اقتصاديون: الدعم الأوروبي يعزز السيولة الدولارية داخل القطاع المصرفي – تحقيقات وملفات
أكد خبراء اقتصاديون ومصرفيون أن المنحة المقدمة من الاتحاد الأوروبى إلى مصر، والتى تبلغ حوالى 8 مليارات دولار، من شأنها أن تسهم فى دعم السيولة الدولارية داخل القطاع المصرفى، بما ينعكس على استقرار وتراجع سعر صرف الدولار أمام الجنيه، وما يترتب على ذلك من القضاء على السوق السوداء للعملات الأجنبية، وبالتالى انخفاض أسعار السلع والخدمات بالأسواق المحلية.
«الدماطى»: الإجراءات الحكومية أعادت ضبط الأسواق
وقالت الدكتورة سهر الدماطى، الخبيرة الاقتصادية والمصرفية، إن المباحثات بين الرئيس عبدالفتاح السيسى ومبعوث الاتحاد الأوروبى لا تقتصر على المنحة فقط، بل تناولت المشاكل التى تعانى منها المنطقة، خاصة مشكلات النزوح والتهجير التى حدثت فى السودان وغزة، نتيجة الأحداث الجارية، والتى أدت إلى تكبد الاقتصاد المصرى خسائر كبيرة، نتيجة استضافة أكثر من 10 ملايين من المهجَّرين، وأضافت أنه سوف يتم بحث تعظيم الشراكة الاستراتيجية بين مصر والاتحاد الأوروبى، خاصةً فى مجال الصناعة والتجارة والتكنولوجيا، مما يترتب عليه تقليل الفاتورة الاستيرادية لمصر.
وأشارت «الدماطى» إلى أن مصر من أكبر الدول التى لديها تبادل تجارى مع أوروبا، وسوف يتم العمل على تقوية هذا التبادل، وتعظيم المصالح المشتركة بين الطرفين، كما أن مصر من أكبر الدول التى تقوم بتصدير النفط المسال إلى أوروبا، كل هذا يسهم فى دعم استقرار السوق المصرفية المصرية، نتيجة توافر العملة الصعبة.
وأعربت الخبيرة المصرفية عن توقعاتها بأن تشهد الفترة المقبلة تراجعاً كبيراً فى سعر الصرف لكافة العملات الأجنبية، وبالتالى سوف ينعكس ذلك على أسعار السلع، لأن جزءاً كبيراً من السلع التى تدعمها الدولة يتم استيراده من الخارج، وأضافت أن هناك تخوفاً حدث خلال الفترة الماضية لدى المضاربين ومُخزنى العملة، نتيجة الاتفاقات التى قامت بها الحكومة مع صندوق النقد والبنك الدولى ومع الاتحاد الأوروبى، بالإضافة إلى مشروع تطوير رأس الحكمة، التى أسهمت فى تعزيز السيولة الدولارية بالبنوك، مما ساعد فى القضاء على السوق الموازية للدولار.
وأشارت «الدماطى» إلى أن توفير السيولة الدولارية من شأنه أن يعمل على تخفيض حدة التضخم بشكل سريع، وبالتالى سوف ينعكس ذلك على تراجع الأسعار وضبط السوق لكى يشعر المواطنون بقيمة الإجراءات التى اتخذتها الدولة، خاصةً أن الارتفاعات المتتالية فى الأسعار، خلال الفترة الماضية، كانت بصورة مبالغ فيها وغير مبررة، إلا أن ما قامت به الدولة من إجراءات ساهم فى إعادة ضبط الأوضاع مرة أخرى.
«عادل»: توفير فرص عمل من خلال المشروعات الجديدة
من جانبه رحب وليد عادل، الخبير المصرفى، بالدعم الأوروبى لمصر، مشيراً إلى أن الاتحاد الأوروبى يعرف جيداً أهمية مصر فى محيطها العربى والأفريقى والدولى، وأنها قوة إقليمية تضمن استقرار المنطقة، لذلك يحرص الاتحاد الأوروبى على تعميق علاقاته مع مصر. وأضاف، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن الفترة الحالية تشهد تقديم حزمة مساعدات حجمها 7.4 مليار يورو لمصر من قبَل الاتحاد الأوروبى، أى حوالى 8.08 مليار دولار، مشيراً إلى أن هذا الدعم يساعد الاقتصاد المصرى فى الخروج من الأزمة الحالية، والتى تسببت فيها الصرعات العالمية والأزمات المختلفة، منها أزمة كورنا، والحرب الروسية الأوكرانية، والصراع فى غزة والسودان، مؤكداً أن هذه المنحة ستؤدى إلى تراجع سعر الدولار، ومن المتوقع أن ينعكس ذلك على تراجع أسعار السلع بشكل عام.
