الشقيقات من رهط ضحايا اعتداء المستوطنين: هكذا أوقعونا بـ"كمين" وأشعلوا مركبتنا… "رأينا الموت"
تعيش عائلة الجعار من مدينة رهط، حالة من الصدمة المتواصلة، منذ يوم الجمعة الماضي، بعد تعرّض الشقيقات رغدة ونوفة ولميس وهند، والطفلة إيلاف التي تبلغ من العمر عامين ونصف العام، لاعتداء إرهابيّ من قِبل عشرات المستوطنين في بؤرة استيطانيّة في الضفة الغربية المحتلّة، كاد يُودي بحياتهنّ.
تابعوا تطبيق “عرب ٤٨”… سرعة الخبر | دقة المعلومات | عمق التحليلات
وأخطأت الشقيقات الطريق المؤدي إلى مدينة نابلس، ودخلن عن طريق الخطأ إلى مستوطنة “غفعات رونين”، بالقرب من بلدة حوارة، قرب نابلس كذلك. وعند دخولهن، عمد مستوطنون إلى إغلاق الطريق أمامهنّ، وإلقاء الحجارة عليهنّ، وتصويب الأسلحة صوبهنّ، وعلى الطفلة التي لم تتجاوز عامها الثالث بعد. كما أضرم المستوطنون النار في السيارة، فيما كانت الطفلة إيلاف بداخلها، أثناء تعرّض الشقيقات للاعتداء.
وتعاني الشقيقات من جروح وكسور في مختلف أنحاء أجسادهنّ، بفعل الاعتداء من قِبل المستوطنين، الذين لاحَقوا الشقيقات بين الأشجار بعد إحراق مركبتهنّ، وذلك أمام جنود جيش الاحتلال الإسرائيليّ، الذين كانوا يتواجدون في المكان، والذين لم يوفّروا الحماية لهنّ.
ولا تزال الصدمة تُرافق الشقيقات، وبخاصّة الطفلة إيلاف التي تم تصويب السلاح صوب رأسها هي أيضا، ورشّ الغاز المسيل للدموع عليها، إذ باتت ترتجف “عندما ترى شيئا شبيها بالسلاح”. كما أنها لم تعد تنطق بضع كلمات كانت تقولها قبل الاعتداء.
تصويب السلاح صوب رأس طفلة لم تتجاوز عامها الثالث
واستذكرت نوفة الجعار في حديث لـ“عرب 48” الاعتداء الإرهابيّ، التي تعرّضت إليه هي وشقيقاتها، وقالت: “كنا في طريقنا إلى نابلس، يوم الجمعة الماضي، وحينها اعتمدنا على تطبيق توجيه الخرائط عبر الإنترنت، وفجأة أوصلنا نظام توجيه الخرائط إلى مستوطنة ’غفعات رونين’ في قضاء نابلس، وهناك رأينا مستوطنا داخل مركبة، وسألناه عن الطريق المؤدية إلى نابلس، فقال لنا: استمروا في هذا الطريق، وذلك حتى يوقعنا في كمين”.
وأضافت: “أغلَق الطريق خلفنا، حتى لا نتمكن من الخروج من طريق المستوطنة، وأكملنا في الطريق خوفًا منه، وإذ بعشرات المستوطنين أمامنا يلقون الحجارة علينا، ونحن داخل المركبة”.
وتابعت نوفة وهي ترتجف فيما تستذكر الاعتداء: “لم يكتف المستوطنون بإلقاء الحجارة علينا، بل قاموا برشّ الغاز المسيل للدموع، وصوّبوا السلاح نحو رأس الطفلة إيلاف التي تبلغ من العمر عامين ونصف العام، وعلى شقيقتي، وقاموا بتهديدنا بحرق السيارة ونحن بداخلها”.
وقالت: “من الخوف، خرجنا من السيارة، وقاموا بحرق المركبة، وبدأت النيران تندلع ونحن داخل السيارة”، مضيفة: “خرجنا من السيارة بدأنا نركض، والمستوطنون يلاحقوننا من مكان لآخر”.
