Jannah Theme License is not validated, Go to the theme options page to validate the license, You need a single license for each domain name.
اخبار الشرق الأوسط

السلطات المحلية العربية في مرمى العنف والجريمة

ازدادت الاعتداءات على منتخبي ومستخدمي السلطات المحلية العربية في الآونة الأخيرة، وسجلت ارتفاعا ملحوظا على خلفية سعي العصابات الإجرامية للسيطرة على السلطات المحلية والحصول على المناقصات العامة والأموال.

آثار إطلاق النار على سيارة رئيس بلدية رهط

بعد مرور ثمانية أشهر على انتخابات السلطات المحلية العربية، تصاعدت جرائم العنف والجريمة ضد منتخبي الجمهور وموظفي السلطات المحلية العربية بشكل ملحوظ.

وتحولت هذه الظاهرة لمصدر قلق كبير وسط تزايد التوترات في عدد من البلدات العربية، إذ سُجّلت 15 جريمة إطلاق النار وتهديدات مباشرة دون أن تتسبب في إصابات جسدية، لكنها أحدثت حالة من الخوف وانعدام الأمان بين العاملين في السلطات المحلية.

لا يخفى القلق المتزايد من أن سعي العصابات الإجرامية للسيطرة على السلطات المحلية والحصول على المناقصات العامة والأموال، مما يتسبب بتهديد المسؤولين المحليين في محاولات التأثير على اتخاذ القرارات. وجرى التحذير من هذا السيناريو حتى قبل الانتخابات الأخيرة بشكل جلي، إذ كانت هناك مخاوف من أن يصبح المشهد السياسي المحلي ساحة لتصفية الحسابات وفرض النفوذ على حساب الأمن العام المتصدع في ظل استشراء الجريمة.

وعلى الرغم من فتح الشرطة ملفات للتحقيق في بعض الجرائم، إلا أن نسبة الجرائم التي تم ضبطها وإغلاق ملفها بنجاح ما زالت منخفضة جدًا في هذا السياق، مما يعزز الشعور بالعجز والخوف بين المسؤولين المحليين والجمهور، إذ لا يزال المواطن العربي يشعر بأن الشرطة تتقاعس وتتواطأ في عملها ولا تردع المجرمين في كافة المجالات.

الأسباب الجذرية.. ما وراء العنف في السلطات المحلية؟

في ظل غياب تفسير واضح لهذه الموجة من العنف، هناك من يعزو الأمر إلى طبيعة الانتخابات المحلية في البلدات العربية، والتي غالبًا ما تُجرى على أسس عائلية أو حمائلية. ترتبط الانتخابات في العديد من البلدات بالتنافس بين العائلات الكبرى أو الحمائل، مما يزيد من حدة الصراع بين الفصائل المختلفة ويفتح المجال أمام المنظمات الإجرامية للتدخل واستغلال هذه الصراعات.

رضا جابر

يقول الباحث في قضايا المجتمع العربي، رضا جابر، لـ”عرب 48” إن “النظام الحمائلي يجعل المنافسة على المناصب المحلية أكثر حدة وتوترًا، حيث يسعى كل طرف إلى حماية مصالحه الشخصية أو العائلية، وهذا ما قد يفسر بعض التوترات والتهديدات التي يواجهها مسؤولو السلطات المحلية”.

غياب الحلول وتفاقم الأزمة

في الوقت الذي تسعى فيه السلطات إلى معالجة المشكلة، يتضح أن هناك حاجة ماسة لإجراءات أكثر حزمًا لضمان سلامة المنتخبين والمسؤولين المحليين. عدم وجود حلول جذرية للقضاء على هذه الظاهرة، سواء من خلال تعزيز حضور الشرطة أو تقوية البنية التحتية الأمنية، يترك المجال مفتوحًا لمزيد من التدهور.

“الخطوات الحالية التي تتخذها الشرطة، على الرغم أهميتها” يوضّح جابر أنها “لا تزال غير كافية للتصدي للتهديدات المتزايدة، وهناك حاجة ماسة لجهود متكاملة بين جميع الشرائح والمجتمع المدني والسلطات لضمان حماية مناخ العمل المحلي وتحقيق الاستقرار”.

وتحذر مديرة غرفة الطوارئ لمكافحة الجريمة والعنف في المجتمع العربي المنبثقة عن اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية، المحامية راوية حندقلو، من تفاقم ظاهرة العنف والجريمة ضد موظفي ومنتخبي الجمهور في السلطات المحلية العربية.

راوية حندقلو

وتقول حندقلو لـ”عرب 48” إن “الوضع قد خرج عن السيطرة، لدرجة أن وتيرة الجرائم لم تتوقف حتى في أوقات الحرب”.

