانت ليلة الانتصار الكبير للرئيس جو بايدن”، الذي “بالتزامه دون مساومة بأمن إسرائيل وتجنيد إنجلترا وفرنسا وجهات أخرى هويتها سرية للمجهود العسكري، أحدث الفرق الكبير في نتائج هذه المواجهة”.
وقال الجيش الإسرائيلي إنه تم اعتراض 99% من الصواريخ والمسيرات الإيرانية. ورجح أولمرت أنه “بدون الأميركيين والبريطانيين، خاصة في مناطق بعيدة، لنجحت إسرائيل في اعتراض نحو 75% منها فقط. وهذا الفرق في نسبة نجاح الاعتراض هو الفرق بين ضربة محتملة مؤلمة جدا، كانت ستؤدي إلى تدمير عدة قواعد لسلاح الجو وعشرات القتلى والشعور بأننا مكشوفين ونفتقر للحماية، وبين النتيجة الفعلية للهجوم الإيراني”.
وأفادت القناة 12، اليوم، بأن إسرائيل اعترضت 60% من المسيرات والصواريخ و40% اعترضتها الدول الأخرى.
وأضاف أولمرت أن “على إسرائيل ألا تنجر إلى حرب تصريحات ثرثارة من النوع المعروف عندنا. فبدون بايدن كان سيبدو كل شيء مختلفا. ويجدر تذكر هذا قبل أن تبدأ بوتات (حسابات إلكترونية وهمية) رئيس الحكومة وعصابة الزعران المحيطة به (بن غفير وسموتريتش) بإطلاق تصريحات وتهديدات وتحذيرات ومطالب”.
وتابع أنه “واضح أنه عندما تقرر اغتيال مهداوي لم تؤخذ بالحسبان أن هذا من شأنه أن يكون مقرونا باتساع القتال وبضلوع إيراني مباشر وبتخوف من نشوب حرب شاملة بمشاركة دول عظمى، الأمر الذي كان سيزلزل الشرق الأوسط”.
واعتبر أولمرت أن “مهداوي كان هدفا جديرا بالاغتيال. لكي يدر ضبط النفس أحيانا. وثمة ضرورة أن يكون شخص ما من خارج الإطار العسكري المقلص ضالع في هذه الاعتبارات، وأن هذا الشخص لا يكون رئيس الحكومة الذي يبحث بأي طريقة عن توسيع الحرب وإطالتها وتأجيل نهايتها. والتباهي الإسرائيلي باغتيال مهداوي ساهم بالضرورة في الرد الإيراني”.
ورأى أولمرت أن الهجوم الإيراني “ألغى بشكل نهائي” اجتياح إسرائيل لرفح. “على نتنياهو أن يقرر إذا كان يريد حماية أميركية من إيران أم شرخا مكشوفا وعلنيا وخطيرا مع قيادة الولايات المتحدة وشركائها في إنجلترا وفرنسا وألمانيا بشأن غزة رفح”.
وحذر من أنه “في المواجهة المقبلة مع إيران، وقد تكون قريبة، سيضطر نتنياهو وبيني غانتس وغادي آيزنكوت إلى اتخاذ قرارات من دون أن تكون إلى جانبهم الدولة العظمى الأقوى في العالم. وكذلك من دون أن يجتمع المجلس الأميركي للأمن القومي لإجراء مداولات ماراثونية في واشنطن من أجل تنسيق الحماية الدولية على إسرائيل، التي تصر حكومتها على خوض حرب لم تعد هناك حاجة إليها ولا فائدة فيها”.
حرب عالمية ثالثة
شبّه الجنرال المتقاعد، يتسحاق بريك، في صحيفة “معاريف”، دولة إسرائيل الآن بسفينة تبحر داخل عاصفة شديدة وقد تغرقها إلى الأعماق. “ويمسك المقوض ثلاثة قباطنة، الذين انطفأت روحهم وتحركهم غريزة انتقام وإنقاذ كرامتهم بعد الضربة الشديدة التي أنزلوها على مواطني الدولة في السبت الأسود”، في 7 أكتوبر.
وأشار إلى أنهم “يتخذون قراراتهم من دون الأخذ بالحسبان مجمل النتائج الصعبة والعواقب، وبدون أدنى حسٍ بالمسؤولية. والقبطان الأول هو بنيامين نتنياهو تحركه اعتبارات صراع البقاء السياسي وليس اعتبارات أمن الدولة. والقبطان الثاني هو وزير الأمن، يوآف غالانت، الذي يعمل في واقع متخيل منذ بداية الحرب، وفقد بشكل مطلق عقلانية وإدراك الواقع الحقيقي الذي يعيش فيه”.
وأضاف بريك أن “القبطان الثالث هو رئيس أركان الجيش، هيرتسي هليفي، الذي يشد بالخيوط أولئك الذين يرأسوه كدمى وينفذ أي شيء وفق أهوائه. وانضم إليهم بيني غانتس، الذي بدلا من إحداث توازن بين الثلاثة، تحول إلى الساحر الذي يخدم سيده، رئيس الحكومة. والآن، يمسك الأربعة بمقوض السفينة، ويقودون مواطني إسرائيل إلى طريق بدون مخرج”.
وتابع أن “هؤلاء الأربعة أشبه بمصابين بعقدة إشعال الحرائق الذي قد يضرمون حريقا كبيرا في الشرق الأوسط، الذي قد ينتشر ويؤدي إلى حرب عالمية ثالثة. فبعد نصف عام من حرب استنزاف ضد حماس وحزب الله لم يحقق الجيش الإسرائيلي أهداف الحرب: ولم يدمر حماس ولم يحرر المخطوفين. ويواصل الجيش الإسرائيلي التوحل من دون رؤية أي أفق للحل. وفي هذا الوضع الخطير تقرر ثلة القباطنة فتح جبهة أخرى ضد إيران”.
وخلص بريك إلى أن “القباطنة الذين ضلوا طريقهم وعالمهم هم الذين يقودون الدولة إلى الهاوية. وقراراتهم ليست عقلانية وليست مدروسة. ويحركهم شعور الانتقام، ويريدون استعادة كرامتهم المفقودة. ولذلك هم يعملون بهذا الشكل لأنه لا يوجد شيء سيخسرونه، ومن شأنهم أن يقودوا إسرائيل إلى نهايتها”.
المصدر: عرب 48