وأشار «عادل» إلى أن مبادرات مبادلة الديون، التى تُعفى مصر من سداد بعض ديونها للاتحاد الأوروبى مقابل استخدام تلك الأموال فى تنفيذ مشروعات تنموية، تزيد من قوة الاحتياطى النقدى لدى البنك المركزى المصرى، بما يضمن وجود سيولة دولارية تغطى احتياجات مصر من العملة، لاستيراد احتياجاتها من السلع الأساسية، واستكمال المشروعات القومية، وأكد أن المنحة تسهم أيضاً فى توفير فرص عمل جديدة، من خلال دعم المشروعات المختلفة، واستقرار العمالة المصرية داخل البلاد، وعدم اللجوء إلى الهجرة غير الشرعية، التى تعانى منها كثير من الدول الأوروبية، وأوضح أن مصر وقَّعت بالفعل اتفاقية مع الاتحاد الأوروبى، لتعزيز إدارة الحدود، ومكافحة الهجرة غير الشرعية.
«شعيب»: الاتحاد الأوروبي يعتبر مصر بوابة التجارة مع أفريقيا
وقال بلال شعيب، الخبير الاقتصادى، إن حزمة المساعدات التى من المقرر أن يقدمها الاتحاد الأوروبى للدولة المصرية، لها مجموعة من الأسباب، وكلها فى النهاية مرتبطة ببعضها، ومن أبرز أسباب هذه المساعدات الاضطرابات التى تحدث فى الوقت الحالى بمنطقة الشرق الأوسط، وأبرزها الحرب الدائرة فى قطاع غزة. وأضاف، فى تصريحات لـ«الوطن»، أن نظرة الاتحاد الأوروبى لمصر فى الوقت الحالى تغيرت بشكل كبير، فمن الناحية السياسية، يحرص الاتحاد الأوروبى على الشراكة مع مصر باعتبارها دولة محورية فى الشرق الأوسط، ومن الناحية الاقتصادية يعتبر مصر بوابة التجارة مع أفريقيا، بالإضافة إلى دورها فى منع الهجرة غير الشرعية، التى تؤرق الجانب الأوروبى فى الوقت الراهن.
وأضاف أن هناك أبعاداً اقتصادية أخرى للعلاقة بين مصر والاتحاد الأوروبى، تتعلق بتصدير الغاز المسال، وهو ما ظهرت أهميته خلال عام 2022، عقب استخدام روسيا الغاز الطبيعى كعنصر ضغط على أوروبا، التى كانت تعتمد بشكل كبير على إمدادات الغاز الروسى، وقامت مصر بدور محورى فى توفير احتياجات القارة الأوروبية من الغاز، من خلال تصدير حوالى 8 ملايين شاحنة، بقيمة تبلغ حوالى 8.5 مليار دولار، إلى الاتحاد الأوروبى، كما يدعم اتفاق المنحة بين مصر والاتحاد الأوروبى المشروعات المتبادلة بين الجانبين، وهو ما يحقق فائدة للجانبين، من خلال زيادة الإنتاج والتصدير، وتحقيق فائض نقدى من العملات الصعبة.
«عزيز»: تخصيص تمويل جزئى للطاقة المتجددة
من جانبه، قال الدكتور ماهر عزيز، عضو مجلس الطاقة العالمى، إن مصر لديها استراتيجية للطاقة المتجددة، تتضمن توسعات فى إنشاء محطات الطاقة المتجددة، وفى معدلات استهلاكها واستخدامها، بنسبة تصل إلى 42% من المزيج الكلى للطاقة الكهربية بحلول عام 2035، وهو ما يحتاج إلى تمويلات ضخمة، وبالتالى فإن جزءاً كبيراً من تمويل الاتحاد الأوروبى سيتم توجيهه إلى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة فى مصر، مثل مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح.
المصدر: اخبار الوطن