الجيش الإسرائيلي يستعجل العملية البرية… تردد نتنياهو “عدم ثقة”
الجيش الإسرائيلي يرصد ترددا لدى نتنياهو بشأن العملية البرية ضد غزة، في ظل تأخر الأوامر رغم إتمام الاستعدادات في الجيش لاجتياح القطاع المحاصر. في الجيش يترجمون هذا التردد على أنه “عدم ثقة في الجيش وقدرته على تحقيق أهداف الحرب”.
تواصل المؤسسة العسكرية الإسرائيلية الضغط للإسراع بإصدار أوامر باجتياح قطاع غزة المحاصر، ويرى كبار القيادات في الجيش الإسرائيلي أنه “لا مناص” من الدخول إلى غزة، لـ”تحقيق أهداف الحرب” التي حددتها القيادة السياسي “حتى لو كان الثمن سقوط العديد من القتلى في صفوف جنود الجيش الإسرائيلي”.
وفيما “يشعر” الجيش الإسرائيلي بـ”تردد” رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، تنظر القيادات العسكرية للحرب الحالية التي تشنها إسرائيل على غزة، على أنها حرب على وجود دولة إسرائيل، وأن وضع إسرائيل حاليا أقرب إلى عام 1948 منه إلى عام 1973 في سياق نتيجة الحرب، ويعتبرون أن في نهاية الحرب ستكون هناك إما دولة إسرائيل أو حركة حماس.
جاء ذلك في إحاطات قدمها مسؤولون في الجيش لوسائل إعلام إسرائيلية، في ظل التقارير عن “أزمة ثقة” نشأت بين رئيس الحكومة الإسرائيلية، بنيامين نتنياهو، وبين الجيش على خلفية “تأخير” الاجتياح البري لقطاع غزة رغم إصرار الجيش على أنه بات مستعدا لهذه العملية، وينتظر أوامر المستوى السياسي.
وفي ظل هذه التقارير عن “أزمة الثقة”، أصدر نتنياهو بيانا مشتركا مع وزير الأمن، يوآف غالانت، ورئيس أركان الجيش الإسرائيلي، هرتسي هليفي، أكد خلاله على “تعاونهم الوثيق والكامل، على مدار الساعة، لقيادة دولة إسرائيل نحو النصر الكامل على حماس”، وأشار البيان إلى “ثقة كاملة ومتبادلة ووحدة واضحة للهدف” بين نتنياهو وهليفي وغالانت.
وشدد مسؤولون في الجيش الإسرائيلي على أن المؤسسة العسكرية الإسرائيلية تترقب صدور أوامر من نتنياهو والقيادة السياسية للانتقال إلى المرحلة التالية للحرب على غزة، في مسعى لتحقيق الهدف الإسرائيلي المعلن للحرب والذي يتمثل بـ”تدمير القدرات العسكرية والحكومية لحماس وخلق واقع أمني جديد في القطاع”.
ويعتبر الجيش الإسرائيلي، بحسب ما نقلت صحيفة “هآرتس” عن مسؤولين في هيئة الأركان العامة، أن “الدخول البري سيشكل ضغوطا على حماس وسيدفعها للتوصل إلى اتفاق للإفراج عن رهائن في محاولة لوقف الحرب”، وذلك في تعليق على التقارير بأن “تأخير” العملية البرية يأتي في إطار محاولة استنفاد الجهود الدبلوماسية للإفراج عن رهائن في غزة.
وطرح الجيش الإسرائيلي موقفه المهني على المستوى السياسية خلال المداولات الأمنية التي عقدت في الأيام الماضية، وشدد على ضرورة اجتياح القطاع لتحقيق أهداف الحرب، غير أن المسؤولين في الجيش يشعرون بـ”تردد” القيادة السياسية بشأن استمرار الحرب، بحسب ما نقلت “هآرتس” عن مصادر عسكرية.
وينظر المسؤولون في الجيش إلى تردد نتنياهو على أنه “عدم ثقة في الجيش وقدرته على تحقيق الأهداف” التي حددتها الحكومة التي توعدت بـ”القضاء” و”تدمير” حركة حماس. فيما يعتبر الجيش الإسرائيلي أن “إسرائيل تحارب على وجودها وقدرتها على إعادة الحياة إلى غلاف غزة والدولة عموما”.
وقال مسؤول عسكري رفيع خلال إحدى المداولات التي عقدها رئيس الحكومة، إن إسرائيل في وضع أكثر صعوبة مما كانت عليه في حرب تشرين الأول/ أكتوبر 1973 “وأشبه بكثير بالوضع الذي كان عليه في بداية حرب الاستقلال (في إشارة إلى نكبة الشعب الفلسطيني عام 1948)”.
وجاءت هذه الإحاطة بالتزامن مع التصريحات التي صدرت عن رئيس حزب شاس، أرييه درعي، خلال اجتماع كتلة حزبه في الكنيست، وقال إنه لا يوجد خلافات بين المستويين السياسي والعسكري بكل ما يتعلق بالحرب على غزة. وأضاف أنه لم تكن هناك خطة جاهزة للقضاء على حماس، وأنه “يتم إعداد الخطة خلال المعركة. وهذا لا يتم بين لحظة وأخرى”.
وأضاف درعي، الذي يشارك في اجتماعات “كابينيت الحرب” رغم أنه ليس وزيرا، أن “الأمور ليست أن الجيش مستعد وينبغي أن يتخذ المستوى السياسي قرارات”. وتأتي أقوال درعي مناقضة لأقوال المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي، دانيال هغاري، الذي قال أمس إن الجيش جاهز لشن اجتياح بري في قطاع غزة وأنه بانتظار قرار المستوى السياسي.
وتابع درعي أنه “أسمع عن وجود توترات بين المستوى السياسي والجيش أو بين رئيس الحكومة ووزير الأمن، ولا أساس من الصحة لذلك. يوجد كابينيت الحرب مع أشخاص لديهم خبرة بالغة. والمداولات موضوعية جدا. ينصتون ويتوصلون إلى قرارات بعد الاستماع لضباط الجيش وجميع الجهات. لا توجد توترات ولا انعدام ثقة”.
وفي هذه الأثناء، يقود مقربون من نتنياهو، حملة على شبكات التواصل الاجتماعي، تدعو إلى تأخير اجتياح بري لقطاع غزة ومواصلة القصف الجوي المكثف والشديد، الذي ينفذه الطيران الحربي الإسرائيلي في القطاع، منذ 16 يوما، والذي أسفر حتى الآن عن ارتقاء أكثر من خمسة آلاف شهيد، غالبيتهم العظمى من المدنيين الأطفال والنساء.
ولم تحدد سلطات الاحتلال تصوّرها لمستقبل القطاع في حال حققت هدفها المعلن بـ”القضاء على القدرات السلطوية والعسكرية لحركة حماس”. وردا على سؤال بهذا الشأن، قال المتحدث باسم الحكومة الإسرائيلية “نحن نبحث الخيارات مع شركائنا. الأمر الوحيد الواضح هو أن قطاع غزة لن يكون تحت سيطرة حماس بعد هذه الحرب”.
ولم تتطرق إسرائيل إلى إمكان إعادة احتلال غزة عسكريا، أو أي احتمال لأن تتولى بنفسها إدارة شؤون القطاع. وأوضح مصدر في وزارة الخارجية الإسرائيلية أن إسرائيل ترغب في “تسليم مفاتيح” قطاع غزة إلى طرف ثالث قد يكون مصر، من دون أي ضمان أن تقبل القاهرة هذا المخرج المطروح إسرائيليا منذ عقود.
المصدر: عرب 48