استمرار الاعتداء على مرأى من جنود الاحتلال
وعن مدى حماية عناصر جيش الاحتلال الإسرائيليّ لهن، قالت نوفة: “ركضنا كثيرًا حتى وصلنا إلى نقطة يتموضع فيها جنود، ولكن للأسف هؤلاء الجنود لم يقوموا باللازم من أجل حمايتنا”.
وشدّدت على أنه “على العكس، استمرّ المستوطنون مطاردتنا، وسرقة أغراضنا أمام الجنود، ومنها الهواتف النقالة والأموال التي كانت معنا”.
والد الشقيقات من رهط المُعتدى عليهن من قِبل مستوطنين قرب نابلس، عدنان جعار، متحدّثا عمّا تواجهه بناته، عقب الاعتداء، مشدّدا على أنّه “يعشن في ضرر نفسيّ، إذ إنهن في صدمة حتى اللحظة، عدا عن الكسور في أجسادهن، بسبب هذا الاعتداء”.
للتفاصيل: https://t.co/kF3Liihq7B
_ تصوير: أمير… pic.twitter.com/clkJEtLKik
— موقع عرب 48 (@arab48website) August 12, 2024
وأضافت نوفة: “لقد سرقوا كل شيء على مرأى من الجنود الذين كانوا في المكان”، مشيرة إلى أنهم “لم يكتفوا بذلك، بل أخذوا هاتف شقيقتي، واتصلوا بوالدتي وقالوا لوالدتي: ’ابنتك تريد القيام بعملية’”.
وتابعت: “والدتي كانت تعلم بالذي يحصل معنا، وقالت لهم: ’أنتم كاذبون’، وأنا أعتقد أنهم قالوا لوالدتي هذا حتى يكون ذلك حجّة لتبرير إجرامهم”.
“لم نتوقّع أن نخرج أحياء”… “اعتداء جماعيّ مخطَّط”
بدورها، أكّدت رغدة الجعار، أنها لم تعتقد أنها وشقيقاتها، سيخرجن سالمات من الاعتداء الإرهابيّ، وقالت لـ”عرب 48″: “عندما حصلت معنا الحادثة (الاعتداء الإرهابي) التي لم نكن نتخيلها في أسوأ الكوابيس، لم نكن نتوقع أن نخرج منها ونحن على قيد الحياة”.
وأضافت رغدة: “إنهم لم يلقوا علينا حجارة صغيرة، بل حجارة كبيرة وقاتلة، وبلطف من الله، نجونا من هذه العملية الإجرامية من قِبل المستوطنين”.
وتابعت: “تسبب الاعتداء لنا بجروح صعبة، وكسور في الأضلاع، ومختلف مناطق الجسم، وتعاني شقيقتي من كسر في قدمها، بسبب هذا الاعتداء الجماعيّ، الذي تم التخطيط له من قِبل المستوطنين، الذين عرفوا أننا عربيات”.
وفي ما يتعلّق بالصدمة التي لا تزال ترافقهنّ منذ تعرّضهن للاعتداء، قالت رغدة: “إيلاف الطفلة ابنة شقيقتي والتي تبلغ من العمر عامين ونصف، حتى اللحظة في صدمة كبرى، إذ إنها كانت تنطق بعض الكلمات قبل الحادثة، ولكها لا تتكلم أبدًا بعدها”، مشيرة إلى أنها باتت “تخاف من الحجارة، ومن كل شيء يشبه السلاح، بسبب تصويب المستوطنين أسلحتهم علينا ونحن داخل المركبة”.
وبشأن مدى ارتداع المستوطنين بسبب تواجُد طفلة مع الشقيقات، أكّدت رغدة أنه “لم يردعهم شيء؛ على العكس، عندما شاهدوا الطفلة قاموا بتصويب السلاح على رأسها، وقاموا برشّ الغاز المسيل للدموع على وجهها”.
