“البحث عن فلسطين” يطغى على مهرجان القاهرة السينمائيّ
يحكي فيلم رشيد مشهراوي قصّة صبيّ في الثانية عشرة يدعى سامي يقيم في مخيّم للّاجئين في الضفّة الغربيّة، وينطلق برفقة عمّه وابن عمّه للبحث عن حمامته الزاجلة الّتي طارت وفقد أثرها…
المخرج الفلسطينيّ رشيد مشهراوي (Getty)
تشكّل قصّة رحلة برّيّة فلسطينيّة نموذجيّة عبر مخيّمات اللاجئين ونقاط التفتيش الإسرائيليّة محور فيلم المخرج رشيد مشهراوي “أحلام عابرة” الّذي افتتح بعرضه العالميّ الأوّل مهرجان القاهرة السينمائيّ الدوليّ هذه السنة.
وأوضح المخرج بعد العرض أنّ “أحلام عابرة” يدور “حول البحث عن الوطن، عن فلسطين، عن أنفسنا”.
وأعطى الفيلم إشارة الانطلاق للدورة الجديدة من أقدم مهرجان سينمائيّ في الشرق الأوسط. وتخلّل الافتتاح عرض رقص فولكلوريّ قدّمته فرقة من قطاع غزّة الّذي تمزّقه حرب الإبادة الجماعيّة الّتي تشنّها إسرائيل.
ويحكي فيلم رشيد مشهراوي قصّة صبيّ في الثانية عشرة يدعى سامي يقيم في مخيّم للّاجئين في الضفّة الغربيّة، وينطلق برفقة عمّه وابن عمّه للبحث عن حمامته الزاجلة الّتي طارت وفقد أثرها.
وبعد أن قيل له إنّ الحمّام يعود دائمًا إلى المكان الّذي ولد فيه، تحاول الأسرة تتبع الطير إلى موطنه الأصليّ في شاحنة نقل صغيرة حمراء من مخيّم قلنديًّا وبيت لحم للّاجئين، في الضفّة الغربيّة، إلى القدس القديمة، ثمّ إلى مدينة حيفا.
وتتحوّل رحلتهم إلى نوع من “النكبة”، ولكن في الاتّجاه المعاكس، إذ غادرت العائلة مسقط رأسها حيفا أثناء النزوح القسريّ للفلسطينيّين عام 1948، عند تأسيس دولة إسرائيل.
وأوضح المخرج للجمهور الخميس أنّ “المرور بأماكن لها معنى عميق للتاريخ الفلسطينيّ ليس من قبيل المصادفة”.
ومن خلال هذا المشروع، أراد رشيد مشهراوي، وهو صاحب أوّل تجربة فلسطينيّة سينمائيّة تعرض بشكل رسميّ في مهرجان كان السينمائيّ في عام 1996 من خلال فيلمه “حيفا”، أن يكون بمثابة “جسر بين الجمهور العالميّ” والمخرجين الفلسطينيّين على الأرض.
وفي نيسان/أبريل، قال إنّ هذه المختارات تهدف إلى دحض ما وصفه بـ”أكذوبة الدفاع عن النفس” الّتي قال إنّ إسرائيل استخدمتها لقصف غزّة.
وأدّت حرب الإبادة الجماعيّة الإسرائيليّة الّتي شنّتها إسرائيل على غزّة إلى استشهاد 43736 شخصًا.
وقال مشهراوي “علينا كمخرجين أن نوثق ذلك من خلال لغة السينما”. ودعا المخرج البالغ 62 عامًا إلى اتّباع نهج بديل للسينما الفلسطينيّة.
وقال “السينما لدينا لا يمكن أن تكون دائمًا مجرّد ردّ فعل على التصرّفات الإسرائيليّة، بل يجب أن تكون فعلًا في حدّ ذاته”.
وأقرّ المخرج العصاميّ الّذي ولد في مخيّم للّاجئين في غزّة قبل أن يستقرّ في رام اللّه، أنّ ثمّة “عقبات تحول دون صنع الأفلام في ظلّ الاحتلال”، منها “الجدران العازلة والحواجز والقيود”.
وذكر المخرج بأنّ المرء “لا يعرف إطلاقًا ما إذا كانت السلطات الإسرائيليّة ستسمح له بالذهاب إلى حيث يريد”، على غرار العائلة الّتي تلحق بالحمامة الزاجلة في “أحلام عابرة”، لافتًا إلى أنّه يرفض “من حيث المبدأ” طلب الإذن من السلطات الإسرائيليّة.
ويلجأ فريقه تاليًا في كثير من الأحيان إلى الحيل، ومنها مثلًا “تهريب” ممثّلين من الضفّة الغربيّة غير مسموح لهم بالذهاب إلى القدس.
واعتبر مشهراوي الخميس، وسط تصفيق المشاهدين الّذين وضع الكثير منهم الكوفيّة الفلسطينيّة أنّ “طلب الإذن (من السلطات الإسرائيليّة) بالتصوير في القدس يعطيهم الشرعيّة لاعتبار القدس ملكًا لهم”.
وتحتلّ السينما الفلسطينيّة هذه السنة حيّزًا كبيرًا في مهرجان القاهرة، إذ يعرض خلاله عدد من الأفلام، وتقام مسابقة لمكافأة الأفضل بين مخرجي فيلم “من المسافة صفر” الاثنين والعشرين.
وقال رئيس المهرجان حسين فهمي “من مكاني هنا أعرب عن تضامني مع أشقّائنا في فلسطين وغزّة، ولن ننسى إخوتنا في لبنان (…) الّذي يعاني منذ سنوات وهو في اختبار صعب، ونتضامن مع شعبه”.
المصدر: عرب 48