السعودية تكرر دعوتها لإقامة دولة فلسطينية خلال قمة عالمية في الرياض: “فشل كامل للنظام الدوليّ”
قال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال إحدى جلسات المنتدى “الوضع في غزة يمثل بوضوح كارثة بكل المقاييس … إنسانية، ولكنه أيضا فشل كامل للنظام السياسي (الدولي) القائم في التعامل مع تلك الأزمة”.
نساء في غزة يبكين شهداءهنّ (Getty Images)
شدّدت السعودية، الأحد، على أنّ المجتمع الدوليّ خذل سكان قطاع غزة، مكرّرة دعوتها لإقامة دولة فلسطينية خلال قمة اقتصادية عالمية يحضرها عدد من الوسطاء، في ظلّ الحرب المستمرة على غزة منذ قرابة سبعة أشهر.
ويحضر وزير الخارجية الأميركي، أنتوني بلينكن وقادة فلسطينيون ومسؤولون رفيعو المستوى من دول أخرى اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي، وكثر منهم منخرطون في جهود التوسط لوقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس خلال القمة المنعقدة في الرياض، عاصمة أكبر بلد مصدّر للنفط الخام في العالم.
وتلقي الحرب المستمرة منذ قرابة 7 أشهر بظلالها على الشرق الأوسط، مع تواصل المخاوف من اندلاع مواجهة إقليمية أوسع نطاقا.
وقال وزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان، خلال إحدى جلسات المنتدى “الوضع في غزة يمثل بوضوح كارثة بكل المقاييس … إنسانية، ولكنه أيضا فشل كامل للنظام السياسي (الدولي) القائم في التعامل مع تلك الأزمة”.
وتابع الوزير السعودي: “نحن في المنطقة لن نركز فقط على حل الأزمة الراهنة. سننظر في كيفية حل المشكلة الأكبر”.
وقال بن فرحان: “وفي سياق غزة، يعد هذا التزامًا حقيقيًا بحل الدولتين، وهو طريق ذو مصداقية ولا رجعة فيه إلى دولة فلسطينية، وهذا هو الحل الوحيد المعقول والموثوق الذي يضمن لنا عدم الاضطرار إلى العودة إلى نفس الوضع بعد عامين أو ثلاثة أو أربعة أعوام”.
بدوره، أشار وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، في كلمته أمام المنتدى إلى أنّ السعودية تعتبر خفض التصعيد في المنطقة “هدفا استراتيجيا”.
وقال: “حين يكون هناك نزاعات في منطقتك فإنها تضع الكثير من الضغوط على المشاعر والمزاج وليس سرا أنّ الاقتصاد يتأثر بالمزاج” العام.
وتابع أنّ “المنطقة تحتاج إلى الاستقرار. المنطقة تحتاج حقيقةً للتركيز على شعوبها ونموها واقتصادها عوضا عن السياسة والنزاعات”.
وأسفرت الحرب المدمرة على قطاع غزّة عن استشهاد 34454 شخصا، معظمهم مدنيّون من النساء والأطفال، حسب حصيلة وزارة الصحّة التابعة لحماس.
وفيما يترقب الفلسطينيون اجتياحا لمدينة رفح في جنوب قطاع غزة تلوّح به إسرائيل منذ أشهر، قال الرئيس الفلسطيني، محمود عباس خلال كلمته أمام المنتدى، إنّ الولايات المتحدة هي “البلد الوحيد” القادر على إيقاف هذا الهجوم الإسرائيلي المحتمل.
وقال عباس: “نناشد الولايات المتحدة الأميركية بالطلب من إسرائيل أنّ تتوقف عن عملية رفح”، لافتا إلى أنها ستكون “أكبر كارثة في تاريخ الشعب الفلسطيني” في حال حدوثها.
وقال رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي بورغ بريندي في مؤتمر صحافي، السبت: “هناك زخم جديد الآن في المحادثات بشأن الرهائن وأيضا من أجل (…) مخرج محتمل من المأزق الذي نواجهه في غزة”، من دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل.
ومع ذلك، لن تكون هناك مشاركة إسرائيلية في القمة، وأشار بريندي إلى أن الوساطة الرسمية التي تشمل قطر ومصر تتكشف في أماكن أخرى.
وأضاف: “ستكون هناك مناقشات بالطبع حول الوضع الإنساني الحالي في غزة” و”ستتم مناقشة الجوانب الإقليمية أيضا مع إيران” التي تدعم حركة حماس وحزب الله اللبناني، خلال ما “يمكن أن يصبح اجتماعا بالغ الأهمية”.
ومطلع الشهر الماضي، تبدّدت الآمال في أن يتمكن الوسطاء من التوصل إلى هدنة جديدة في غزة قبل شهر رمضان أو خلاله.
والسبت، أعلنت حركة حماس أنّها “تدرس” ردّ إسرائيل على اقتراح بشأن هدنة محتملة في غزّة مرتبطة بإطلاق سراح رهائن محتجزين بالقطاع، غداة وصول وفد مصري إلى إسرائيل في محاولة لاستئناف المفاوضات المتعثرة.
ومنذ نشوب الحرب، عملت السعودية مع قوى إقليمية وعالمية أخرى لمحاولة احتواء الحرب في غزة، وتجنب أن تؤدي، مع التداعيات الإقليمية المحتملة لها، إلى عرقلة أجندة الإصلاح الاجتماعي والاقتصادي الطموحة التي تتبناها الرياض، والمعروفة باسم “رؤية 2030”.
وفي أيلول/ سبتمبر الماضي، تحدث ولي العهد، محمد بن سلمان، الحاكم الفعلي للسعودية، بتفاؤل عن الصفقة، في مقابلة مع محطة “فوكس نيوز”، لكن محللين يقولون إن الحرب جعلت الأمر راهنا أكثر صعوبة.
وقال الوزير الإبراهيم، السبت: “بعد مرور ثماني سنوات على رؤية 2030، أظهرنا استعدادنا لقيادة الطريق نحو نموذج للنمو التحوّلي يكون مبتكرًا وشاملًا ومستدامًا. وقد شهدنا بعض النتائج”.
مع ذلك، لا تزال هناك أسئلة حول مقدار ما سيتم تحقيقه من رؤية 2030، ومتى بالتحديد، مع اهتمام خاص بالمشاريع المميزة مثل نيوم، المدينة المستقبلية الضخمة البالغة كلفتها التقديرية عشرات المليارات من الدولارات.
ففي كانون الأول/ ديسمبر الماضي، قال وزير المالية، الجدعان، إن مواعيد إنجاز بعض المشاريع الكبيرة ستُؤجّل إلى ما بعد 2030 من دون تحديد أيّ منها.
وتتوقع السعودية تحقيق عجز في موازنتها حتى 2026 فيما حققت نموا طفيفا جدا في الناتج المحلي الإجمالي على وقع خفض إنتاج النفط.
وأكّد الجدعان، الأحد، أنّ نمو الناتج المحلي الإجمالي غير النفطي “صحي للغاية” مع 4,4 بالمئة، مشيرا إلى أنّ “رؤية 2030 تتمحور أساسا على الناتج المحلي الإجمالي للأنشطة غير النفطية”.
وتُعدّ استضافة الأحداث الدولية، مثل اجتماع المنتدى الاقتصادي العالمي الذي يستمر يومين، فرصة لعرض التغييرات الاجتماعية بما في ذلك إعادة فتح دور السينما ورفع الحظر على قيادة المرأة للسيارات، وارتداء العباءة السوداء، وزيادة مشاركة المرأة في سوق العمل.
المصدر: عرب 48