وأضافت: “لم يكتفوا بإلقاء الحجارة، بل صوبوا الأسلحة على رؤوسنا، وقد رأينا الموت بأعيننا من إرهاب المستوطنين”، مشددة على أنّ “كل الحديث بالكلام، لا يوصف المشهد (الاعتداء) الذي حصل معنا”.
حالة صدمة مستمرّة
وقال والد المُعتدى عليهن، عدنان جعار: “ما حصل مع بناتي تم تدبيره نوعًا ما، إذ إن المستوطن، الذي كان يقف عند مدخل المستوطنة، قال لبناتي أنهن لم يخطِئن في الطريق، وأدخلهنّ إلى داخل المستوطنة، وذلك حتى يوقعهن في كمين”.
وأضاف: “عندما دخلن، بعث للمستوطنين، وقاموا بالاعتداء عليهن، وهن داخل المركبة”، مشدّدا على أنهم “لم يكتفوا بذلك، بل أحرقوا المربكة، فيما كانت الطفلة التي تبلغ عامين ونصف بداخلها، وبلطف من الله تمكنت والدتها من إخراجها في اللحظات الأخيرة، قبل اشتعال المركبة بشكل كامل”.
وتحدّث الأب عمّا تواجهه بناته، عقب الاعتداء، مشدّدا على أنّ “الضرر الذي يعشنه، ليس المادي، إنما الضرر النفسيّ، إذ إنهن في صدمة حتى اللحظة، عدا عن الكسور في أجسادهن، بسبب هذا الاعتداء”.
وأضاف جعار: “لم يكتفِ المستوطنون بحرق المركبة، وبالاعتداء، بل قاموا بسرقة الأموال، والهواتف النقالة، وكل شي كان بحوزة بناتي”، مشدّدا على أن “هذه جريمة إرهابية، وجريمة سرقة أيضًا”.
وفي ما يتعلّق بتأييد أعضاء في الكنيست للاعتداء الإرهابيّ، ذكر جعار أن هؤلاء، لا يستحقّون أن يكونوا ممثلي جمهور، و”في مناصب مثل هذا النوع، إذ إن ما حصل مع بناتي هو (محاولة قتل) واعتداء إرهابيّ”.
وقال جعار إنه “لو كان من قام بمثل هذا العمل عربيًّا، لأقاموا الدنيا كلّها، وخلقوا قضية كُبرى، وتحدّثوا عنها في الإعلام لأيام وأسابيع، ولكن لأن المعتدى عليهن عربيات، لم يحرّكوا ساكنًا”.
واعتقلت الشرطة الإسرائيلية، في وقت سابق اليوم، مستوطنين اثنين على خلفية الهجوم على 4 نساء وطفلة من مدينة رهط في بؤرة استيطانية بالضفة الغربية المحتلة، وقالت في بيان إن “الحديث يدور عن اعتداء خطير تخلل إلقاء حجارة وتهديد بالسلاح وإضرام النار بمركبة الضحايا”.
فيما قالت العائلة بشأن ذلك: “صحيح أنه تم الإعلان عن اعتقال اثنين من هؤلاء المستوطنين، بالرغم من أنهم كانوا مجموعة كبيرة وعددهم يفوق الـ15 مستوطنا، واعتقال اثنين فقط منهم غير كاف، ولا سيّما أن من شارك في هذه الجريمة مجموعة كبيرة، ونتوقّع أن يتم إطلاق سراحهم بعد مدة قصيرة، بادعاء عدم وجود توثيقات وأدلّة دامغة”.
اقرأ/ي أيضًا | 5 مصابات من رهط جراء هجوم للمستوطنين وحرق سيارتهن في الضفة
اقرأ/ي أيضًا | اعتقال مستوطنين اثنين بالهجوم على نساء وطفلة من رهط بالضفة
اقرأ/ي أيضًا | عضو كنيست تدعم الاعتداء الإرهابي على النساء والطفلة من رهط
المصدر: عرب 48