الحرب تعمق الفقر وتفاقم أوضاع العائلة العربية
قال الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى الاقتصادي العربي، عمر فندي، عن الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل، إن “ما يحدث في الاقتصاد خطير جدا، نتحدث عن غلاء أسعار في الأشهر الأخيرة بمعدل 30% على المنتجات الأساسية”.
الفقر والجوع في غزة (Getty Images)
تواجه الأُسر العربية في البلاد صعوبات اقتصادية وخصوصا تلك التي فقدت مصدر رزقها بسبب الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وتصعيد العدوان المتواصل على لبنان لليوم السابع على التوالي.
ويواصل الاقتصاد الإسرائيلي أداءه السلبي منذ بداية الحرب على غزة، بعد أحداث يوم 7 تشرين الأول/ أكتوبر 2023، وتتعمق الأزمة الاقتصادية في ظل موجة غلاء غير مسبوقة حيث ارتفعت أسعار المنتجات الأساسية في غضون الشهور الماضية بنسبة 30%، فيما يواصل العجز المالي الحكومي تخطي التوقعات، وكذلك التضخم المالي الذي بلغ 3.6% سنويا، ويتعمق الفقر وانعدام الأمن الغذائي في المجتمع الإسرائيلي، حيث تظهر المعطيات أن 30% من العائلات في إسرائيل فقدت الأمن الغذائي في الربع الأخير من العام الماضي.
ويستدل من معطيات مؤسسة “التأمين الوطني” أن 38.8% من العائلات العربية ما دون خط الفقر، فيما تبلغ نسبة العائلات العربية من العائلات في إسرائيل 18% فقط، علاوة على أن الفقر لدى العائلات العربية أعمق منه لدى الفئات الأخرى في المجتمع الإسرائيلي، علما أن نحو مليوني إنسان في إسرائيل يعيشون دون خط الفقر، بينهم 873 ألف طفل، وهو ما يجعل إسرائيل في المراتب الدنيا في مستويات الفقر بين الدول النامية إذ تحتل منذ سنوات المراتب قبل الأخيرة في مستويات الفقر حسب نسبة دخل الفرد بين الدول النامية.
وقال الخبير الاقتصادي ورئيس المنتدى الاقتصادي العربي، عمر فندي، عن الأوضاع الاقتصادية في إسرائيل، إن “ما يحدث في الاقتصاد خطير جدا، نتحدث عن غلاء أسعار في الأشهر الأخيرة بمعدل 30% على المنتجات الأساسية، وهذا يعود لعدة أسباب، منها ارتفاع أسعار الشحن والنقل، وغياب الرقيب سواء من وزارة الاقتصاد أو المالية، فالشركات ترفع الأسعار ومعها ترتفع الأرباح بذات النسب، فمنذ نيسان/ أبريل 2024 ولغاية اليوم هناك رفع أسعار بمعدل 25-30%، وفيما يتعلق بارتفاع أسعار الخضار والفواكه يعود ارتفاع الأسعار إلى غياب العمالة سواء الأجنبية أو الفلسطينية، ونحن نشهد تعطيل سوق الشمال والجنوب، وهو ما يحول الاقتصاد الإسرائيلي إلى الاعتماد على الاستيراد، لذا يكون التأثير كبيرا على ميزانية العائلة، فالمصروفات ارتفعت بنسبة 30% بينما المدخولات بقيت على حالها، لا بل إن الفوائد التي تدفعها ميزانية العائلة أصبحت أعلى بمعدل يزيد عن ألف شيكل للعائلة الواحدة.
“عرب 48”: عندما يتم الحديث عن تضخم مالي سنوي بنسبة 3.6% ماذا يعني ذلك للعائلة؟
فندي: هناك تأثير مباشر على النفقات للعائلة، مثلا أنا أشتري سلة غذائية من نفس المكان وكانت تكلفة السلة 100 شيكل فستكلفني السلة عمليا 100 شيكل + قيمة التضخم المالي 3.6%، بمعنى سأضطر أن أدفع على المنتجات نسبة التضخم، أي إنها أصبحت تكلفني أكثر مما كانت عليه في السابق، وهذه هي ترجمة التضخم المالي على النفقات.
“عرب 48”: ما هو حال المجتمع العربي في ظل هذه الظروف؟
فندي: المجتمع العربي يعتمد على الدخل من العمالة في مجالات عديدة متوقفة، منها مجال البناء وهو مجال شبه متوقف، ومجال السياحة وأيضا متوقف وكذلك تراجع قطاع الزراعة. لدينا عام كامل مع أضرار دخل كبيرة في المجتمع العربي، واليوم نحن نواجه الحرب في لبنان وهذا يفاقم الأزمة أكثر، والمؤسف أن المنح الحكومية لم تساعد المجتمع العربي بتاتا، وحتى أولئك الذين تمكنوا من الحصول على المنح الحكومية نهاية العام الماضي سيضطرون لإعادتها بسبب تغيير الحكومة للمعايير والشروط الحكومية، عدا عن أن المجتمع العربي غير منظم اقتصاديا على الرغم من أن هذا الامتحان ليس الأول للمجتمع العربي وعايشناه أيضا خلال جائحة كورونا، بمعنى أن الأوراق الرسمية سواء قسائم الراتب أو سجلات الدخل ليست منظمة كما يجب، وهي ظاهرة معروفة، وهذا يمس بنا عند الأزمات.
“عرب 48”: إلى أين يتجه الاقتصادي الإسرائيلي خاصة مع تفاقم الحرب في الشمال؟
فندي: إسرائيل في أزمة اقتصادية كبيرة جدا، وهي مقبلة على رفع ضرائب بنسب عالية جدا، وهذا يعني ارتفاع نسب الفقر وتفاقم الفقر بنسب غير مسبوقة، وفجوة كبيرة بين الفقراء والأغنياء. للاطلاع على مدى الأزمة يمكن الاستدلال من خلال ما قامت به الحكومة من فتح ميزانية العام 2024 للمرة الثالثة على التوالي، وهذه حالة لم يحدث مثلها من قبل في تاريخ إسرائيل، وهذا يدل على مستوى القيادة الاقتصادية في إسرائيل، وما يعرض حاليا لميزانية 2025 وتعتمد بالأساس على معطيات 2024 التي فتحت ثلاث مرات، هذا إضافة إلى رفع الضرائب الذي سيتحمله الفقراء بالأساس نسبيا ورفع ضريبة القيمة المضافة المرتفعة أصلا.
“عرب 48”: ما هي نصيحتك لأبناء المجتمع العربي؟
فندي: أنصح أبناء مجتمعي بالتعامل مع هذه الظروف على أنها ظروف خاصة، تماما كما أعلنت عنها الدولة، وهذا يعني تقليص مصاريف وترشيد الاستهلاك، والتعامل مع المصاريف بصورة محوسبة، والتحكم بالعجز المالي للأسرة، وعدم اللجوء إلى إطار الاعتماد والقروض البنكية. تذكروا أن الإنسان الطبيعي العادي لا يجب أن يكون لديه إطار اعتماد، فهذا الإطار هو مصيدة إسرائيلية مع أكبر نسب فوائد. على العائلة العربية أن تعتاد على حياة بدون إطار اعتماد لأنها أغلى نوع فائدة بنكية، علاوة على أنها دائمة، وسداد العجز من خلال تقليص المصاريف أو حتى تبديل إطار الاعتماد بقرض رخيص وإنهاء حالة الدين الدائم في إطار الاعتماد ما يسمى “المينوس” وطبعا التوصية الأكبر عدم اللجوء مطلقا للقروض في السوق السوداء.
المصدر: عرب 48