وتشير إلى أن “العنف قد وصل إلى مستويات مقلقة وخطيرة للغاية، حيث تستهدف منظمات الإجرام موظفي السلطات المحلية بطرق غير مسبوقة. نحن في حالة فقدان سيطرة تامة. حتى في أوقات الحرب لم نتوقف عن عدّ ضحايا الجريمة وحالات إطلاق النار في شوارع بلداتنا العربية. لقد وصلت الجريمة ضد موظفي ومنتخبي الجمهور في السلطات المحلية العربية إلى مستوى خطير ومقلق للغاية”.

وتضيف أن “منظمات الإجرام تحاول بوضوح السيطرة على السلطات المحلية من خلال ترهيب الموظفين ومنتخبي الجمهور. هؤلاء الموظفون، الذين يُفترض بهم خدمة المجتمع، يواجهون تهديدات مباشرة على حياتهم، بالإضافة إلى أضرار تصيب ممتلكاتهم. وفي بعض الحالات، فقد هؤلاء الموظفون حياتهم نتيجة هذا العنف والجريمة المنظمة. عندما لا يستطيع منتخبو الجمهور العمل بحرية وبدون خوف، تتضرر قدرتهم على خدمة المواطنين، مما يعزز نفوذ منظمات الإجرام على حساب مجتمعنا، ومما يزيد العبء على المواطن بشكل يومي”.

وتؤكد حندقلو أن “هذه الأزمة تتطلب استجابة فورية وجادة من قبل الجهات المعنية، وخصوصا وزارة الداخلية التي يجب عليها مساءلة الشرطة حول تقاعسها في حماية السلطات المحلية وإنفاذ القانون”.

وتختم مديرة غرفة الطوارئ لمكافحة الجريمة والعنف حديثها بالقول: “نحن أمام أزمة تستوجب استجابة فورية وجادة. حماية موظفي الجمهور ليست مجرد مسألة شخصية، بل هي قضية ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالآفة الأكبر المتمثلة في الجريمة المستشرية في مجتمعنا”.

قبل ثلاثة أشهر تقريبا أطلقت النار تجاه بيت مهندس من منطقة المثلث بعد أن تعرض للتهديدات أكثر من مرة، وأسفر إطلاق النار عن أضرار بالممتلكات، وبسبب تلك الضغوط يدرس المهندس الاستقالة من منصبه، بعد أن لم تتوصل الشرطة إلى مرتكبي الجريمة.

يقول المهندس الذي رفض الإفصاح عن اسمه، لـ”عرب 48“، إنه لم يرد تمرير مخطط لقطعة أرض كبيرة لأنها مخالفة للقانون، “هذا يعرضني لمساءلة قانونية قد أتعرض للسجن أو الاعتقال بسببها، رفضت ذلك مرغما أولا لأن الطلب كان مخالفا للقانون، ويعرضني للاعتقال، جرى إطلاق النار عليّ بعد تهديدي مرتين. لم أتوجه إلى الشرطة لأنني أخاف من أن يتدهور الوضع أكثر، ولا أثق بأن تحل الشرطة المشكلة بل على العكس من الممكن أن تسوء”.

ويؤكد أن “هذا هو الحال في السلطات المحلية، في كل يوم كموظف جمهور تناقش مواطنين، وأحيانا أنت بين نارين، بين سياسات الحكومة التي ترفض مساعدة المواطنين وبين تهديدات العصابات التي تحاول فرض سيطرتها على موارد البلدة، ونحن الذين نتعامل مع الناس في الواجهة. المواطنون يعتقدون أننا نملك الحلول، والخطورة حين تتعامل مع أشخاص لديهم ماض جنائي، لا سلطة ردع ولا أي مساهمة، بات الوضع في غالبية السلطات المحلية سيئ جدا”.

ويقول رئيس بلدية الطيبة، يحيى الحاج يحيى، الذي ألقيت تجاه بيته الأسبوع الماضي قنبلة يدوية، لـ”عرب 48” إنه “لا نعلم حتى الآن من الذي اقترف هذا العمل الإجرامي، ولكن أؤكد أن هذا لن يزيدنا إلا عزيمة لخدمة أهالي الطيبة، ولن تثنينا هذه التهديدات من الاستمرار في عملنا”.

يحيى الحاج يحيى

ويضيف أنه “لغاية الآن، لا يوجد أي اتجاه للتحقيق في هذا السياق والشرطة تقول إنها تحقق في عدة اتجاهات، ولكن المؤكد لدينا أن الاعتداء وقع على خلفية عمل البلدية”.

ويختم رئيس بلدية الطيبة حديثه بالقول “من يريد مني شيئا فإن باب البلدية مفتوح، ومن هنا ندعو الشرطة أن تقوم بعملها كما يجب من أجل القبض على هؤلاء الذين يرتكبون الجرائم الحقيرة بحق منتخبي الجمهور والمواطنين بشكل عام. نرفض كل أشكال العنف والجريمة. فور دخولي البلدية كانت هذه الاحتمالات واردة، ولكننا لن نخضع لها”.


المصدر: عرب 48

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *