الحرب على غزة تهدد سوق العمل والعمال في إسرائيل
ذيابات: تم إنهاء عمل بعض الموظفين والعمال واضطرارهم للخروج إلى إجازات عمل غير مدفوعة. كما أن ضعف قيمة الشيكل، وتمويل الحرب، والاستثمارات الأجنبية التي تراجعت انعكست جميعها سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي.
آثار القصف الإسرائيلي لمنزل في قطاع غزة (Getty Images)
يستدل من معطيات وإحصاءات دائرة التوظيف الإسرائيلية بأن عدد الأشخاص المسجلين عاطلين عن العمل خلال تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ارتفع بشكل كبير، في ظل تصاعد الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة بعد شن حركة حماس عملية “طوفان الأقصى” يوم 7 تشرين الأول.
ووفقا لصحيفة (غلوبس) المختصة في الشأن الاقتصادي الإسرائيلي، فإن التقرير الشهري الصادر عن دائرة التوظيف يشير إلى أن عدد الإسرائيليين الذين تقدموا بطلب لتسجيلهم عاطلين عن العمل في الشهر الماضي بلغ نحو 70 ألفا.
ويمثل هذا الرقم زيادة بنسبة 460% مقارنة بشهر أيلول/ سبتمبر الماضي، إذ كان عدد الطلبات التي أحصتها دائرة التوظيف 12.5 ألف طلب.
ومن بين العاطلين عن العمل المسجلين في تشرين الأول 42.4 ألف عامل في إجازة غير مدفوعة الأجر وغير محددة المدة، يمثلون نسبة 60.3% من المسجلين الجدد.
وتحصي دائرة التوظيف، شهريا، عدد الأشخاص الباحثين عن عمل، وتحلل هذه الأرقام لفهم قوة السوق وقدرتها على توفير فرص عمل.
“عرب 48” التقى الاختصاصي في مجال التخطيط وتشغيل المشاريع الاجتماعية غير الربحية، سعيد ذيابات من طرعان، والذي يشغل كذلك دور مدير جمعية “أفيروس” للتطوير المجتمعي وتحسين الحياة الاجتماعية في الحيز القروي، وتطوير نشاطات للشبيبة وأفراد المجتمع العربي.
وتحدث ذيابات عن “صدمة سوق العمل في إسرائيل” جراء التغيرات الكبيرة والمفاجئة في ديناميكيات العرض والطلب في السوق، والتي أدت الى اضطرابات واسعة في الاقتصاد الإسرائيلي.
“عرب 48”: الحرب على غزة تسببت بصدمة أدت لتجميد قطاعات في سوق العمل في البلاد…؟
ذيابات: لمعرفة تأثير الحرب على سوق العمل أولا ستحتاج المؤسسات الثلاث الرئيسة لاستصدار معطيات حول سوق العمل: سلطة الإحصاء المركزية، ومكتب العمل، ومؤسسة التأمين الوطني وقتا طويلا، حتى تتمكن من رصد المعطيات وتحليل البيانات، ولكن الحقيقة الجلية الواضحة بأن تأثيرا قويا للحرب على غزة على قطاعات العمل المختلفة، والتي ستطغى آثارها على المدى البعيد على سوق العمل في البلاد، فالدولة تخوض أزمة حرب تختلف عن الأزمات السابقة كأزمة كورونا.
“عرب 48”: كيف أثّر تعطل قطاعات عمل على المرأة العربية العاملة؟
ذيابات: أظهرت المعطيات بأن نسبة النساء العربيات المندمجات في سوق العمل، خلال السنوات العشر الأخيرة وقبل الحرب على غزة، وصلت إلى 42%، وهي نسبة ضئيلة مقارنة مع نسبة النساء العاملات اليهوديات غير المتدينات التي وصلت إلى 78%. بهذا فإنه مع اندلاع الحرب تضررت المرأة العربية العاملة وخاصة التي تعمل في مراكز خدمات قائمة في البلدات اليهودية. مقارنة مع نسبة اندماج شريحة العاملين والموظفين العرب في سوق العمل خلال السنوات العشر وقبل فترة الحرب فقد وصلت إلى 79%، إلا أن جودة الوظائف والمهن التي يعمل بها العربيات غير كافية، وهذا له تأثير كبير خلال الأزمات.
“عرب 48”: كيف تؤثر أزمة الحرب على سوق العمل مقارنة مع الأزمات السابقة في البلاد؟
ذيابات: قد تحتاج قطاعات عديدة لاستقطاب أصحاب مهن وموظفين عرب مثل قطاع الهايتيك الذي قد يعوض وجود الموظف العربي فيه عن غياب أعداد من الموظفين اليهود الذين استُدعوا للحرب، إذ يشارك أكثر من 300 ألف مجند ومجندة يهودية في الحرب الدائرة على غزة، ومع وجود نسبة بطالة سابقة في البلاد فإن ذلك قد مس بالإنتاج في سوق العمل، كذلك فإن الحالة الأمنية غير المستقرة تسببت بتقليص الاستهلاك الفردي الذي أدى لتدهور كبير في المصالح التجارية، بالتالي تم إنهاء عمل بعض الموظفين والعمال الذين يعملون في هذه المصالح واضطرارهم للخروج إلى إجازات عمل غير مدفوعة. كما أن ضعف قيمة الشيكل، وتمويل الحرب، والاستثمارات الأجنبية التي تراجعت انعكست جميعها سلبا على الاقتصاد الإسرائيلي.
“عرب 48”: ما هي العوامل الخارجية التي أثّرت على سوق العمل في البلاد في ظل الحرب على غزة؟
ذيابات: توقف وسائل الملاحة البحرية والجوية بين إسرائيل وباقي الدول كان له عظيم الأثر على سوق الاستيراد والتصدير، إذ توقفت الكثير من المصانع عن العمل بسبب عدم القدرة على التصدير في ظل توقف وسائل النقل بين إسرائيل والدول الأخرى، على سبيل المثال تُعتبر تركيا مركزا تجاريا بارزا لأصحاب المصالح التجارية في البلاد، الذين يعتمدون على المنتجات التركية، ولكن بسبب الحرب وانقطاع وسائل التنقل تعطلت هذه المصالح. وعليه فإنه يترتب على أصحاب المصالح التفكير ببديل عن تركيا في حال استمرت الحرب لتوفير منتجات لاستمرارية عمل المصالح التجارية. والسبب الذي لا يقل أهمية عن سابقه يتمثل في تعطل مجال السياحة على الرغم من أن الأجور في هذا القطاع منخفضة مقارنة مع المعدل العام للأجور الذي هو 11 ألفا و900 شيكل شهريا، إلا أنه يبقى في حدود 6 آلاف و500 شيكل فقط في الوظائف غير الإدارية. لهذا أوصي العاملين في مجال السياحة عدم الانتظار حتى انتهاء الحرب والعمل على بناء خطة تسهل الرجوع للعمل، ذلك أن عودة القطاع السياحي لن تشهد عودة فورية عقب انتهاء أزمة الحرب مباشرة.
“عرب 48”: كيف تقيّم وضع المصالح التجارية في منطقة النقب والقدس؟
ذيابات: تأثرت العديد من المصالح التجارية العربية في البلاد عامة والنقب خاصة بظروف الحرب، لهذا يتوجب علينا توفير الدعم وإرساء التكافل الاجتماعي والاقتصادي من خلال الجمعيات الخيرية. كذلك تضررت المصالح التجارية العربية في القدس بشكل مباشر لسببين، أولهما الحرب، وثانيهما الملاحقات السياسية التي طالت أهالي القدس، لهذا يجب أن تكون هناك دعوة لتنظيم مبادرات اقتصادية، لدعم المجتمع العربي والوضع الاقتصادي والاجتماعي في البلاد.
“عرب 48”: هل الاستجابة لعروض القروض من مؤسسات مالية رسمية تعد حلا في ظل تعطل قطاعات في سوق العمل؟
ذيابات: تكثر خلال الأزمات العروض للحصول على قروض مالية، ولا أنصح بالحصول على قروض في ظل الأزمات فهي ستكون مرتفعة الفوائد وتسبب أزمة مالية على المدى البعيد. الأفضل بدلا من الحصول على قروض مالية اللجوء للتخفيف من المصروفات غير الضرورية مثل تنفيذ ترميمات غير ضرورية في المنازل، واستبدال مستلزمات قديمة بمستلزمات حديثة، وتجديد أو شراء سيارة.
“عرب 48”: ما هي التوصيات لأًصحاب المصالح والموظفين العرب في ظل أزمة سوق العمل؟
ذيابات: المحور الأول المتعلق بالمشغلين العرب وأصحاب المصالح: يجب بناء خطة عمل لعدم الانتظار حتى انتهاء أزمة الحرب، بل البدء بالتخطيط لخطة النهوض بمصالحهم من جديد بدءا من الآن، والعمل من خلال اختصاصيين على إمكانية التخطيط المستقبلي للنهوض بالمصلحة التجارية حتى تعافيها من جديد. المحور الثاني المتعلق بالموظفين والعمال: عليهم القيام بتنمية قدراتهم ومهارتهم، والبحث عن إمكانيات تأهيل جديدة تساهم في استقلاليتهم للعمل بشكل مستقل بعيدا عن تأثيرات الأزمة، ومحاولة تطوير المهارات والإنتاج عن بعد.
المصدر: عرب 48